ملفات وتقارير

بعد تحرير الأسرى الفلسطينيين.. تجدد آمال أهالي المعتقلين في مصر بالإفراج عن أبنائهم

فرحة تحرير الأسرى الفلسطينيين تجدد آمال مصريين بخروج آلاف المعتقلين من سجون السيسي- الأناضول
فرحة تحرير الأسرى الفلسطينيين تجدد آمال مصريين بخروج آلاف المعتقلين من سجون السيسي- الأناضول
عبر أهالي بعض المعتقلين المصريين، عن آمالهم في أن يكون لعملية "طوفان الأقصى"، على حدود مصر الشرقية تداعيات إيجابية على ملف المعتقلين السياسيين في البلاد. 

وطالب البعض منهم في حديثهم لـ"عربي21"، العالم الحر بالحديث عن أزمة أكثر من 60 ألف مصري يعانون لأكثر من 10 سنوات في سجون رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، الذي أصبح على شفا وصوله للفترة الرئاسية الثالثة حتى 2030. 

وقالت زوجة أحد المعتقلين لـ"عربي21"، إنهم "بعد (طوفان الأقصى) يحلمون بحل لأزمة ذويهم من المعتقلين، ويتمنون حدوث حراك عالمي يساهم في حل أزمة طالت مئات الآلاف من المصريين". 

ونقلت عن معتقلين وبينهم زوجها، أن "حالتهم المعنوية مرتفعة منذ (طوفان الأقصى)، ويحدوهم الأمل في النصر لفلسطين، والإفراج عنهم قريبا". 

"إبادة هناك وقمع هنا" 
وبينما العالم منشغل بجرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وحرب الإبادة الدموية بحق الفلسطينيين منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يواصل النظام المصري ممارسة أبشع الجرائم بحق مواطنيه، وسط شكاوى المعتقلين من إهمال ملفهم وترك أزمتهم القائمة منذ العام 2013، بلا حل.  

وقدرت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، عدد السجناء والمحبوسين احتياطيا والمحتجزين في مصر حتى بداية آذار/ مارس 2021 بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي. 

ووسط تجاهل إعلامي وخفوت حقوقي وإنكار رسمي، تتزايد حالات الوفاة بين المعتقلين المصريين بشكل مضطرد بسبب الأوضاع المذرية داخل السجون والقيود الأمنية وحرمان المسجونين من حقوقهم القانونية مثل العلاج والزيارة. 

اظهار أخبار متعلقة


وحول أدق الإحصائيات عن عدد وفيات المعتقلين منذ العام 2013 وحتى اليوم بالسجون المصرية، أكد رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر"، الباحث مصطفى خضري، أن "نحو 1024 معتقلا منذ العام 2013، وحتى نهاية 2022". 

وفي حديث سابق مع "عربي21" أوضح أنه "إذا أضيف لذلك العدد من توفي في زنازين الاحتجاز بأقسام الشرطة ومقرات الأمن الوطني فإنه يرتفع العدد إلى الضعف تقريبا". 

وقالت منظمة العفو الدولية، إن مسؤولي السجون بمصر يعرِّضون سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين بدواع سياسية للتعذيب ولظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، ويحرمونهم عمدا من الرعاية الصحية عقابا على معارضتهم. 

وأكدت المنظمة في تقريرها الصادر 25 كانون الثاني/ يناير 2021، أن قسوة السلطات تسببت أو أسهمت في وقوع وفيات أثناء الاحتجاز، كما أنها ألحقت أضرارا لا يمكن علاجها بصحة السجناء. 

وفي الأثناء انتقد "التقرير الخامس" لـ"لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة"، الصادرة الجمعة الماضية، تحايل السلطات الأمنية والقضائية المصرية على المدد القانونية للحبس باستخدام طريقة "تدوير" المعتقلين بدلا من الإفراج عنهم بعد انتهاء مدد محكوميتهم. 

