حقوق وحريات

WP: الكارثة التي وقعت بحق مسلمي الهند تتضح كل يوم

أحداث عنف ضد المسلمين في الهند- تويتر
أحداث عنف ضد المسلمين في الهند- تويتر
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على موجة العنف التي اندلعت في مدينة نيودلهي ضد المسلمين.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أنور كسّار كان يتناول الشاي مع أحد الجيران قبل ساعات من إطلاق النار عليه وحرقه حتى الموت. رأى جاره أن الوقت قد حان للمغادرة، إذ اندلع العنف بين الهندوس والمسلمين في الجوار وظهرت شائعات حول العصابات التي تستهدف المسلمين. ومع ذلك، قال أنور إنه لن يبارح مكانه، ويتذكر جاره أنه على الرغم من أنه وشقيقه كانا العائلة المسلمة الوحيدة في البلدة، إلا أن هذا المكان هو منزله لأكثر من 30 سنة، وأن ما كان سيحدث هو مصيره.

وأوضحت الصحيفة أنه في وقت لاحق من ذلك اليوم، سحب العشرات من الرجال أنور، الذي يبلغ من العمر 58 سنة، من منزله وأطلقوا النار عليه وألقوا به في النار في وضح النهار، على حد قول شاهدين أحدهما شقيقه الأصغر سليم كسار، البالغ من العمر 52 سنة. ويُذكر أن سليم شاهد الحادثة من نافذة في الطابق الثالث.

نوّهت الصحيفة بأنه قد مرت أكثر من عشرة أيام منذ أن سقطت دلهي في دوامة العنف بمستوى لم يسبق له مثيل منذ عقود، وما زال حجم الكارثة الحقيقي لعمليات إراقة الدماء يتّضح. لا شك أن ما حدث كان أسوأ بكثير مما يعرفه الناس في البداية، إذ قُتل أو أُصيب بجروح بالغة ما لا يقل عن 53 شخصًا في أعمال عنف استمرت لمدة يومين، ولا تزال حصيلة القتلى في ارتفاع مستمر.

وأفادت الصحيفة بأن غالبية القتلى كانوا من المسلمين، حيث تعرضوا لإطلاق النار أو الاعتداء أو الحرق حتى الموت. بالإضافة إلى ذلك، قُتل ضابط شرطة وضابط مخابرات، وتعرض أكثر من 12 هندوسيًا إلى العنف، سواء بإطلاق النار عليهم أو التعرّض للاعتداء. في المقابل، واجهت قوة الشرطة التي تشرف عليها الحكومة المركزية مباشرة انتقادات لفشلها في وقف العنف. وفي الواقع، يقول شهود إن بعض الضباط انضموا إلى الهجمات على المسلمين.

وبيّنت الصحيفة أن هذا الحدث هو الأعنف من بين أعمال العنف بين الهندوس والمسلمين التي شهدتها العاصمة الهندية منذ سنة 1950 على الأقل. ويأتي ذلك وسط توترات متزايدة حول جدول أعمال رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي سعى إلى التأكيد على الأسبقية الهندوسية في الهند من خلال تدابير تشمل قانون الجنسية المثير للجدل الذي وقع إقراره في كانون الأول/ ديسمبر.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الوحشية كُشفت مع قيام الرئيس ترامب بأول رحلة رسمية له إلى الهند، وهي زيارة استغرقت 36 ساعة وتضمّنت يوما من الاجتماعات في وسط دلهي. وعندما تناول ترامب الغداء مع مودي في 25 شباط/ فبراير في قصر من الحجر الرملي الذي وقع بناؤه في الأصل لأمير، تغيرت حياة الكثيرين إلى الأبد على بعد 10 أميال.

في الحقيقة، حلّت المشاكل على المنطقة بسرعة. ففي 24 شباط/ فبراير، اندلعت أعمال عنف واسعة النطاق بين الهندوس والمسلمين بعد خطاب استفزازي من أحد أعضاء حزب مودي الحاكم بهاراتيا جاناتا، الذي هدد فيه المعارضين لقانون الجنسية. في صباح اليوم التالي، روى سليم المشهد الذي شهده عندما شرع مجموعة من الشباب في تخريب عربته وحرقها. عندها، هرع الرجل إلى الداخل وصرخ على زوجته وأطفاله ليهربوا إلى الخارج. فغادروا سريعا وهم في حالة هلع.

