صحافة دولية

ديفيد هيرست: أوسلو ماتت فعليا.. ولا أمل بإقامة دولة للفلسطينيين

هيرست قال إن كافة اتجاهات الاحتلال لا تريد إخراج المستوطنين من القدس والضفة- جيتي
هيرست قال إن كافة اتجاهات الاحتلال لا تريد إخراج المستوطنين من القدس والضفة- جيتي
قال رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي" الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، إنه وبعد مرور 30 عاما على اتفاق أوسلو، الذي مات فعليا، فإن فرصة إقامة دولة فلسطينية، بجانب دولة تعرف نفسها على أنها يهودية، باتت منعدمة.

وأشار هيرست بمقال له في الموقع، ترجمته "عربي21"، إلى أن كافة الأطياف في دولة الاحتلال تسعى لإبقاء المستوطنين في الضفة والقدس، ولا يبدون استعدادهم لإخراجهم من هناك، في ظل فقد السلطة الفلسطينية بوصلتها الوطنية، وسط تطبيع عربي.

وفيما يلي النص الكامل للمقال:

من المؤلم أنه بات واضحاً وضوح الشمس في رائعة النهار أن فرصة إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة تعرف نفسها بأنها دولة يهودية باتت منعدمة، وخاصة بعد موت أوسلو، العملية التي كان يرجى من خلالها التوصل إلى حل لهذا النزاع.

يعيش اليوم في داخل الضفة الغربية والقدس الشرقية ما يقرب من 700 ألف مستوطن، ولا يظهر في الأفق سياسي إسرائيلي واحد ولا حركة إسرائيلية واحدة لديهم الاستعداد لإخراجهم من هناك. بل على العكس تماماً من ذلك، يجري الضم على منوالين: ضم زاحف وهو ما يفضله طيف عريض من النخبة السياسية الإسرائيلية، يمتد من الوسط إلى اليمين، والضم المباشر في أقرب وقت ممكن، كما هو مقترح من قبل الحزب الديني القومي. والذي يمثل القوة التي تحتل موقع القيادة.

أما السلطة الفلسطينية فقد فقدت بوصلتها الوطنية، وفقدت شعبيتها ومغزاها. ولم تعد توجد سوى كامتداد للسياسة الأمنية الإسرائيلية. وانكمشت قدرتها الشرائية وفقدت نفوذها الدبلوماسي في العالم العربي. عندما طبعت الإمارات العربية المتحدة العلاقات مع إسرائيل، أنجزت وقفاً لخطط ضم الأراضي في الضفة الغربية، إلا أن ذلك لا معنى له على الإطلاق في سياق الحكومة الإسرائيلية الحالية.

لسوف نرى عدد الأصناف ضمن قائمة المشتريات التي سوف يتمكن وفد السلطة الفلسطينية من تحصيلها من الرياض. وكما كنت قد كتبت من قبل، أشك في أن المملكة العربية السعودية سوف تطبع مع إسرائيل، وذلك لعدد من الأسباب لا يكاد يربطها شيء بالفلسطينيين، ولا أقل من ذلك رغبتها في رؤية إلى متى سوف يستمر التطبيع الحاصل حالياً مع إيران.

اظهار أخبار متعلقة



ولكن، حتى لو حصل ذلك، أشك في أن السلطة الفلسطينية سوف تحقق الكثير. وهذا الأمر يحدث في وقت يشهد فيه الشارع العربي تأييداً للفلسطينيين لا يقل قوة ولا صخباً عما كان عليه في أي وقت مضى.

ومع ذلك، لا يبدو أن حقيقة أن سياسة حل الدولتين من غير الوارد أن تتحقق على أرض الواقع تحول دون أن تظل هذه الفكرة معشعشة في صدر المجتمع الدولي وفي صدر كل لاعب أساسي ذي علاقة بالأمر، بما في ذلك الأمم المتحدة والصين والهند وروسيا وكل واحدة من الدول الأوروبية، وكل حزب سياسي داخل تلك الدول، الذين يستمرون في الدعوة إلى حل الدولتين رغم أنه غدا غير قابل للتحقق.

