قضايا وآراء

مبادرة نداء أهل السودان بين سندان لجان المقاومة ومطرقة قوى الحرية والتغيير

إدريس فريتاي
1300x600
1300x600
منذ الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تنخرط لجان المقاومة، وتجمعات نقابية، وقوى سياسية سودانية في احتجاجات مستمرة، رفضا للقرارات التي اتخذها البرهان والتي أدخلت البلاد في أزمة سياسية كبيرة وفراغ دستوري، حيث يعيش السودان دون حكومة متوافق عليها وبناءً على الضغط الشعبي والدولي.

أعلن الجيش السوداني في الرابع من تموز/ يوليو الماضي الانسحاب من المفاوضات السياسية التي يقودها ممثل الأمم المتحدة لإفساح المجال أمام القوى المدنية لتتوافق على حكومة مدنية، بعدها يُحل مجلس السيادة، ويُشكل مجلس للأمن والدفاع بصلاحيات سيادية واسعة. وقد فشلت الآلية الثلاثية، المكونة من الاتحاد الأفريقي وإيغاد ويونيتامس، التي قادت حوارا في وقت سابق، في التوصل إلى اتفاق مع أطراف الأزمة السودانية.

مبادرات أهلية ووطنية (مبادرة نداء أهل السودان)

في منتصف تموز/ يوليو المنصرم أطلق الشيخ الطيب الجد مبادرة أطلق عليها مبادرة "نداء أهل السودان".

هو الشيخ الطيب الشيخ أحمد الجد العباس الشيخ محمد أحمد موسى محمد ود بدر، التحق بقسم الشريعة كلية الحقوق بكلية غردون عام 1955م، درس الشريعة وتخرج في عام 1959، وفي ذات العام عين في السلك القضائي مساعداً قضائيا في الهيئة، وتدرج في السلك القضائي حتى وصل مرتبة قاض بالمحكمة العليا.

حين انتقل الخليفة عثمان عمر بدر إلى الرفيق الأعلى في آب/ أغسطس 2002، وآلت الخلافة إلى أبناء الشيخ الطيب بدر، أجمعت أسرة ود بدر على اختيار الخليفة الطيب الجد خليفة للشيخ محمد بدر الذي يبلغ من العمر أكثر من تسعين عاما.

وتعتبر هذه المبادرة إحدى المبادرات الأهلية، ويعتبرها أنصار النظام السابق مخرجا لأزمات السودان. وقد حشد لها الكثير من الطرق الصوفية والإدارات القبلية لأواسط وشمال السودان ومؤيدي المجلس الانتقالي.

تتحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير- مجموعة التوافق الوطني" مع المكوّن العسكري في السودان وتدعم قرارات البرهان، وتمثل كيانات سياسية وحركات مسلحة تدعو إلى الحوار والوفاق حول القضايا الوطنية، وتدعم بقوة مبادرة الشيخ الطيب الجد لقطع الطريق على قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي ولجان المقاومة، والقوى الثورية المدنية التي تسعى لإعلان دستور انتقالي وإعلان حكومة مدنية من طرف واحد وتجد التأييد الإقليمي والدولي؛ ويصفها معارضون بأنها جاءت لقطع الطريق على مبادرة ممثل الأمم المتحدة فوكلر، التي توقفت عقب انسحاب المجلس العسكري منها، ويعتبرونها تدويرا للنظام القديم والنخبة الخرطومية التي لن تتخلى عن السلطة، وتتلون وفق مصالحها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتحظى أيضا بتأييد مجموعة اعتصام القصر التحالف الذي اعتمدت عليه قوى الانقلاب العسكري في 25 تشرين الأول/ أكتوبر؛ الذي أطاح بحكومة قوى الحرية والتغيير بقيادة رئيس الوزراء حمدوك.

وتبدي لجان المقاومة والقوى الثورية معارضة شديدة لمبادرة الشيخ الطيب الجد، وتصفها بأنها محاولة يائسة من الانقلابين للخروج من نفقهم بعد أن ضيقت عليهم القوى الثورية ولجان المقاومة الخناق لإسقاطهم.

والمثير للجدل أن حليف الجنرال البرهان العسكري، الفريق محمد حمدان دقلو يؤكد عدم معرفته بها وأن لديه تحفظات عليها. ويبدو أن البرهان سوف يضغط عليه للموافقة على المبادرة.

ويرى متابعون للأزمة السياسية السودانية أن هذه المبادرة لن تنقذ الفترة الانتقالية الهشة، وأنها عمل عاطفي ولا تمثل الحراك السياسي في الشارع السوداني الذي تسيطر عليه قوى المقاومة ولجانها التي تسعى لإسقاط الجنرال البرهان والجنرال حميدتي، وتتمسك باللاءات الثلاث: لا شراكة، لا تفاوض، لا مساومة.

في ظل تلك الأوضاع يعيش السودان في ظروف معقدة من الفراغ الدستوري وعدم وجود حكومة، وتدهور اقتصادي، وحالة أمنية لا يُحسد عليها، واحتقان سياسي ملبد بالغيوم كسماء الخرطوم.. فهل ينجح الشيخ الطيب الجد ومبادرته، ومؤتمر المائدة المستديرة الذي حشدت له الطرق الصوفية والإدارات القبلية وعناصر المؤتمر الوطني وأتباع الحركة الإسلامية والحركات المسلحة ولفيف من الجماعات السلفية، في العبور بالسودان نحو حكومة توافق وإجماع وطني.. أم تصبح المبادرة كسابقاتها؛ عاجزة عن تلبية طموحات الشعب السوداني ولجان مقاومته، وتتحطم عند بوابات "غاضبون بلا حدود" وتظاهرات ضاحية بري شرقي الخرطوم؟
التعليقات (1)
سارة زين العابدين البدوي بله
السبت، 29-10-2022 05:49 م
نتمني من الجماعات السلفية ان يكون لها دور في حل الأزمة السياسية بالسودان لأنها اعلم الناس بكتاب الله وسنة رسول الله وهو الحل الوحيد للأزمة بالسودان عبر دعوة الناس والحكام للتوحيد واجتماعهم علي شرع الله ونبذ كل القوانين الوضعيه