وأكدت الصحيفة أن سليم قال إنه شاهد حشدًا من بضع مئات من الأشخاص، معظمهم يرتدون خوذات ومسلحين بالعصي والسيوف والمسدسات الصغيرة، كما سمع صيحات "النصر للرب رام" التي تميّز القوميين الهندوس والحزب الحاكم. وفي خوف وحالة يأس، شاهد مقتل أخيه أنور.

أولًا، قامت العصابة بتخريب منزل أنور وإلقاء ملابسه ومؤنه من الباب وإشعال النيران فيها، على حد قول سليم. في المقابل، كان بعض الرجال يمسكون بذراعي أنور بينما أطلق عليه شخص آخر النار مرتين، ثم ألقته العصابة في النار. حاول أنور الوقوف على قدميه ولكنه أصيب بطلق ناري للمرة الثالثة. لكن العصابة لم تتوقف عند ذلك الحد، فكانت محطتهم التالية منزل سليم، حيث قام المتظاهرون بتحطيم أرجاء المنزل وإضرام النار فيه.

وقال سليم إنه مع حلول الليل، طلب من جيرانه مساعدته وأسرته على الفرار من المنطقة، فجعلوهم يتنكرون على هيئة الهندوس ورسموا خطّا من عجينة الزعفران على جباههم. وذكر سليم أن الجيران حذروهم من الوقوف والتأمل في منزلهم وأن كل ما عليهم فعله هو الركض.

وأوردت الصحيفة أنه بعد أيام من العنف، كانت الممرات هادئة مرة أخرى. قال أكثر من عشرة من السكان إنهم لم يروا شيئا مما حدث لأنور وهم قابعون في منازلهم، جاهلين سبب ما حدث. من جهته، قال باوان كومار، وهو سائق توكتوك يبلغ من العمر 38 سنة، أنه ليس لديه علم بسبب الواقعة، كما أعرب البعض الآخر عن حزنهم. بالإضافة إلى ذلك، أفاد جيتندرا كومار، الرسام الذي قال إنه شاهد عملية القتل، بأنه شعر بالرعب، وأن الزعماء السياسيين يقسمون الناس حسب جدول أعمالهم، وفي النهاية يكون الموت للمواطن العادي.

في ظهر أحد الأيام الأخيرة، عاد سليم إلى المكان الذي قُتل فيه أخوه وانحنى في شمس الظهيرة وتحسّس كومة من الرماد الأسود والرمادي بيديه بحثا عن العظام. بعدها، رفع الشظايا المتفحمة التي تشبه المفاصل من الأرض ووضعها في وعاء ثم قال وهو ينظر إلى المنازل المحيطة: "كان الكثير من الناس يشاهدون الحادثة من فوق أسطح منازلهم، لكن لا أحد أنقذ أخي".

ونقلت الصحيفة عن اثنين من ضباط الشرطة أن السلطات التقطت نصف ساق متفحمة من المنطقة وأرسلتها لاختبار الحمض النووي باستخدام عينات من سليم وابنة أنور. وقال راجيش ديو، المسؤول البارز في شرطة دلهي الذي يتولى التحقيق في أعمال العنف الواقعة الأسبوع الماضي، إنه ليس على علم بالقضية بعد.

في حديثه عن قتلة أخيه، قال سليم إنهم كانوا في الغالب غرباء من خارج الحي ولكنه تعرف على ثلاثة رجال محليين، أحدهم يعرف بالاسم. وأكّد الرجل قائلا أنه لا يعتقد أنه يستطيع العودة إلى هناك بعد الحادثة. كما لم يتبق لديهم شيئ سوى الملابس التي تكسوهم.

وأوردت الصحيفة أن سليم يفكر في منزله الذي تحوّل إلى ركام، كما أنه يفكر في شقيقه، الرجل الذي كان يفضل المشي حافي القدمين والذي كان طيّبا مع أبنائه وأخواته. وبقي سليم محتفظا بالعظام الهشة والمسودّة التي جمعها، على أمل أن يتمكّن في يوم من الأيام من دفنها في مقبرة أسفل الطريق.
التعليقات (1)
sandokan
الإثنين، 09-03-2020 04:12 م
الحمد لله الذي جعلنى مسلمين موحدين لهو الفضل من قبل و من بعد يا مسلمين اتعضوا من الكفر و الشريك و الإلحاد لا رحمة و لا إنسانية إجرام ما بعده إجرام شوفو الخبث و البعد عن الدين الحق و لا حول و لا قوة إلا بي الله العلي العظيم .. لا تطلب من الله حياة سهلة .. بل اطلب منه القوة لكي تواجه الحياة الصعبة .