لماذا؟ لأن أوسلو، تلك الآلية التي صممت لدعم الدولة الواحدة، والمستمرة في البقاء والتمدد، ليست على وشك الانهيار. في هذه الأثناء تتكرس وتتعزز سياسة دعم الحق الحصري بالسيادة لشعب واحد فقط في هذا الصراع، حتى غدا ذلك في ديمومته شبيهاً بديمومة الجدران والطرق والحواجز التي تقطع أوصال الضفة الغربية وتحولها إلى ما لا يحصى من السجون.

وتستمر أوسلو في الحياة بإصرار لا يقل عن إصرار محمود عباس، الذي يبلغ من العمر سبعة وثمانين عاماً، على البقاء في موقعه. وتستمر في الحياة طالما أنه مستمر في رفض تنظيم انتخابات حرة ونزيهة. وتستمر في الحياة طالما أن إسرائيل والولايات المتحدة مستمرتان في الاحتفاظ حصرياً بالقرار المتعلق بمن سيخلفه في منصبه.

وتستمر في الحياة طالما أن قوات جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني هي عيون وآذان جهاز الأمن الإسرائيلي الشين بيت. وتستمر أوسلو في الحياة من خلال كل التصريحات المراوغة والمخادعة التي تصدر عن المجتمع الدولي بما يفيد تكافؤ العنف. وتستمر في الحياة حينما يشيح الغرب بوجهه بعيداً كلما عاث المستوطنون فساداً وتخريباً في البلدات العربية تحت حماية الجنود الإسرائيليين.

سلطة فلسطينية مشلولة

في الوقت الراهن يتم الإبقاء على سلطة فلسطينية مشلولة على قيد الحياة من خلال أجهزة التنفس الصناعي، وذلك من قبل إسرائيل التي لا توجد لديها نية لإعادة إطلاق المفاوضات. وقد تتساءل: لماذا؟ لأن إبقاء السلطة الفلسطينية في مكانها على قيد الحياة يخدم بشكل وافر مصالح الدولة اليهودية الآخذة في التمدد والتوسع.

طالما وجدت السلطة الفلسطينية تبقى الحدود الشرقية، والتي تشكل أضعف خاصرة بالنسبة لإسرائيل، هادئة ساكنة. ومع ذلك كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن أنه سوف يعزز السياج بجدار. وواقع الحال أنه طالما بقيت السلطة الفلسطينية موجودة، فسوف تبقى منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني مجرد أغلفة فارغة لما كانتا عليه في الماضي. ولذلك لا يخدم مصلحة إسرائيل أن تُحل السلطة الفلسطينية. فالسلطة الفلسطينية تعلب دوراً أساسياً في إبقاء الاحتلال مريحاً قدر الإمكان وبأقل ألم ممكن بالنسبة للمحتل.

ما من شك في أن اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل في عام 1993 كان كارثة بالنسبة للقضية الوطنية الفلسطينية. فمع وجود أوسلو واستمرارها، يستحيل أن تتشكل حكومة وحدة وطنية تتكون من ممثلين عن جميع الفصائل الفلسطينية. كما يستحيل أن تجري مفاوضات سليمة، لأن فصيلاً فلسطينياً واحداً لديه مقعد حول تلك المائدة من المفاوضات.

أما بالنسبة لإسرائيل، فيكاد يكون العكس تماماً هو الذي حصل. إذ ارتفع عدد البلدان التي تعترف بإسرائيل من 110 في عام 1993 إلى 166 في يومنا هذا، وهذا العدد الأخير يمثل ما نسبته 88 بالمائة من مجموع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

وزاد عدد المستوطنين في الضفة الغربية من 115 ألفاً إلى 485 ألفاً، بدون القدس الشرقية، وتلاشى حق العودة كمطلب.

هل كانت أوسلو كفيلة بإقامة دولة فلسطينية قادرة على الحياة؟ أشك في ذلك.

والآن، لقد كان هناك العديد من الأشخاص النزهاء، ومن أصحاب المعرفة العميقة والخبرة الطويلة، ممن شاركوا في مؤتمر مدريد في عام 1991، والذين سيخالفونني الرأي ويقولون إن مدريد تعرضت للطعن في الظهر من قبل ثمانية شهور من المفاوضات السرية التي كانت تجري في العاصمة النرويجية.

