أفكَار

كيف أدار إسلاميو فلسطين التداول على المواقع القيادية؟ (2من3)

ثلاثة أمناء عامون تداولوا على قيادة الجهاد الإسلامي  (الأناضول÷
ثلاثة أمناء عامون تداولوا على قيادة الجهاد الإسلامي (الأناضول÷

أعاد السجال الدائر بين قيادات حركة "النهضة" التونسية حول مستقبل التداول على المناصب القيادية في إدارة شأن الحركة استعدادا لمؤتمرهم 11، إلى الواجهة مسألة التناوب على المناصب القيادية لدى التنظيمات الإسلامية بشكل عام.

والحقيقة أن هذا السجال المثار في تونس هذه الأيام، ليس هو الأول من نوعه، لا في تونس ولا في باقي التنظيمات المحسوبة على تيار الإسلام السياسي في المنطقة العربية والإسلامية.. لكن الجديد في هذا الملف أنه يأتي بعد نحو عقد من الزمن من اندلاع ثورات الربيع العربي، وانتقال الإسلام السياسي من المعارضة إلى الحكم، ومن السرية إلى العلن.. 

وعلى الرغم من أن عددا من الحركات الإسلامية تعاملت بسلاسة مع مطلب التداول السلمي على المناصب القيادية كما هو الحال في مصر والمغرب وموريتانيا وفلسطين مثلا، إلا أن هذا التداول لم يسلم من خدوش سياسية وأحيانا شخصية طبعت تاريخ الإسلام السياسي الحديث.. 

"عربي21"، تسأل: كيف تعاطى الإسلاميون مع مطلب التداول السلمي على المناصب القيادية في تنظيماتهم؟ 

الكاتب والإعلامي بسام ناصر يطرح مع نخبة من المشتغلين بالإسلام الحركي تجربة إسلاميي فلسطين في التعاطي مع تحدي التداول على المناصب القيادية..


تجربة حركة الجهاد الإسلامي

تأسست حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بداية ثمانينيات القرن الماضي، على يد الراحل الدكتور فتحي الشقافي، وظل قائدا وأمينا عاما لها حتى اغتاله الموساد الإسرائيلي في مالطا بتاريخ 26 تشرين الأول (أكتوبر)، تشرين أول 1995، أثناء عودته من زيارة لليبيا، وتعد الحركة ثاني أكبر الحركات العسكرية المسلحة ذات التوجه الإسلامي في فلسطين بعد حركة "حماس".

عقدت الحركة مؤتمرها العام الأول عام 1992، بعد إبعاد مؤسسها عن فلسطين، حيث تم اختيار الشقاقي أمينا عاما للحركة في ذلك المؤتمر، وتم إقرار النظام الأساسي واللائحة الداخلية للحركة، وتحديد أهدافها. 

بعد اغتيال الشقاقي خلفه على منصب الأمين العام للحركة، الدكتور رمضان شلح، وبقي في المنصب إلى أن حال المرض دون استمراره في آداء مهامه عام 2018، ثم قررت الحركة إجراء أول انتخابات داخلية عام 2018 منذ تأسيسها، انتخبت فيها زياد النخالة خلفا لرمضان شلح، ومجلس شورى الحركة.
  
وعن طريقة وآلية إسناد القيادة في الحركات الجهادية المسلحة، قال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، نعيم التلاوي "من الصعب أن يطبق على الحركات الجهادية ما يطبق على الحركات والأحزاب السياسية، خاصة ما يتعلق بتصعيد القيادات ففي الحركات الجهادية المسلحة كحركة الجهاد الإسلامي عادة ما يلعب العامل الميداني دورا كبيرا وهاما، وهو ما تجسد في شخصية مؤسس الحركة حيث كان يتمتع بقدرات مميزة في حشد الشباب والتنظيم، وقد برز كأب لهذا التيار منذ ثمانينيات القرن الماضي". 

وأضاف: "بعد أن كبرت الحركة وتوسعت حدث تنافس بين بعض قياداتها وأجنحتها على قيادة الحركة والتوجيه، بين جناح تزعمه فتحي الشقاقي الذي أراد أن تبقى الحركة مستقلة مع إقامة علاقات وفتح قنوات التعاون مع إيران وسوريا، وجناح آخر تزعمه كل من عبد العزيز عودة، وسيد بركة توجه نحو التشيع، وجناح ثالث ركز على العمل القتالي أطلقوا على أنفسهم حزب الله الفلسطيني، بقيادة أحمد حسن مهنا، لكن جناح الشقاقي هو الذي ظهر وكان له الحضور الكبير". 

