تقارير

حائط البراق.. وقف إسلامي خالص يتحدى سيطرة المتباكين

"حائط البراق" هو الجزء الجنوبي من السور الغربي للمسجد الأقصى الشريف
"حائط البراق" هو الجزء الجنوبي من السور الغربي للمسجد الأقصى الشريف

على الجانب الغربي من المسجد الأقصى وفي ركن شديد يقف بشموخ يقاوم عمليات الحفر والتعرية، يواجه بكل بسالة وثبات محاولات تهويد وتدنيس لبقعته التي ترعرع فيها منذ العصر الروماني، خاض حروبا ومعارك عدة جابه من خلالها قوى الظلم التي حاولت السيطرة عليه بشتى الطرق والوسائل.

"حائط البراق" هو الجزء الجنوبي من السور الغربي للمسجد الأقصى الشريف، ويمتد من جهة الجنوب من باب المغاربة باتجاه الشمال إلى المدرسة التنكزية التي حولها الاحتلال الإسرائيلي إلى كنيس ومقرات شرطة، ويبلغ طوله نحو خمسين مترا وارتفاعه نحو عشرين مترا.

وأوضح رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ونائب مدير عام أوقاف القدس الشيخ ناجح بكيرات أن حائط البراق يرتبط بقصة الإسراء والمعراج في التاريخ الإسلامي، ومنها جاءت تسمية الحائط حائط البراق نسبة للدابة التي ركبها النبي محمد ﷺ عند إسرائه ليلا من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى.

وأكد بكيرات في حديثه لـ"عربي21" أن الرسول محمد ﷺ ربط البراق في حلقة على هذا الحائط، ودخل إلى المسجد حيث صلى بالأنبياء ثم عُرج به إلى السماوات العلا.

 

    ناجح بكيرات.. رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ونائب مدير عام أوقاف القدس 


وشدد على أهمية تعميق قدسية أرض فلسطين في عقول الناس واعتبارها قضية تهم العالم الإسلامي واجتمع فيها جميع الأنبياء، مشيرا إلى أن هذا الدور منوط بالخطباء والعلماء.

وقال: "كلما عمقنا هذا الأمر للناس ازداد فهمنا لأهمية رحلة الإسراء والمعراج ولأهمية وجود وإسلامية حائط البراق، بدون ذلك لا يمكن طرح قضية حائط البراق بمجرد مبان وزيادة الوعي العقائدي في هذا الموضوع".
 
وأضاف: "يجب توحيد الجهود جميعها جهود العلماء مكتوبة أو مرئية يجب أن تتوحد وتصب في خدمة التراث المقدسي وخاصة قضية البراق التي تعتبر بداية الخلاف ونهاية المطاف وتوحيد الرؤى والأهداف".
 
وتابع: "نحتاج إلى خبراء ومختصين في مجالات متعددة وخاصة مجال التحليل والتفسير وإصدار كتب حول أهمية حائط البراق وتناول سلسة من المحاضرات التي تعني بحائط البراق وبيان خطورة ما يجري بخطورة تحويل حائط البراق إلى حائط يهودي ومعرفة جيدة بحرب الروايات التي تبدأ شفوية ثم تنتهي مكتوبة ثم تصبح واقع وعليهم أن يحققوا في هذه الرواية وتقديم الراوية الربانية ودحض الراوية اليهودية التي تزعم أن حائط البراق هي بقايا للهيكل".
 
وأكد بكيرات على وجود غياب واضح جدا لعدم توثيق الانتهاكات عند حائط البراق، مشددا على أن هذا يعرض القدس ومناراتها إلى فقدان الكثير من الأجزاء.

وشدد على ضرورة التحدث بكل اللغات وليس اللغة العربية وحدها وذلك لإيصال قضية البراق إلى العالم الدولي.

وبين بكيرات أن الأئمة والخطباء يتعرضون لمضايقات فبعضهم تعرض للاعتقال وما زال، سواء أكان الاعتقال الإداري أو غيره وكذلك الإبعاد لفترات كبيرة ومنع الدخول للأقصى وباحاته كونهم لا يحملون تصاريح أو أنهم يسكنون الضفة الغربية وليس لديهم هوية مقدسية.

وتطرق إلى ما يواجهه الأئمة من الدفع والضرب والاعتداء عليهم والاستدعاء إلى التحقيقات.

وقال: "لا توجد للأئمة إمكانيات، فهم محاصرون في بيوتهم واحتياجاتهم وهذا جانب من محاصرة القضية الفلسطينية والوعي العام لدى الناس عن طريق الأئمة خاصة في فترات الصلاة والأعياد".

ومن جهته أكد الباحث والمختص في تاريخ القدس والمسجد الأقصى إيهاب الجلاد أن حائط البراق سمي بهذا الاسم نسبة إلى دابة البراق التي ربطت عليه عند الباب.

 

             إيهاب الجلاد.. باحث ومختص في تاريخ القدس والمسجد الأقصى 

وقال الجلاد لـ"عربي21": "لا يوجد شخص محدد قام ببناء الحائط فهو يعود لفترات مختلفة فيوجد به ما يعود إلى الفترة الرومانية، وهناك جزء إسلامي".

