صحافة دولية

كيف يؤثر سحب القوات الأمريكية على العلاقات الروسية الألمانية؟

إسبر قال إن بلاده قد تنقل قوات إضافية إلى بولندا ودول البلطيق- جيتي
إسبر قال إن بلاده قد تنقل قوات إضافية إلى بولندا ودول البلطيق- جيتي

نشرت صحيفة "سفابودنايا براسا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن عزم الولايات المتحدة سحب قرابة 12 ألف جندي من ألمانيا، وتخفيض عدد قواتها في المنطقة من 36 ألفا إلى 24 ألفا، وذلك وفقا لما أكده وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر.

وقالت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21"، إنه وفقا لخطط القيادة الأوروبية، من المقرر نشر حوالي 5600 عنصر من قوات الناتو، بينما سيعود 6400 عنصر إلى الولايات المتحدة. سيستمر نشر بقية الوحدات بالتناوب شرقا وفي منطقة البحر الأسود، من أجل "تعزيز احتواء" روسيا وضمان سلامة الحلفاء في الجناح الجنوب شرقي.

ووفقا لإسبر قد تنقل الولايات المتحدة في المستقبل قوات إضافية إلى بولندا ودول البلطيق. بعد توقيع اتفاق حول التعاون الدفاعي مع بولندا، إلى حيث سيتم نقل مقر الفيلق الخامس الذي أنشئ مؤخرا خصيصا للقوات البرية الأمريكية. وتنص الاتفاقية على مشاركة بولندا ماليا في نشر القوات الأمريكية.  

وسيبدأ سحب جزء من الوحدات في غضون أسابيع قليلة. وحسب ما أكده وزير الدفاع الأمريكي سيكون من الضروري حل قضايا السياسة الخارجية والتنظيمية، بما في ذلك تلك التي تتعلق بنشر القوات في قواعد جديدة.

وذكرت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعد سابقا بتخفيض عدد القوات الأمريكية في ألمانيا، وذلك بسبب تأخر مدفوعات برلين للناتو. ولكن تؤكد بعض وسائل الإعلام أن ترامب يريد معاقبة برلين لرفضها الانضمام إلى التحالف المناهض للصين. وفي الواقع، من المحتمل أن يؤثر انسحاب القوات الأمريكية على توازن القوى في أوروبا ويفاقم التوترات بين برلين وواشنطن.

 

اقرأ أيضا: ترامب: لهذا السبب نسحب قواتنا من ألمانيا

وأضافت الصحيفة أن المحللين السياسيين الأمريكيين ينتقدون قرار ترامب لأنهم يرون أنه يظهر رغبة واستعدادا كاملا "للضغط" على الاتحاد الأوروبي وهو أمر يخدم مصلحة الكرملين. وحسب الخبير الروسي في البوابة التحليلية روبالتيك. ري، أليكسي إلياشيفتش، "سيتم تخفيض عدد الأفراد العسكريين الأمريكيين في ألمانيا بمقدار الثلث وهو أمر مهم للغاية".

ونقلت الصحيفة عن الخبير الروسي أن "هذا لا يتعلق بالسياسة فقط وإنما بالاقتصاد أيضا. ففي الآونة الأخيرة، طلبت أربع ولايات ألمانية (بافاريا، هسن، بادن- فوتمبيرغ، راينلاند بالاتينات) من الكونغرس الأمريكي عدم سحب القوات. وبناء على ذلك، من الواضح أن هذه الولايات تحقق مكاسب جيدة من الأمريكيين".

وتساءلت الصحيفة عما إذا كان قرار سحب القوات نهائيا أم هي إحدى خدع ترامب، ومن جهته، يشكك الخبير في إمكانية تنفيذ هذه العملية برمتها في غضون أسابيع قليلة، كما يقول إسبر، ذلك أنه يمكن أن تتأخر لأسباب فنية بحتة.

