كتاب عربي 21

العثماني رئيس وزراء البلاط .. إننا منك براء

عزام التـميمي
1300x600
1300x600

إن لم يكن في خانة النفاق الفاضح والجبن المهين والخنوع المذل فأين يمكن أن يصنف الناس في المغرب، بل وفي العالم العربي، رجلاً مثل سعد الدين العثماني، رئيس وزراء محمد السادس، ومن يقره على ما فعل داخل حزب العدالة والتنمية المغربي؟
 
فقط قبل شهور قليلة، وقف سعد الدين العثماني خطيباً في أتباع حزبه ليعلن أن المغرب يرفض أي تطبيع مع الكيان الصهيوني لأن ذلك يعزز موقفه في مواصلة انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني. وليؤكد على موقف المغرب، ملكا وحكومة وشعبا، والمتمثل في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك، والرافض لأي عملية تهويد أو التفاف على حقوق الفلسطينيين والمقدسيين، وعروبة وإسلامية المسجد الأقصى والقدس الشريف. وليقول بكلمات لا لبس فيها: "هذه خطوط حمر بالنسبة للمغرب، ملكا وحكومة وشعبا، وهذا يستتبع رفض كل التنازلات التي تتم في هذا المجال، ونرفض أيضا كل عملية تطبيع مع الكيان الصهيوني". 


وبالأمس جلس العثماني خانعاً ليوقع على صفقة التطبيع التي أبرمها ملك المغرب، مع الصهاينة نزولاً عند رغبة ترامب، الذي وهبه اعترافاً بسيادة مملكته على الصحراء.
 

كنت أتوقع من العثماني الذي كنت أظن أنني أعرفه أن يفضل الاستقالة على أن يعرض نفسه لهذه المهانة..

كنت أتوقع من العثماني الذي كنت أظن أنني أعرفه أن يفضل الاستقالة على أن يعرض نفسه لهذه المهانة، وكنت أرجو من حزب العدالة والتنمية الذي كنت آمل منه خيراً أن يزهد في المشاركة في سلطة ثبت أنه لا يملك فيها من الصلاحيات إلا دور عامل النظافة، وخاصة بعد تراجع ثورات الربيع العربي، وعودة الثقة لدى ملك المغرب، كما لدى غيره من طغاة العرب، بثبات حكمه في وجه العاصفة، وتجدد الإحساس لديه بالطمأنينة وقد زال – في ظنه – الخطر المحدق بعرشه من غضبة الجماهير التي خرجت تطالب بالحرية والكرامة والقضاء على الفساد.
 
لا أستبعد أن يكون العثماني فعل ما فعل عن قناعة، مبرراً ذلك لنفسه، كما يفعل بعض من ابتلي بهم التيار الإسلامي في مثل موقعه، بمختلف الحجج والمسوغات، من مثل "جلب المصلحة" أو "درء المفسدة" أو "الضرورات تبيح المحظورات" أو غير ذلك مما أقنع به المهزومون أنفسهم ويحاولون به إقناع غيرهم.
 
ولكنني أيضاً أفترض احتمال أن العثماني ربما كان يفضل ألا يكون هو من يوقع على الاتفاق، وخاصة أنه كان قد صرح قريباً جداً بمعارضته له. وأيضاً لأنه "إسلامي"، والإسلامي من حيث التعريف ومن حيث المبدأ لا يمكنه أن يعترف بشرعية الكيان الصهيوني ناهيك عن أن يطبع معه، فذلك في ملة الإسلاميين، بل وفي ملة كل الأحرار، ظلم وعدوان، وضلال وفساد.  
 
لو صح افتراضي هذا، فإن جرم العثماني مضاعف، لأنه يكون قد أصغى لمن أمره بأن يأتي كبيرة ويرتكب جرماً، فأذعن وتنازل عن مبادئه وقناعاته لمجرد أن يبقى في وظيفة وضيعة، ويحافظ على نعمة زائلة، وما هي بنعمة وإنما نقمة والعياذ بالله. حتى أنه قام بمهمة ما كان ينبغي له حتى بروتوكولياً أن يكون صاحبها، وكان يفي بالغرض أن ينتدب صاحب القصر الذي أبرم الصفقة واحداً من أذناب البلاط. فأبى العثماني بذلك إلا أن يكون واحداً من هؤلاء الأذناب وأن يغدو مجرد موظف عند من يدعي أنه أمير المؤمنين.


