صحافة دولية

نيويورك تايمز: ارتفاع عدد ضحايا غوغاء "الفيجلانتي" بالهند

نيويورك تايمز: ازدياد حوادث القتل بسبب الأبقار منذ انتخاب مودي- أ ف ب
نيويورك تايمز: ازدياد حوادث القتل بسبب الأبقار منذ انتخاب مودي- أ ف ب
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتبة إيلن باري، تقول فيه إن أكثر الأخبار تكررا في جنوب آسيا كانت لعقود هي حوادث الحافلات، التي كانت تحصل كثيرا، لدرجة أن المراسلين الأجانب كان يتحيرون في اختيار أكثر تلك الحوادث تميزا -كأن يكون الركاب شيوخا أو أطفالا، أو أن تكون الحافلة سقطت في واد سحيق، أو في بركة ماء أو في البحر- ليجدوا حادثا يستحق التغطية الإعلامية، مشيرة إلى أنه في هذه الأيام في الهند على المراسلين أن يختاروا بين حوادث القتل التي يقوم بها الغوغاء.

وتقول باري: "وجدت نفسي أوازن بين حادثي قتل قام بهما الغوغاء يوم الجمعة الماضي، في جزأين مختلفين من البلاد، ولم أكن متأكدة أي منهما علينا تغطيته، فيوم الخميس كان جنيد خان، طالب المدرسة البالغ من العمر 15 عاما، يركب قطارا مزدحما من دلهي إلى بلده، عندما قامت مجموعة بشتمه على أنه آكل للحوم البقر، ونزعوا القلنسوة عن رأسه، ثم قاموا بطعنه ورميه من القطار، وفي اليوم ذاته في كشمير تم ضرب محمد أيوب بانديث، ضابط شرطة باللباس المدني، حتى الموت، من مجموعة اعتقدت أنه مخبر".

وتعلق الكاتبة قائلة: "تحيرت.. فكيف أختار بين الحادثين؟ ثم تساءلت كيف وصلنا إلى هنا؟ وهو سؤال يسأله آخرون، فبالنسبة للكثير من الهنود الليبراليين، كانت نهاية الأسبوع الماضي هي النقطة التي طفح فيها الكيل".

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هاشتاغ "لينتشستان" راج على "تويتر"، حيث كتب العالم براتاب بهانو ميهتا في مقال غاضب: "لتكن اللعنة على الصامتين"، وكتبت منتجة الأفلام صبا ديوان على "فيسبوك"، تدعو للتظاهر ضد العنف المتزايد ضد المسلمين والهنود من الطبقات المتدنية، وانتشرت الفكرة بسرعة كبيرة، وقامت مظاهرات في 11 مدينة هندية، وتجمع حوالي ألفي شخص مساء الأربعاء عند الغروب وسط دلهي، حاملين لافتات كتب عليها "ليس باسمي". 

وتنقل الصحيفة عن أميتابها باندي، وهو موظف دولة متقاعد، وكان صوّت لناريندرا مودي في انتخابات 2014، أملا في أنه سيصلح الاقتصاد الهندي، قوله: "لا يحتاج الشخص للتظاهر فقط، بل نحتاج لتسجيل ما نشعر به من غم"، وأضاف أنه فقد الثقة برئيس الوزراء مودي بعد عام من انتخابه، عندما لم يشجب مودي مقتل محمد إخلاق في قرية دادري. 

وتابع باندي قائلا: "إنه نسي أساسيات الدستور، التي كان من واجبه أن يحافظ عليها، التي تنص على حق الحياة.. وعندما لم يخرج ليشجب علنا حادثة القتل في دادري، أدركت أن هذا الرجل لا يستحق هذا المنصب".

وتلفت باري إلى أنه على غير ما هي عليه أعمال الشغب بين الهندوس والمسلمين، التي قلت في العقود الأخيرة، فإن حوادث القتل الفردية على يد مجموعات "الفيجالانتي" لا تعد بشكل نظامي في الهند، بالإضافة إلى أن الأعداد ليست بالضخامة التي تشعر الناس بوجود أزمة.

