اقتصاد عربي

لماذا يخشى المصريون زيادة الأجور والعلاوات؟.. "أرقام صادمة"

أكثر من 26 مليون عامل في مصر لن يشملهم قرار زيادة الحد الأدنى للأجور- جيتي
أكثر من 26 مليون عامل في مصر لن يشملهم قرار زيادة الحد الأدنى للأجور- جيتي

أكثر من 26 مليون عامل في مصر لن يشملهم قرار زيادة الحد الأدنى للأجور 

 

مخاوف من خفض قيمة الجنيه وارتفاعات مرتقبة في أسعار السلع والخدمات


أجر ساعة العمل بعد الزيادة الجديدة أقل من دولار مقابل 25 دولارا في جنيف


خبير اقتصادي ورجل أعمال: مصر قد تضطر إلى خفض قيمة الجنيه 40 بالمئة

 


تباينت ردود فعل المصريين حول قرار رفع الحد الأدنى للأجور إلى 2400 جنيه (نحو 153 دولارا) اعتبارا من أول تموز/يوليو المقبل، بين مرحب بهذا القرار خاصة في ظل ما يعانيه المصريون من أوضاع معيشية صعبة، وبين متخوف من قرارات اقتصادية مؤلمة قد تصاحب هذه الزيادة مستندين في مخاوفهم لتردي الأوضاع الاقتصادية بالإضافة إلى سوابق مماثلة.

وبحسب بيان صادر عن الرئاسة المصرية، الإثنين، ستزيد رواتب العاملين بالجهاز الإداري للدولة ومعاشات التقاعد بما إجماليه 68 مليار جنيه مصري (4.3 مليارات دولار).

ووفقا للبيان فإن هذا التغيير سيرفع معاشات التقاعد بحوالي 13 بالمئة بتكلفة 31 مليار جنيه (2 مليار دولار)، وسيرفع الحد الأدنى للأجر الشهري إلى 2400 جنيه (152.7 دولار) بتكلفة إجمالية 37 مليار جنيه (2.3 مليار دولار).

ومن بين إجراءات أخرى تم الإعلان عنها في مراجعة لمسودة ميزانية العام المالي 2021-2022، حوافز مالية قيمتها حوالي 1.5 مليار جنيه (95.2 مليون دولار) لموظفي الجهاز الإداري للدولة الذين ينتقلون إلى عاصمة جديدة يجري بناؤها شرقي القاهرة.

 

"المستفيدون"

وقال وزير المالية المصري محمد معيط، في تصريحات تليفزيونية، مساء الأحد، إن قرار زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 2400 جنيه، سيستفيد منه 5 ملايين عامل بالجهاز الإداري للدولة، كما سيستفيد من زيادة المعاشات 13 بالمئة 10 ملايين مواطن، وسيتم صرف الزيادات اعتبارا من شهر تموز/يوليو المقبل.

وأكد الوزير المصري أن القطاع الخاص غير معني بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 2400 جنيه، موضحا أن هذه الزيادة تقتصر فقط على الموظفين بالجهاز الإداري للدولة وأصحاب المعاشات فقط، (وهو ما يعزز انعدام المساواة بين موظفي الحكومة من ناحية وموظفي القطاع الخاص وأصحاب المهن الحرة والدخول غير الثابتة من ناحية أخرى، الذين يمثلون أغلبية الأيدي العاملة في مصر).

وفي نهاية آذار/مارس 2020، أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري (حكومي) بيانات التعداد الاقتصادي المصري لعام 2018، (تتم كل خمس سنوات)، كشف أن عدد المشتغلين في مصر بلغ نحو 26.021 مليون شخص، وهو ما يعني أن أكثر من 21 مليون عامل في مصر لن يشملهم قرار زيادة الحد الأدنى للأجور، إلى جانب نحو 5 ملايين يعملون في الشوارع مثل الباعة الجائلين والسائقين وغيرهم. (وفقا لحسابات "عربي21"، استنادا إلى تصريح وزير المالية المصري، وبيانات مركز الإحصاء الحكومي).