"استمرار الاعتقال" 
وفي أحدث انتهاكات السلطات المصرية، اعتقلت السلطات الأمنية تعسفا وأحالت إلى النيابة العامة عشرات المحتجين السلميين في مظاهرات، خرجت للتضامن مع الفلسطينيين الجمعة 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. 

ورغم أن السيسي، كان قد أعطى الضوء الأخضر لهذه التظاهرات بدعوى رفض الرغبة الإسرائيلية بتهجير أهالي غزة لسيناء، لكن السلطات المصرية عادت ومنعت التظاهرات التي هتفت ضد نظام السيسي. 

وأعلنت منظمة "سيناء لحقوق الإنسان"، أن قوات الجيش فرّقت بعنف في 23 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي تجمعا لسكان شمال سيناء طالبوا بالعودة لأراضيهم المصادرة قرب حدود غزة. 

وفي 15 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، اعتقلت قوات الأمن 10 رجال و3 نساء بعد تفريق مئات المدرسين والمدرسات الذين تجمعوا أمام وزارة التعليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، شرق القاهرة، احتجاجا على الاستبعاد الجماعي لهم من وظيفة تدريس حكومية. 

"لن يفرط في دوره" 
وفي حديثه لـ"عربي21"، لا يعتقد الحقوقي المصري هيثم أبو خليل، بحدوث انفراجة بملف المعتقلين المصريين عقب أحداث "طوفان الأقصى"، متوقعا على العكس من ذلك بزيادة الاعتقالات، ملمحا لوجود مخاوف جديدة لدى النظام بعد "طوفان الأقصى". 

أبو خليل، بين أن "الدور الفاعل للمقاومة في غزة والنجاحات التي قدمتها رغم الوجع والألم أظنه يزيد المخاوف (لدى النظام) من تيار الإسلام السياسي في مصر ومن المعتقلين الذين ينتمي أغلبهم إلى تنظيمات إسلامية أو لديهم خلفيات معارضة". 

وأضاف: "بالعكس أتوقع زيادة عدد المعتقلين"، موضحا أن "النظام المصري يقدم نفسه للكيان المحتل وحلفائه وعلى رأسهم أمريكا بأنه من يكبح جماح أنصار حماس وأنصار المقاومة في مصر، وأنه الذي أطاح بهم". 

ولفت إلى ما اعتبره مفارقة من أنه (السيسي) "يتوسط لصالح الكيان وأسرى الكيان وفي النهاية يساعد على إطلاق سراح أسرى الاحتلال، بينما لديه عشرات الآلاف من المعتقلين في السجون". 

وأضاف: "ورأينا في نيسان/ أبريل 2022، حينما أعلن السيسي، خلال إفطار الأسرة المصرية في شهر رمضان قبل الماضي، عن (الحوار الوطني)، وتفعيل (لجنة العفو الرئاسي)، وفي النهاية الحصيلة إفراجات قليلة، بل على العكس زادت الاعتقالات". 

وأشار إلى "اعتقال عشرات المتظاهرين مؤخرا في جمعة التفويض الوهمية بالقاهرة لأنهم تجاوزوا الخط المرسوم للتظاهر وصدقوا أن تصريح رأس النظام بالتظاهر جاد". 

وفي نهاية حديثه، أكد أبو خليل، أن "الدعم الإقليمي والغربي الذي يحصل عليه هذا النظام هو لأجل استمرار الناس في المعتقلات، الإبقاء على رموز مثل عبدالمنعم أبو الفتوح، وسعد الكتاتني، وحازم أبو إسماعيل، وعصام الحداد، وغيرهم وغيرهم". 

"كارثة يعلمها الجميع" 
من جانبه، قال الحقوقي المصري أحمد العطار: "في الحقيقة فإن كارثية الملف الحقوقي المصري ومعاناة آلاف المعتقلين السياسيين بالسجون وأماكن الاحتجاز، لا تخفى على أي من الجهات الدولية الرسمية وغير الرسمية وسواء حكومات أو المفوضية السامية لحقوق الإنسان". 

المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "قمنا بالشبكة، وغيرنا من المنظمات الحقوقية المصرية والدولية برصد وتوثيق ونشر مئات التقارير الحقوقية التي تدين الانتهاكات التي ترتكبها السلطات الأمنية المصرية، في غياب تام لدور المراقبة والتفتيش المنوط به للنيابة العامة". 

وأكد أنه "رغم ذلك فلم تقم حكومات الدول الكبرى وخاصة أمريكا وفي الاتحاد الأوروبي بالضغط المباشر القوي وفرض عقوبات صارمة على السلطات المصرية لتغير سياستها وتحسين ملف حقوق الإنسان". 

وخلص إلى القول: "ولذا لن أكون متفائلا"، مشيرا إلى أنه "سبق أن أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أثناء حملته الانتخابية أنه لن يسمح للسيسي، بانتهاك حقوق الإنسان في مصر حالة فوزه بالانتخابات الرئاسية، ولكن الواقع، يقول عكس ذلك". 

وفي نهاية حديثه لفت إلى أن "بايدن، أشاد بالسيسي، بالعديد من المناسبات، متناسيا انتهاكاته الكارثية بملف حقوق الإنسان". 

"له ما بعده" 
ويعتقد الكاتب والباحث المهتم بملف المعتقلين في مصر عزت النمر، أن "طوفان الأقصى تمثل حالة إعجاز بشري قامت به المقاومة بمواجهة الآلة العسكرية للكيان، وتجاوز الإعجاز مستوى المقاومة إلى مستوى التفوق في التخطيط العسكري والتدريب والتمويه والتخفي والمواجهات المباشرة". 

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "فضلا عن الإعجاز في تدريب وإعداد العنصر البشري لمستوي تجاوز الإنجاز والإعجاز، وأعتقد أن كليات الحرب والأكاديميات العسكرية ستدرس وتُدَرِّس ما حدث لسنوات طوال، وأنها ستغير من خلال دروسه النظريات العسكرية والقواعد الراسخة القديمة". 

ويعتقد كذلك أن "ما بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله: ليس فقط بالمعادلة الفلسطينية ولا جوهر الصراع بفلسطين فحسب، لكن معادلات القوى بعالم اليوم ستتأثر وستتغير خرائط الصراعات الإقليمية والدولية لآفاق جديدة". 

اظهار أخبار متعلقة


وفي واقعنا المصري، يرى النمر، أن "الأثر المباشر الذي ستتركه عملية طوفان الأقصى سيتمثل باتجاهين، أولهما على نظام السيسي الذي هُزِم مع هزيمة الكيان رغم حالة الثبات المتوهمة على الأرض وفي الواقع". 

ولفت إلى أن "الاتجاه الآخر هي حالة الوعي الضخمة التي خلفها طوفان الأقصى في الشعوب، إذ عرفت مَنْ العدو ومَنْ يقف بمربع العدو، وأيقنت أن نظام السيسي امتداد لحالة الاحتلال وصنو لها، وأن الشعوب إذا ملكت قرار المواجهة تستطيع أن تفرض قرارها مهما كان تفاوت ميزان القوة". 

"استعادت الشعوب" 
وحول دور التطورات والتغيرات السياسية والاستراتيجية والأمنية بالمنطقة عقب طوفان الأقصى في الدفع لحل أزمة المعتقلين المصريين، قال الباحث المصري، إن "إسقاط ذلك على مشهدنا المصري سيُفقِد السيسي وانقلابه وسطوة القوى التي يملكها أثرها على الأرض، وسيمنح الشعوب الجرأة والتحدي، خاصة أن الشعوب وعيت ما اختلط عليها من قبل". 