لا يوجد لدي سوى مصدر واحد يزعم بأن مدريد كان محكوماً عليه بالفشل منذ البداية. إنه مسؤول أردني، ولكنه يستحق أن يُستمع له.

"لن تكون هناك دولة فلسطينية"

صادفت عدنان أبو عوده، وهو رجل طاعن في السن، وإن كان مازال يتمتع بمكانة مرموقة لدى القصر في عمان، وكان حينها مازال يتنقل هنا وهناك في سيارة رسمية ويدخن أصابع السيجار الرفيع.

كان عدنان أبو عوده، الذي توفي في العام الماضي، مستشاراً للملك حسين حول الشأن الفلسطيني.

وكان الملك قد اختار الرائد عدنان أبو عوده من بين صفوف العاملين في جهاز المخابرات، ورتب له تدريباً على يد المخابرات البريطانية إم آي 6 في لندن، ثم عينه وزيراً للإعلام في حكومته.

في شهر مارس (آذار) من عام 1991 أرسل الملك حسين عدنان أبو عوده إلى واشنطن لرؤية وزير الخارجية الأمريكي جيمز بيكر. كانت المهمة بالغة الحساسية وكان لابد من ترتيبها بشيء من السرية. رافق عدنان أبو عودة الأمير الحسن إلى مؤتمر في سان فرانسيسكو كغطاء للرحلة السرية التي قام بها من هناك إلى واشنطن.

بدأ اللقاء بما لا يبشر بخير. كانت مهمة عدنان أبو عودة معرفة ما هي نوايا الرئيس جورج إتش دبليو بوش من الدعوة إلى مؤتمر دولي ما لبث أن انعقد في مدريد.

على مدى ما يقرب من 15 دقيقة، أخضعه بيكر للشحن بعبارات مبتذلة ثم خلص إلى القول: "هل كلامي واضح؟" رد عليه عوده قائلاً "لا"، وظل ثابتاً في مقعده. كانت توجد في داخل مكتب وزير الخارجية ساعة حائط متصلة بتلك التي توجد داخل غرفة الاستقبال المجاورة، وكانت الساعة تدق كل 15 دقيقة، وكلما دقت دخل أحد المساعدين لاصطحاب عدنان أبو عوده إلى الخارج.

إلا أن عدنان أبو عوده رفض التحرك من مكانه، ومضى بيكر يتحدث لفترة 15 دقيقة أخرى. وحينما أزفت دقت الساعة وظهر بالباب سكرتير الوزير ثانية. ظل عوده على حاله، لم يقنعه ما سمعه، فما كان من الوزير إلا أن قال بانفعال "ماذا تريد؟" وهنا أجابه عوده: "أريد أن أعرف ما هو الذي يراد تحقيقه." فأمر بيكر سكرتيره تارة أخرى بمغادرة الحجرة.

اظهار أخبار متعلقة



قال بيكر مخاطباً ضيفه: "اسمع يا سيد عوده. سوف أخبرك بشيء واحد بوصفي وزيراً للخارجية. لن تكون هناك دولة فلسطينية. قد يكون هناك كيان أقل من دولة وأكثر من استقلال ذاتي. حسناً؟ وذلك هو أفضل ما يمكننا الحصول عليه من الإسرائيليين."

لم تكن تلك أخباراً جديدة بالنسبة للأردنيين. ففي عام 1981، جاء المستعرب الروسي يفغيني بريماكوف، الذي كان حينها يشغل منصب مدير معهد الدراسات الشرقية في أكاديمية العلوم في الاتحاد السوفياتي والنائب الأول لرئيس لجنة السلام السوفياتية، وما أن دخل مكتب عدنان أبو عوده حتى قال له بكل صراحة: "عدنان، انس الأمر، لن تكون هناك دولة فلسطينية."

جيل جديد من المقاومة

أوجدت أوسلو نموذجاً يخلص قوة الاحتلال من أكبر قدر ممكن من آلام الاحتلال ويعفيها من تبعاته. والسؤال هو: إلى متى يمكن أن يبقى الأمر على هذا الحال، بينما تشتعل النيران تحت أقدام المحتلين بشكل متزايد.