وحددت المادة (46) من قانون الخدمة المدنية ساعات العمل الأسبوعية بين 35 ساعة كحد أدنى و42 ساعة كحد أقصى، أي أن الحد الأقصى لعدد ساعات العمل يبلغ نحو 168 شهريا (وهو ما يعني أن الحد الأدنى لساعة العمل في مصر يعادل 91 سنتا "أقل من دولار"، مقابل 25 دولارا في جنيف، وهي الأعلى على مستوى العالم، و15 دولارا في أمريكا). وعادة ما تبرر الحكومة المصرية قرارات زيادة أسعار السلع بأنها أرخص من أوروبا وأمريكا.

 

 

"مخاوف"

 

وأبدى اقتصاديون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مخاوفهم من أن تكون زيادة الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات تمهيدا لمجموعة من القرارات الاقتصادية المؤلمة (سيتم الإعلان عنها لاحقا، سواء مع تطبيق القرار أو بعده) أبرزها تخفيض قيمة الجنيه المصري، وزيادات جديدة بأسعار السلع والخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين. 


وتداولوا، على نطاق واسع، تغريدة لكبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي، روبن بروكس، قال فيها إن عجز المدفوعات في مصر يتفاقم، وأن سعر الصرف الحقيقي عاد إلى ما كان عليه قبل خفض العملة في 2016، لذلك اختفت أي ميزة تنافسية لشراء سندات الخزانة المصرية، مما يتطلب خفض أو تحرير سعر صرف الجنيه مثل عام 2016 حتى تستمر الاستثمارات.


وقال بروكس: "الولايات المتحدة الأمريكية مستمرة في اعتماد حوافز مالية إضافية لدفع اقتصادها لمواجهة جائحة فيروس كورونا، وهذا ينتج عنه زيادة في معدلات الفائدة مما يزيد ضعف الاقتصادات الناشئة التي تربط عملاتها بالدولار مثل مصر والإكوادور خاصة في ظل عدم استطاعة الأسواق الناشئة على تقديم حوافز مماثلة".

"تخفيض الجنيه"

 

وقال الخبير الاقتصادي، ورجل الأعمال المصري المقيم في أمريكا، محمود وهبة، عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن "ارتفاع الفائدة بأمريكا سيؤدي إلى هروب المال الساخن من مصر، لأن مزايا التعويم تلاشت وقد ترغم مصر على 40 بالمئة، تعويم ثان، أو زيادة الفائدة 4 بالمئة"، وهو ما وصفه وهبة بالانتحار، محذرا في الوقت ذاته من خطورة لجوء الحكومة إلى اقتراض جديد لسداد القروض القديمة.

ويمثل ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية منذ بداية العام الجاري، خطرا على استثمارات الأجانب في أذون وسندات الخزانة المصرية، والتي يطلق عليها "الأموال الساخنة". وتعتمد مصر على تدفقات الأجانب في أدوات الدين المحلية كمصدر للعملة الصعبة في ظل تراجع إيرادات السياحة والتصدير.

لكن في المقابل يرى مؤيدو قرار زيادة الحد الأدنى للأجور في مصر أنه قرار جريء خاصة في ظل ما تعانيه اقتصادات العالم ومنها مصر من انكماشات حادة بسبب تفشي وباء كورونا.

"أعباء إضافية"

وفي تعليقه على قرار زيادة الحد الأدنى للأجور في مصر، قال الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، إن نظام السيسي كان له سابقة في هذا الإطار سواء قبل قرار تعويم الجنيه في 2016، أو رفع الحد الأدنى للأجور إلى 2000 جنيه، أو القرارات الأخرى التي اتخذت برفع أسعار السلع والخدمات بناء على اتفاق مع صندوق النقد الدولي، كانت كلفة الأعباء المعيشية الناتجة عن هذه القرارات أعلى بكثير من قرارات الزيادة.

