اقتصاد عربي

ما تداعيات مشروع قانون الضرائب الجديد على الدخل في مصر؟

تطمح الحكومة المصرية في زيادة حصيلة الضرائب بنسبة 35% وجمع 1.5 تريليون جنيه للسنة المالية الحالية- جيتي
تطمح الحكومة المصرية في زيادة حصيلة الضرائب بنسبة 35% وجمع 1.5 تريليون جنيه للسنة المالية الحالية- جيتي
تعتزم الحكومة المصرية طرح مشروع قانون جديد للضرائب على الدخل، بعد أقل من عام على موافقة مجلس النواب المصري في آيار/ مايو الماضي على استحداث ضريبة جديدة على الدخل بنسبة 27.5% تُفرض على من يزيد دخله السنوي على 1.2 مليون جنيه (نحو 38.5 ألف دولار).

ضريبة الدخل هي ضرائب مباشرة تحصلها الحكومات من الأفراد والهيئات مثل ضريبة الدخل، أما الضرائب غير المباشرة، فهي ما يتم تحصيله كضرائب على السلع والخدمات، مثل ضريبة المبيعات والقيمة المضافة، ولا تميز بين فقير أو غني.

في آيار/ مايو 2023 أقر البرلمان المصري مشروع قانون مقدما من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 وتعديل بعض أحكام القانون رقم 182 لسنة 2020 وتتضمن إلغاء إعفاءات وزيادة شريحة جديدة من الضرائب.

تطمح الحكومة المصرية في زيادة حصيلة الضرائب أهم موارد الدولة بنسبة 35% وجمع 1.5 تريليون جنيه للسنة المالية الحالية، التي تنتهي في 30 حزيران/ يونيو 2024، مقابل 1.1 تريليون جنيه في السنة المالية المنصرمة، (الدولار يعادل نحو 31 جنيها).

وتشكل حصيلة الضريبة على الدخل نحو 16% من حصيلة الضرائب وتأمل الحكومة في زيادتها إلى 219.9 مليار جنيه، في العام المالي مقارنة بنحو 181.7 مليار جنيه العام الماضي، بنسبة زيادة تقترب من 21% على الأقل.

اظهار أخبار متعلقة


وبررت الحكومة وقتها مشروع القانون بضرورة إدخال بعض التعديلات الجوهرية على قانون الضريبة على الدخل التي لا تحتمل "التأجيل" أو انتظار صدور قانون متكامل لإعادة تنظيم الضريبة على الدخل بدعوى تحقيق العدالة الاجتماعية.

وانتقد رئيس منتدى التنمية والقيمة المُضافة، أحمد خزيم "إصرار الحكومة المصرية على التحرك اقتصاديا وفقا لمفهوم مدرسة الجباية التي تنتهجها كأسرع الحلول لمعالجة أزماتها المالية وسد عجز الموازنة والتي أثبتت السنوات والتعديلات المستمرة على قانون الضرائب فشله وعدم جدواه في ظل تجاهل التركيز على إصلاح الاقتصاد الكلي للبلاد".

وحذر الخبير الاقتصادي في تصريحات لـ"عربي21": "من مغبة التوسع في فرض المزيد من الضرائب أو استحداث ضرائب جديدة لما لذلك من آثار سلبية على المواطنين حيث أن مساواة المواطنين بتحصيل ضرائب القيمة المضافة وضريبة المبيعات لا تحقق العدالة الضريبية، وتخلق نظاما مشوها من الضرائب بين المواطنين".

و"لا يملك وزراء المجموعة الاقتصادية، رؤية اقتصادية جادة وشجاعة للخروج من الأزمة ومواجهة الأغنياء بتعديلات تحقق الغرض من الضرائب، ومفهومها للاقتصاد قائم على نظرية الاقتصاد الريعي، وتتجاهل مدرسة القيمة المضافة التي تسهم في تنمية موارد الدولة مثل زيادة الإنتاج والتصنيع في قطاعات الزراعة والصناعة وبالتالي زيادة الصادرات". بحسب خزيم.

زيادة أسعار تسبق الضرائب
ومطلع العام الجاري فرضت الحكومة حزمة من زيادة الأسعار على الخدمات والرسوم تضمنت زيادة أسعار خدمات استراتيجية رئيسية مثل الكهرباء والنقل والمواصلات والاتصالات والإنترنت ومضاعفة قيمة رسوم بعض الأوراق والمستندات الحكومية.

وهاجم النائب أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، عبد المنعم إمام، في وقت سابق، قرارات زيادات الأسعار ووصفها بأنها أمر غير منطقي وغير سياسي، مشيرا إلى أن 80% من إيرادات الدولة مصدرها أموال الضرائب.

تتوقع الحكومة أن يكون حجم النفقات في 2023-2024 بقيمة 3 تريليونات جنيه، أما الإيرادات المتوقعة فتبلغ 2.1 تريليون جنيه مصري، بحسب بيان وزارة المالية.

اظهار أخبار متعلقة


سياسة الطبقة الحاكمة ضد البسطاء
اعتبر المستشار الاقتصادي، الدكتور حسام الشاذلي، أن "النظام الحالي يحترف منذ سنوات وتحديدا منذ 10 سنوات استراتيجية الاقتصاد المسموم القائمة على التفريط في مقدرات المصريين وإفقارهم نتيجة سياسات اقتصادية غير مدروسة وسلسلة قرارات خاطئة ومجموعة من الوزراء الفاشلين الذين أوردوا البلاد موارد الإفلاس نتيجة التوسع في الاستدانة".

وأوضح أستاذ إدارة التغيير والتخطيط الاستراتيجي الزائر بجامعة كامبريدج، في حديثه لـ"عربي21" أن "حديث النظام وأذرعه الاقتصادية أن النظام الضريبي الجديد يستهدف معالجة التشوهات، أو حماية الطبقات المحدودة الدخل والمتوسطة هو مجرد شعارات رنانة لذر الرماد في العيون ولا يتم تطبيقها على الأمر الواقع وإلا ماذا يعني زيادة الأعباء على المواطنين واستنفاد الحكومة كل وسائلها للاقتراض سوى فرض المزيد من الضرائب".

وأكد أن "كل مؤشرات النظام التي يقدمها على ورق من بيانات وأرقام طوال العقد الماضي كانت مجرد سراب وخداع ومؤشرات خادعة عن وضع مهزوز اقتصاديا وفارغ ماليا وفاشل نقديا ويحمل في طياته الخراب للمصريين وهو ما نراه الآن حيث تلاشت مدخرات المصريين وقدراتهم على الشراء بشكل أكبر جعل من الحياة في ظل الغلاء والأسعار المرتفعة صعبة ومعقدة".

انتقادات حقوقية للعدالة الضريبية
ولطالما تعرضت سياسات الحكومة المصرية الضريبية إلى انتقادات واسعة بسبب تحاملها على المواطنين البسطاء ومجاملة الأغنياء، ووصفت مؤسسة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في ورقة بحثية لها السياسات الضريبية التي تنتهجها الحكومة بأنها تحمّل في مجملها العبء الضريبي للفئات الأقل دخلًا وهو ما يتعارض مع مفهوم العدالة الضريبية مقابل تقديم تنازلات للمستثمرين.

وجددت المبادرة مطالبتها المستمرة بتوسيع القاعدة الضريبية بما لا يحمل الفقراء العبء الاقتصادي والاجتماعي عن طريق الالتزام بالاستحقاقات الدستورية في المادتين 27 و38 بتنويع مصادر الضرائب وأن تكون الضرائب تصاعدية وفقا لقدرات الشرائح.
التعليقات (0)