استمرت حرب عام 1948 بين العرب وإسرائيل تسعة شهور. وقبل ذلك كانت العصابات الإرهابية اليهودية، مثل الهاغاناه والإرغون، تقتل رؤوس القوم في القرى الفلسطينية وتجبر سكانها على المغادرة. وبالمجمل، تم خلال عام واحد تقريباً إجبار 700 ألف فلسطيني على الهجرة إلى المنافي، فيما بات يعرف بالنكبة.

وفي عام 1967، أثناء حرب الأيام الستة، اكتسح الجيش الإسرائيلي كل ما كان أمامه في أيام معدودة، وكانت النتيجة أن الفلسطينيين لم يغادروا ديارهم بنفس المستوى. وهنا فشلت خطة دافيد بن غوريون الأصلية، التي كانت تقضي بالاستيلاء على أكبر مساحة من الأرض يعيش فيها أقل عدد ممكن من الفلسطينيين، وها هي إسرائيل اليوم تعيش عواقب ذلك.

ولا ريب أن تداعيات أوسلو عمقت إخفاق بن غوريون. صحيح أن عدد المستوطنين تضاعف أربع مرات، ولكن عدد الفلسطينيين في تزايد كذلك، وفي كل المساحة الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط.

ثمة تماثل في أعداد اليهود والفلسطينيين الذين يعيشون ما بين النهر والبحر، وذلك بحسب ما تقوله علا عواد، مدير المكتب المركزي للإحصاء التابع للسلطة الفلسطينية، إذ يبلغ تعداد كل فريق ما يقرب من سبعة ملايين نسمة.

واليوم، يتشكل بسرعة فائقة جيل جديد من المقاومة، فيما يعتبر بلا أدنى شك رد فعل على أوسلو.

لم تمنح أوسلو دوراً للفلسطينيين الذين لم يغادروا ديارهم عندما أعلن عن قيام دولة إسرائيل. وأصبح فلسطينيو 1948 الآن جزءاً لا يتجزأ من القضية الوطنية الفلسطينية، ونفس الأمر ينطبق على سكان القدس. فمنذ عام 2021 غدا الفلسطينيون تارة أخرى وحدة واحدة، وبات الخط الأخضر، وبشكل متزايد، باهتاً.

لقد تعلم الفلسطينيون الذين لم يكونوا قد ولدوا في عام 1993 أن أوسلو لن تحررهم، فغدوا يشاركون في المقاومة المباشرة لعلمهم يقيناً بأنهم تعرضوا للغدر على يد قيادتهم التي جرتهم إلى أوسلو وكذلك على يد المجتمع الدولي.

ولا تقل أهمية عن ذلك المقاومة السلمية كما أثبت مزارعو التلال الجنوبية في منطقة الخليل أو كما أثبت سكان حي شعفاط في القدس، أو كما ثبت في أي مكان آخر يرفض فيه الفلسطينيون تحت وطأة ما يمارس عليهم من ضغوط من قبل المستوطنين ومن قبل الجيش التخلي عن أراضيهم أو مغادرة ديارهم. ليس مهماً كم يوجد من المستوطنات طالما أن الفلسطينيين يرفضون المغادرة.

الصراع على السلطة من أجل السيطرة على إسرائيل

وبينما يتعمق الاحتلال تتعمق الشقوق التي تظهر في صفوف المحتلين. ها هم أتباع إسحق رابين يفقدون السيطرة على المجتمع الإسرائيلي. قبل أوسلو، كان هناك سرديتان – واحدة فلسطينية وأخرى إسرائيلية – أما الآن فهناك ما لا يقل عن ثلاث سرديات، وهناك قتال دام تدور رحاه بين الصهيونية الليبرالية والحركة الدينية القومية.

وهو صراع لم يعد ثمة شك في أن وزير الأمن الوطني الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير سوف يخرج منه منتصراً. وذلك ما أكد عليه الكاتب اليهودي الأمريكي بيتر بينارت في أخر فيديو له من نيويورك، حيث قال مخاطباً الليبراليين إنهم ما لم يتوحدوا على قضية مشتركة مع الفلسطينيين، الذين تم إقصاؤهم من الاحتجاجات ضد الإصلاحات القضائية، فسوف يتم سحقهم من قبل حركة الاستيطان اليمينية.