وأوضح الصاوي في حديث خاص مع "عربي21"، أن "الحد الأدنى للأجور يقتصر فقط على العاملين في القطاع الحكومي، والقطاع المنظم، أما الجزء الكبير من العمالة المصرية (المهنية والحرفية وغير الماهرة) فيتعرضون لأزمات كبيرة، وقد يضطرون لرفع دخولهم نتيجة للخدمات التي يقدمونها وهو ما يؤثر على حركة العمل بالأسواق إذا ارتفعت الأجور أكثر من اللازم".

وأضاف: "تبقى المشكلة الأكبر في العمالة غير الرسمية، وغير الماهرة، وهؤلاء يتعرضون لتبعات كثيرة جدا لأنهم غير قادرين على رفع دخولهم بشكل يتناسب مع طبيعة الأسعار التي ترتفع أو معدلات التضخم المتوقع أن ترتفع بعد تطبيق القرارات الجديدة".

 

"زيادات طبيعية"

وحول مصادر تمويل زيادات الأجور الجديدة، قال الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، إن تدبير اعتمادات الأجور ليس مشكلة، فهي زيادات سنوية يتم إدراجها في الموازنة بشكل تلقائي.

وأضاف في حديثه مع "عربي21": "الزيادات الإجمالية للقرارات الجديدة، ليست زيادات كبيرة كما يعتقد البعض، بل هي مجرد إقرار للزيادات السنوية المقررة في قانون الخدمة المدنية".

وتابع: "أما عن تكاليف رفع الحد الأدنى للأجور، فمن المعروف أن التوظيف في الحكومة متوقف منذ عدة سنوات، وغالبية العاملين بالدولة يحصلون على الحد الأدنى، وتكلفته لن تزيد عن 37 مليار جنيه".

واستبعد عبد المطلب اتخاذ قرارات اقتصادية مصاحبة لقرار زيادة الحد الأدنى للأجور قائلا: "لا أعتقد أنه سيكون هناك قرارات متوقعة تتعلق بهذا الأمر، سواء في صورة رسوم أو ضرائب جديدة، لأن الدولة سبق بالفعل وفرضت عدة رسوم وزادت قيمة الحصول على عدد من الخدمات"، مضيفا: "اللهم إلا إذا اتخذت الحكومة من ارتفاع أسعار البترول حجة لرفع أسعار البنزين والسولار".

وحول سبب مخاوف المصريين من تبعات زيادة الأجور أو العلاوات، قال عبد المطلب: "أعتقد أن هذا الأمر مرتبط بالثقافة والسوابق التاريخية، فعادة كانت زيادة المرتبات فرصة لزيادة التجار لأسعار سلعهم".

وأضاف: "لكنني أعتقد أن الأمر قد يختلف هذه المرة، فهناك ركود في الأسواق، وهناك أيضا زيادة في معدلات إنتاج السلع الغذائية وتوقف التصدير وغيرها من العوامل التي أدت إلى زيادة المعروض".


وحول الحديث عن أن الحكومة المصرية قد تضطر لتخفيض إضافي للجنيه، قال الخبير الاقتصادي: "أعتقد أن هذا الكلام بلا سند علمي على الإطلاق، نحن في فترة ركود واضحة، وكذلك هناك وباء عالمي منتشر، والدولار أقل من 16 جنيها، ولو كانت هناك ترتيبات لخفض قيمة الجنيه؛ لظهر ذلك جليا في زيادة يومية في أسعار الصرف".

التعليقات (1)
الفلاح ابو جلابيه...
الثلاثاء، 16-03-2021 07:09 م
ياعم الحاج ديه تمثليه لانهم سيقومون بتعويم الجنيه قريبا...حقيقي الحكومه النصابه غلبت ام الجنيه ..انا لو مكان الجنيه اغرق نفسى