على الرغم من أن شكري حاول التذرع بالملفات الإقليمية كملف ليبيا وتواجد القوات التركية على أراضيها، لم يتطرق مثلا لملف شرق المتوسط، ولأن الملف الأهم بالنسبة للنظام هو ملف المعارضة المتواجدة على الأراضي التركية، والذي كان محور الجولتين الاستكشافيتين خلال العام المنصرم، إلا أن شكري لم يتطرق إليه
في ظل كل التداعيات، وفي ظل محاولات الاستفادة الأمريكية من الحالة في البحرين المتوسط وإيجة، بل وخلق الظروف التي من شأنها أن تستفيد منها، هل يمكن أن تدخل تركيا في حرب مع اليونان مدفوعة بهذه الاستفزازات اليونانية ومن ورائها الدعم الأمريكي والتحريض الأوروبي؟
يجب ألا يكون هذا الرفض المتجزئ من قبل الغرب؛ مبنيا على أهداف استراتيجية يقصد بها العرب وجل المسلمين، من خلال تصوير ما يحدث في إيران على أنه ثورة على الحجاب والتعاليم الدينية
الأمر بكل بساطة لأي مراقب أن ثمة تحولات إقليمية ودولية في المنطقة على تركيا أن تسرع الخطى حتى تواكبها، وإلا ستجد نفسها واقفة في مربع وحيد وقد احترفت التنقل بين المربعات..
حالة التشرذم التي يعيشها العرب، جعلت كل منطقة جغرافية من وطننا العربي ترى عدوا مختلفا، فالخليج والعراق يرون في إيران العدو لبعدهم الجغرافي عن إسرائيل، فيما ترى دول الطوق إسرائيل عدوا، ولا ترى في إيران عدوا داهم الخطورة، أو تضعه في المرتبة الثانية بعد إسرائيل.
خطاب الصدر الذي لا ينقطع عن محاربة الفساد جعله يركب كل الأمواج، فتارة يركب موجة الغضب الشعبي تجاه الغلاء، وتارة تجاه البطالة وعدم توفير فرص العمل، ولما تشكلت نواة تشرين وبدا أن لها كيان، ركب الرجل الموجة وأنزل أنصاره ذوو القبعات الزرقاء، للتمييز، بين صفوف ثوار تشرين للمطالبة بحقوق الشعب في الثروة
ضرب سهم القناص أردوغان عدة أهداف برمية واحدة، إذ ضرب المنظمات الإرهابية قبيل العملية العسكرية التي ينوي إطلاقها خلال أيام، ويحفظ أمن بلاده من جهة الخارج ويقلل الثغرات، ويطمئن الجبهة الداخلية.
يسعى القناص لحصد أكثر من هدف برمية واحدة، أولها ما يتعلق بأمنه القومي ومحاسبة المليشيات "الإرهابية" الانفصالية، وهو الملف الأهم في سلم أولويات الدولة التركية ومن ثم المواطن والناخب التركي، ملف لا تستطيع المعارضة أن تضربه فيه، وإلا ظهرت بمظهر الخائن لتراب الوطن..
رمزية زيارة أردوغان للمملكة السعودية تتجلى في أن خريطة العلاقات في المنطقة تتشكل بعد عشر سنوات -هي عمر ثورات الربيع العربي- من رسمها، أكد ذلك تصريح الرئيس التركي للصحفيين في أثناء عودته من زيارة المملكة، بأن زيارة للقاهرة ممكنة خلال الفترة القادمة.
هذه العقلية هي التي تحكم العالم الآن بعد الحرب العالمية الثانية فيما يسمى بالأمم المتحدة ومجلسها التنفيذي "مجلس الأمن"، والذي يضم الخمسة الكبار مع رجاحة كفة التصويت فيه نسبيا لصالح أصحاب نظرية أنا الدولة، نظرية تميز الرجل الأبيض
لم يفقد المصريون الأمل في التغيير، ولم تمت ثورة يناير، على الرغم من خطة التشويه المستمرة على مدى إحدى عشرة سنة. فروح الثورة حاضرة وباقية في عقول وأذهان المصريين.
في ظل هذه التناقضات التي عاشها الإعلام الخليجي، وما أحدثه من شرخ كبير، سيأخذ الشرخ وقتا بطبيعة الحال ليلتئم بين الشعوب، لأن الخطأ الأكبر من وجهة نظري هو جر الشعوب لهذا المربع المرعب، فلم يفهم من كان يدير ملف الإعلام، أو ربما لم يفهم من وجّهه، أن الشعوب باقية والأنظمة راحلة
الحقيقية في كل هذه الصراعات والتداعيات والسجالات والتي تدمي القلوب هي أن العراق، الكبير الفاعل في المنطقة صاحب أقوى الجيوش في فترة من الفترات، أصبح مجرد رقعة توجه القوى ضرباتها لبعض بالوكالة
لاحظوا أن الجماعة الوطنية كلما ذهبت إلى التقارب وتجاوز الماضي، خرج المرجفون لينكأوا الجراح ولننجر إلى ما دفعونا إليه، والنتيجة تنزلق أقدام الوطن أكثر في الهاوية التي يأخذنا إليها النظام