يعد بينارت واحداً من عدد من الصهاينة الليبراليين السابقين الذين تراجعوا تماماً عن أوسلو.

يقول بينارت، والذي يوجد يهود آخرون مثله، إن الصراع لا يمكن إنهاؤه إلا بحل الدولة الواحدة، حيث ينعم المواطنون المتكافئون، فلسطينيون ويهود، بحقوق متساوية.

ويقول بينارت، وهو محق في ذلك، إن محاربة اليمين الديني من ناحية وقصف جنين من ناحية أخرى رهان خاسر.

ما يسمى بالجناح الليبرالي في الجيش، الشاباك وسلاح الجو، سوف يتم ابتلاعه من قبل اليمين الديني إذا لم يتحالفوا بالكامل مع القضية الفلسطينية، وخاصة أن اليمين الديني يحظى في هذه اللحظة بكل الزخم وينحاز إلى جانبه قطاع كبير من الشباب.

ومن الذي سوف يكون أكثر استعداداً للفرار من ميدان المعركة واللجوء إلى أوروبا؟ الفلسطينيون أم اليهود الأشكناز، بما يحملونه من جوازات سفر أوروبية؟ سوف يكون ذلك، وهو كذلك الآن، الأشكناز، الذين يغادرون إسرائيل متوجهين إلى الولايات المتحدة وتركيا وأوروبا.

بعد أن أعلنت البرتغال أنها سوف تسمح بعودة ذراري اليهود السفارديين الذي طردوا في عهد محاكم التفتيش تقدم ما يقرب من 21 ألف إسرائيلي بطلبات للحصول على جوازات سفر برتغالية، وبذلك يكون عددهم قد فاق عدد من تقدموا بطلبات من البرازيل، المستعمرة البرتغالية السابقة.

بالطبع، من وجهة نظر الفلسطينيين، وما الفرق بين الطرفين بالفعل؟

الفرق الوحيد من وجهة نظرهم ما بين بن غفير وبيني غانتز هو السرعة التي ينبغي أن يتم بها الضم أو توسيع رقعة الاحتلال. يريد بن غفير أن يتم الضم غداً، أما غانتز فيسره أن يتم ذلك بالتدريج شريحة شريحة.

في كلتا الحالتين، الإجراء غير قابل للتراجع. فلا أرض يُستولى عليها ولا مبنى يُصادر تتم إعادته إلى أصحابه.

وحتى حينما سُحب ما يقرب من ثمانية آلاف مستوطن من واحد وعشرين معسكراً من قطاع غزة بأمر من شارون في عام 2005، تم توطين ضعف ذلك العدد داخل الضفة الغربية في العام التالي مباشرة. أي أن عدد المستوطنين لم يتراجع، بل تزايد.

لا يخلو هذا الصراع عن أن يكون حرب استنزاف ومعركة إرادات. لم تكن أوسلو فترة استراحة، وإنما سلاح آخر في الصراع، وغدت اليوم درساً في موضوع "ما الذي ينبغي ألا تفعله".

لا تفاوض إسرائيل إلا عندما تفقد القدرة على الاحتفاظ بنفس مستوى القوة المطلوبة بشكل يومي، في الليل والنهار، لفرض هيمنتها على الأغلبية الفلسطينية. لربما تطلب الوصول إلى تلك النقطة انتفاضة أخرى ولربما استغرق عقوداً من الزمن.

ولكن عندما يحدث ذلك، قد لا يبقى مجال سوى لحل واحد – دولة واحدة لجميع من يعيش فيها من البشر، وقد أصبحوا متساوين.

فقط حينذاك يمكن لدولة فلسطينية حقيقية أن توجد، وحينذاك فقط يمكن لكابوس الاحتلال، ولكابوس أوسلو كذلك، أن ينتهي بحق.
التعليقات (1)
البرغوثي
الجمعة، 08-09-2023 02:48 ص
لا لم تمت ف حكومة السلطة باقية ونامية وهي اكبر واعظم اداة بيد العدو في قهر وقمع وقتل المسلمين هناك