ويفيد التقرير بأن "حوادث القتل بسبب أكل لحوم البقر، أو حتى الإساءة للبقر، التي يعدها الكثير من الهندوس مقدسة، تزايدت منذ انتخاب مودي، بحسب تحليل للأخبار قامت به (إنديا سبند)، وكان من بين 63 اعتداء تم تسجيلها منذ عام 2010، 61 اعتداء حدثت في ظل حكم مودي، بالإضافة إلى أن 24 من 28 شخصا ماتوا في الاعتداءات هم من المسلمين، وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2017، كان هناك 20 اعتداء تتعلق بالبقر أو لحومها، ويشكل هذا الرقم قفزة عن الفترة ذاتها لعام 2016".

وتنوه الصحيفة إلى أن مودي، الذي ساعدته في الوصول إلى منصبه مجموعة "راشتريا سوايامسيفاك سانغ" الهندوسية اليمينية المتطرفة، لم يبذل جهدا لشجب مجموعات "الفيجلانتي"، مع أنه تحدث عندما هوجم هندوس من طبقات دنيا، لافتة إلى أنه ليس هناك ما يشير إلى أن صمته هذا تسبب له بأضرار سياسية، حيث يتمتع بشعبية جيدة على مدى عدة مجموعات ديمغرافية، في حين قال الهندوس الذين تظاهروا بأن لديهم أصدقاء وأقرباء لا يبالون بحوادث القتل تلك، ويقولون إنها مبررة بسبب غزو المسلمين للهند تاريخيا.

وتنقل الكاتبة عن شيفاني كسمورة (20 عاما)، وهي طالبة جامعية، قولها عن أقاربها من الطبقة المتوسطة: "إنهم غير مبالين.. يقولون إنه انتقام، ويقولون إنهم (المسلمون) إرهابيون، وإنهم سيحولون الهندوس إلى مسلمين، وهذه مشاعر هندوسية شائعة، حيث يشعرون بشكل أو بآخر بأنهم ظلموا".

وبحسب التقرير، فإن الناشطين تجمعوا في دلهي في شارع مخصص للتظاهر، واستمعوا لمحمد آثار الدين، قريب جنيد خان الذي قتل في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، الذي قرأ رسالة باللغة الهندية، وقال إنها كانت آخر رسالة من الضحية لأمه، جاء فيها: "أمي العزيزة وصلت إلى الدار، لقد طلبت مني أن أشتري ملابس جديدة من دلهي، لكن القدر أوصلني إلى الجنة، حيث لا يوجد غوغاء قاتلون.. أنا في دار الحق.. ابنك جنيد". 

وتذكر الصحيفة أن كثيرا من المراسلين لم يزورا الشارع لعدة سنوات، منذ حركة محاربة الفساد الكبيرة، التي ساعدت على إيصال حزب الكونغرس إلى السلطة، مشيرة إلى أنه كان من بين المتظاهرين عدد من الشخصيات الذين أوصدت الأبواب أمامهم من النظام اليميني الحاكم، وبينهم سوامي أغنيفيش، وهو رجل دين هندوسي مرتبط بقوة بقضايا حزب المؤتمر الوطني، وامرأة متحولة سمت نفسها فكيرام، وتحسين بوناوالا، وهو مراقب للتوجهات السياسية، وابن رجل أعمال ذو كياسة، كانوا يتحدثون معا عما يأملون أن ينمو ليتحول إلى حركة قوية من هذا النشاط.

وتستدرك باري بأن الواقعيين منهم يعترفون بأن مودي لا يواجه معارضة سياسية قوية، ويتوقع أن يفوز بدورة ثانية لخمس سنوات أخرى عام 2019، منوهة إلى أن نائب رئيس تحرير (هافينغتون بوست إنديا) شيفام فيج، قال مقدما إنه لا جدوى من التظاهر ضد حوادث القتل، ولن يدعي غير ذلك.

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول فيج: "لا تتسبب هذه التظاهرة بأي ضرر لمودي وحزبه، لأن ما تقوله هو أن (مجموعات غوغائية تقتل المسلمين)، وسيقول الكثير من الهندوتفا: (أليس ذلك هو الهدف؟).. إن المجتمع بشكل عام يتجه لليمين.. لكن كم سيستمر هذا التوجه؟ لا أحد يعرف، لكن لن يكون قريبا".
التعليقات (0)