وتابع: "وكان ظهور حركة الجهاد الإسلامي محل نظر واهتمام من يسعون ليكون لهم وجود في فلسطين كإيران، لا سيما وأن الدكتور الشقاقي أشاد بتجربة الثورة الإيرانية وأثنى عليها في كتابه (الخميني.. الحل الإسلامي والبديل)، باعتبارها من وجهة نظره مثالا لتطبيق فكرة الإسلام هو الحل، وهو ما دفع إيران للتقرب من الحركة وتقديم الدعم لها". 

وردا على سؤال "عربي21" حول مدى تداول المواقع القيادية في حركة الجهاد، لفت التلاوي إلى أن "تجربة الحركة تظهر أن مؤسسها بقي في موقعه كأمين عام وقائد للحركة منذ تأسيسها وحتى اغتياله سنة 1995، ورمضان شلح الأمين الثاني حافظ على موقعه منذ ذلك التاريخ إلى أن أقعده المرض عن الاستمرار في القيام بمهامه، بعدها تم انتخاب الأمين العام الحالي زياد النخالة في الانتخابات التي أجرتها الحركة عام 2018 ولا نعلم هل يعني هذا أن ثمة توجها داخل الحركة لفتح المجال للتداول على المواقع القيادية في قادم الأيام أم ستبقى الممارسة على حالها؟". 

وواصل: "من المستبعد في الحركات الجهادية كحركة الجهاد الإسلامي، أن يحدث تنافس على المواقع القيادية، فشخصية القائد دائما مؤثرة، ولا يمكن لشخصيات أخرى منافسته على ذلك، وهو ما كان واضحا في مسيرة الحركة، إذ إن قادتها لم يتخلوا عن مواقعهم القيادية إلا بسبب القتل والاغتيال أو المرض والموت، ولم تظهر التجربة تداولا حقيقيا على المسؤوليات القيادية، حتى أن الضفة الغربية لم تُعطَ أي مقعد في المكتب السياسي للحركة". 

من جهته أشاد الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني، حسن عبدو بـالعملية الانتخابية التي أجرتها الحركة قبل عامين (2018) "والتي شملت جميع مستويات المواقع القيادية في الحركة، وقد تشكلت لجنة انتخابات مركزية لهذا الغرض استمرت أعمال التحضير ما يقارب عام كامل، وقد جرت الانتخابات في موعدها بسهولة وبقدر عال من النزاهة والشفافية" على حد وصفه. 

وقال عبدو في حواره مع "عربي21": "تم اعتماد الوطن كله دائرة انتخابية واحدة، انتخب الأمين العام زياد النخالة مباشرة من الكتلة الناخبة، وفي ظل وجود الأمين السابق رمضان شلح، كما تم انتخاب تسعة من أعضاء المكتب السياسي خمسة في غزة وأربعة في الخارج، وقد أعلنت الحركة عن أسمائهم جميعا، لكنها حجبت أسماء الفائزين في الضفة الغربية والسجون لأسباب أمنية". 

وأضاف: "الانتخابات التي جرت قبل عامين تمت بالاستناد إلى لوائح وقوانين تم إقرارها مسبقا ما يجعلنا أكثر اطمئنانا لترسيخ التجربة الديمقراطية الداخلية، في العقود الماضية لم تكن التجربة الديمقراطية بهذه الأهمية لأسباب تتعلق بالسرية التي تتبعها الحركة، إضافة للاغتيالات الإسرائيلية التي طالت الأمين العام الأول للحركة". 

ووصف الكاتب والباحث عبدو القريب من الحركة "التجربة الانتخابية التي جرت قبل عامين، والتي شارك فيها جميع أعضاء الحركة الساسيين والعسكريين" بـ"الملهمة جدا، والنجاح الحقيقي مرهون بالاستمرار على هذا النهج". 

ونفى "وجود تيارات فكرية بالمعنى الدقيق للكلمة داخل حركة الجهاد، أما بخصوص التشيع فلم يكن ظاهرة وإنما حالات فردية وقد انتهى من الحركة من خلال قوانين داخلية صارمة تصل إلى حد الفصل، وكذلك جرى مع بعض المتسلفين" وفق عبارته. 

 

إقرأ أيضا: كيف أدار إسلاميو فلسطين التداول على المواقع القيادية؟ (1من3)

التعليقات (0)