وأضاف: "يقع الحائط في الجهة الغربية من المسجد الأقصى وهو مكشوف بسبب الزلازل لذلك اعتبره اليهود الحائط القديم المتبقي من البناء القديم من المسجد الأقصى وليس من زمن سليمان فهو بعد سليمان بفترات كبيرة وهم يعتبرونه جزءا من بناء الهيكل وكذلك جزءا من بناء هيرودوتس وبقاياه".
 
وتابع: "يبكي اليهود عند الحائط على أساس تذكرهم خراب الهيكل فهي ليست بكاء وإنما صلاة".

وأوضح الجلاد أن من أسماه حائط المبكى ليس اليهود وإنما الناس الذين شاهدوهم يبكون عنده، مشيرا أن اليهود يطلقون عليه الحائط الغربي.

واستعرض محاولات اليهود السيطرة على هذا الحائط منذ سنوات طويلة.

وبين أن اليهود حاولوا في زمن محمد علي باشا أن يبلطوا الساحة وأن يشتروها إلا أن محمد علي باشا استشار الأئمة والعلماء وأعطوه فتوى بعدم جواز ذلك فمنعهم وكانوا يصلون هناك بموافقة من المسلمين لأنهم كانوا ضعفاء.
 
وقال: "في 1929م ونتيجة للاستفزازات التي كان يقوم بها اليهود عند الحائط تمت المواجهات التي عرفت بثورة البراق والتي أرسل على أثرها لجنة شو والتي أثبتت أن حائط البراق حائطا إسلاميا وليس لليهود حق فيه وبقي الأمر حتى 1948م حيث تم طرد اليهود من البلدة القديمة ولم يعد لهم وجود".

وأضاف: "في العام 1967م وبعد سيطر اليهود على حارة المغاربة وهدموها ووسعوا ساحة البراق وأصبح المكان بشكل رسمي مكان لصلاة اليهود وتم هدم تلة المغاربة ووسعوا مكان صلاة النساء وحولوا القصور إلى حديقة توراتية".

بدورها أكدت المرابطة والمعلمة المقدسية خديجة خويص أن حائط البراق محتل تماما من قبل قوات الجيش الإسرائيلي.

وقالت خويص لـ"عربي 21": "لا يحق للمحتل التواجد في حائط البراق لأنه منطقة إسلامية خالصة فهو جزء من المسجد الأقصى المبارك رغم كل الادعاءات اليهودية".

 

                      خديجة حويص.. المرابطة والمعلمة المقدسية 

وعرفت حائط البراق بأنه "الحائط الغربي من المسجد الأقصى المبارك والساحة التابعة لحائط البراق من جهة باب المغاربة هي المنطقة الأساسية التي يتمركز بها قطعان المستوطنين والمقتحمين للمسجد الأقصى".

وقالت: "منع الوصول لحائط البراق وإقامة الصلوات والانتهاكات ونفخ البوق وزيارة عدد كبر من المتدينين اليهود وجماعات الهيكل والسياح والزوار الأجانب، ومنع المسلمين من التواجد به لإحياء الصلوات فيه انتهاكات يتعرض لها حائط البراق".
 
وأضافت: "لا يمكن الوصول إلى حائط البراق إلا من خلال الذهاب إلى الحارات والمناطق المشرفة عليه، فهنا نستطيع أن نرى الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنين كذلك سماع أصواتهم المرتفعة أثناء تأديتهم لصلواتهم التوراتية والتي تغلب أحيانا على صوت المصلين داخل المسجد الأقصى".

وبينت أن الإبعاد عن المسجد الأقصى وحائط البراق بدأت بأيام ثم إلى أسابيع والآن امتدت إلى ستة شهور بحجة وجود ملف سري يحتوي على معلومات سرية أن هذا المرابط يخل ويشكل خطر على الأمن أو أن وجوده فيه تحريض ويحشد الناس للمرابطة في المسجد الأقصى والتي بدأت منذ العام 2014م.

وأوضحت خويص أن المرابطين داخل المسجد الأقصى المبارك وفي حائط البراق مختلفون في أطيافهم فتجد هناك الشباب والشيوخ والسيدات والأطفال وحلقات العلم، مشيرة إلى أن الاحتلال اعتبر شباب الأقصى تنظيم خارجين عن القانون لاحقهم جميعا واعتقلهم، إضافة إلى ملاحقة المسؤولين عن مصاطب العلم ومنعهم من الذهاب إلى الجزء الغربي ومنع العلاج والسفر والتضييق.
 
وأكدت المعلمة والمرابطة المقدسية أنهم يستمدون مكونات الصمود من حائط البراق كونه جزءا من المسجد الأقصى الذي يشكل عقيدة المسلمين.

وقالت: "فنحن سنحميه ونفديه بأرواحنا وسنبذل الغالي والنفيس لذلك، سيجعلنا أكثر ثباتا وصمودا مهما عملوا من إبعاد وتضييق ووضع شروط تمنع الوصول إلى المسجد الأقصى وحائط البراق".

 

 

 

 

 



التعليقات (0)