 

ويضيف الخبير أنه لم يتم تنفيذ العديد من مبادرات الرئيس الأمريكي في المجال العسكري. فعلى سبيل المثال، ناقشت وسائل الإعلام بنشاط السنة الماضية نوايا ترامب لزيادة التمويل من أجل نشر القوات الأمريكية في الخارج، بيد أن الرئيس رفض هذا المقترح.


وفي سؤال الصحيفة عن مدى صحة التقارير التي تفيد بأن ترامب يريد معاقبة ألمانيا لرفضها زيادة المساهمة في ميزانية الناتو والانضمام إلى التحالف ضد الصين، خاصة أن إسبر يتحدث عن ضرورة "تعزيز احتواء" روسيا، أجاب الخبير أنه من المؤكد أن الولايات المتحدة تحاول الضغط على ألمانيا، التي تعتبر حليفا عسكريا لها في أوروبا. ومن الواضح أن الأمريكيين يرغبون في حرمان ألمانيا من مكانتها الخاصة في "جدول الرتب" في الناتو.

أما بالنسبة لتصريحات إسبر، أشار الخبير الروسي إلى ضرورة قراءة ما بين السطور، فتعزيز احتواء روسيا يعني ضمنيا أن القوات الأمريكية التي كانت متمركزة سابقا في ألمانيا سيتم نقلها إلى بولندا ودول البلطيق.

وفي إجابته عن السؤال المتعلق بإمكانية تأثير نقل القوات إلى بولندا أو دول أخرى، على علاقتها بروسيا، وعلى علاقة روسيا مع ألمانيا، والتأثير المحتمل لهذا التخفيض في عدد القوات بالنسبة لألمانيا، أوضح الخبير أنه من الواضح أن روسيا ستنظر إلى إعادة الانتشار على أنها بادرة غير ودية. كما أن كل شيء يعتمد على عدد الجنود الذين سيغادرون ألمانيا ومتى سيحدث ذلك.

 

اقرأ أيضا: واشنطن تقرر سحب 12 ألف جندي من ألمانيا.. الناتو يعلق

ويضيف الخبير: "أعتقد أن الكثير من الأمور تعتمد على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ومن المرجح أن ألمانيا تأمل أنه بعد انتصار بايدن ستعود العلاقات الأمريكية الألمانية إلى سابق عهدها، وسيقع مراجعة العديد من القرارات. إن ألمانيا حاليا في مفترق طرق، وتدرك النخب الألمانية أن الولايات المتحدة لم تعد 'الأخ الأكبر' الذي يمكن الاعتماد عليه دائما. بعبارة أخرى، حان الوقت ليعول الاتحاد الأوروبي على قوته السياسية".

ونقلت الصحيفة عن الخبير في مركز التحليل السياسي أندريه تيخونوف قوله إن "ترامب قدم الكثير من الوعود خلال فترة رئاسته. فعلى سبيل لمثال، هدد إيران وكوريا الشمالية. ولكن، نادرا ما تتحول أقوال ترامب إلى أفعال، وبطبيعة الحال لا يعتبر ذلك أمرا سلبيا دائما. قد يغادر ترامب البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير، خاصة أن هزيمته محسومة حسب استطلاعات الرأي. لذلك، من غير المتوقع أن يجد الوقت الكافي لتنفيذ وعوده المتعلقة بألمانيا".

وفي سؤال الصحيفة عما إذا كان بإمكان انسحاب القوات الأمريكية تحسين علاقة روسيا مع ألمانيا، أوضح أندريه تيخونوف أنه "لا يمكن لروسيا أن تؤثر بأي شكل من الأشكال على عملية نشر القوات الأمريكية في أوروبا. كما أن هذا الأمر لن يؤثر على العلاقات الروسية الألمانية، ناهيك عن أن النخبة الألمانية ليست أقل عدائية تجاه موسكو من الأمريكيين".

التعليقات (0)