ولفت إلى أن "طوفان الأقصى مسحت غبار التيه عن الشعوب وعرفت أن الإسلام السياسي والإخوان المسلمين ليسوا كما تسوق الأنظمة العملية، بل هم درع الشعوب وسيفها بمواجهة أعداء الأمة، وأنه في الوقت الذي اصطف فيه نظام السيسي بجانب إسرائيل، فقد كانت الشعوب تنتظر كلمة أبي عبيدة وهو يمثل إخوان فلسطين". 

ويعتقد أن "هذا الأمر سيكون له الأثر المباشر والقريب على قضايا الحرية في مصر وفي القلب منها قضية المعتقلين". 

وحول إمكانية صناعة رأي عام عالمي مناصر للمعتقلين المصريين على غرار الدعم العالمي لغزة وفلسطين، قال النمر: "إذا كان المقصود بالرأي العام العالمي إدراكات شعوب العالم بالقضية: فإن هذا الأمر ينطلق ابتداء من استمساك صاحب الحق بحقه أولا". 

وأضاف: "ثم بعد ذلك تصنعه التضحيات والثبات على المبادئ، ثم تنتجه عقول المقاومة وإرادة المواجهة والقدرة على صناعة الإنجاز والإعجاز، ويعين على ذلك الخطاب السياسي والقدرة على إنجاز أوراق ضغط، والمناورة بها واستخدامها في الوقت الأنسب، فضلا عن الجهاز الإعلامي والإدارة النفسية للأحداث". 

"إزاحة السيسي أولا" 
وفي رؤيته لاحتمالات أن يفتح قرب وصول السيسي لفترة رئاسية ثالثة باب الأمل لحل أزمة المعتقلين، يرى أن "وجود السيسي بالمشهد هو المعلم الخطأ بالمعادلة، واقترابه من فترة رئاسية ثالثة لا يفتح بابا من الأمل لحل أزمة المعتقلين، بل وجوده تكريس لاستمرار حالة الانسداد السياسي واستمرار البغي والظلم". 

اظهار أخبار متعلقة


النمر، خلص للقول إن "أزمة المعتقلين من أزمة مصر في السياسة والحكم والاستبداد والديكتاتورية، وحل أزمة المعتقلين لابد وأن يأتي ضمن سياق تغيير كبير بالمشهد يستلزم غياب السيسي وإبعاد العسكر عن الحكم". 

ويعتقد أن "الأحداث توحي بقرب ذلك، ويعتقد أن طوفان الأقصي ستمثل بداية النهاية لأنظمة العار والخيانة في مشهدنا العربي وعلى رأسها السيسي ونظامه، وبداية النهاية لسطوة الغرب والدور الأمريكي وقبل ذلك بداية النهاية للكيان المحتل لفلسطين". 

"حلم بفرحة مماثلة" 

وفي مقال له بموقع "عربي21"، قال الكاتب الصحفي قطب العربي: "نجد أنفسنا ممزقين بين دموع الفرح بتحرير الأسرى في فلسطين، ودموع الحزن على من يقضون زهرة شبابهم، أو يلقون حتفهم في السجون المصرية، هي فرصة أن نتذكرهم في هذه اللحظات، ربما هذا بعض الوفاء لهم في ظل العجز عن تحريرهم.. ". 

وفي تعليقه على فرحة الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم من سجون الاحتلال عقب هدنة مع المقاومة برعاية دولية مدة 4 أيام بدأت الجمعة الماضية، أعرب القيادي في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور جمال عبد الستار، عن أمله في "فرحة مثلها بخروج عائشة الشاطر، وهدى عبد المنعم، وساميه شنن، وجميع أخواتنا وبناتنا". 

وعبرت بعض الحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن أمنيتها بأن يقيض للمصريين من يقاوم الظلم ويفرج عن المعتقلين في سجون السيسي. 

وفتح نجاح المقاومة الفلسطينية في تحرير عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل سيلا من الأماني العربية بتحرير المعتقلات والمعتقلين العرب في العراق وسوريا والسعودية والبحرين.


التعليقات (0)