قام بمهمة ما كان ينبغي له حتى بروتوكولياً أن يكون صاحبها..

لقد قبل العثماني مقابل البقاء في السلطة أن يوقع نيابة عن نظام جائر فاسد لا يمثل أهل المغرب الكرام ولا يعبر عن وجدانهم، ولا يملك هو فيه من أمره شيئاً، ولا يحكم فيه حتى على عقال بعير.
 
أحسب أن الملك حينما أمر رئيس حزب العدالة والتنمية، رئيس وزراء البلاط، بالقيام بتلك المهمة القذرة، إنما كان يريد أن يمعن في إذلاله وقهره، وإذلال وقهر أتباعه، رغبة في أن يضرب أبناء التيار الإسلامي العريض داخل المغرب بعضهم ببعض، ويثبت للجميع أنه تمكن من ترويض هؤلاء الذين كانوا يوماً يرفعون راية الإسلام في حراكهم السياسي ومطالبتهم بالإصلاح والتغيير، وإذا هم في سبيل إرضائه يخونون مبادئهم التي طالما دافعوا عنها ورفعوا شعاراتها.
 
نبرأ إلى الله أيها العثماني مما اقترفته يداك

التعليقات (8)
أم أحمد
الأحد، 31-10-2021 10:34 ص
أرى والله أعلم وبعد قراءتي لتحليلك لأزمة جورج قرداحي أن هناك تشابها في الموقفين. فلماذا ندين هذا وننتقد ذاك؟
محمود عمر
الخميس، 12-08-2021 06:20 ص
أقول للمراكشي إن خيانة ملكك وهشاشة العثماني غير قابلين للنقاش.. لقد ذهبت المغرب إلى جحيم التطبيع، وسوف يلتصق العار بمن وافق ومن طبع ومن وقع إلى يوم الدين.. ماذا كان سيحدث لو استقال العثماني؟ هل كان سيخسر شيئا سوى مقعده الوزاري الذي بات مقعدا نجسا كئيبا؟!! إن ما حدث كارثة عمياء ومصيبة كبرى، لا يسعها أسف، ولا يحتملها اعتذار، ولا يستوعبها استغفار..!!
ابو حمدة
السبت، 26-12-2020 09:50 ص
المراكشي : " المغرب ملكا و شعبا كان و مزال مع القضية الفلسطينية." !!!!!! يا اخي استحي على دمك !!!! .... المسمى السادس ( الملك )على خطهم من زمان !!!!
رزوق بشرى
الجمعة، 25-12-2020 08:57 ص
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا فيما كتبته صوابا .
محمد لعروصي امبيريك
الخميس، 24-12-2020 08:08 ص
أجزم أن في المغرب لا يوجد حزب إسلامي أو يساري أو يميني، كلهم ممثلون أو كومبارس دربتهم المخابرات المغربية، منذ نعومة اظافرهم، من الثانوي إلى الجامعة، مرورا بانتخابات محلية متحكم في نتاىجها، ثم برلمانية، فالقصر يختار من سيقدم ومن سيؤخر حسب المد أو الموضة المتحكمة في العالم، إن كان يسار يعطي أوامره لنجاح اليسار، وإن كان الإسلاميون مسيطرون، مثلما حصل في تركيا وبعدها مصر وغيرهم يحرك الصناديق من أجل( إسلامييه). كلهم رجال مخابرات من قمتهم حتى قاعدتهم، الأحزاب الحرة الحقيقية لا تشارك في مهزلة انتخابات القصر، ولنا في النهج الديمقراطي والعدل والإحسان خير مثال، بن كيران صنيعة البصري ورجله والعثمانية صنيعة المنصوري ورجله....