طب وصحة

لماذا ليس من الجيد أن يكون الأطفال مطيعين دائما؟

في كثير من الأحيان إن  الطاعة المفرطة يمكنها إخفاء مشاكل خطيرة- جيتي
في كثير من الأحيان إن الطاعة المفرطة يمكنها إخفاء مشاكل خطيرة- جيتي
يريد جميع الآباء أو الغالبية العظمى منهم أن يكون أطفالهم جيدين ومطيعين ومسؤولين، ولكن هذا لا يحدث دائمًا. وقد يقودنا هذا إلى الاعتقاد بأن أطفالنا سيئون وعاصون، وأنه في المستقبل سنواجه مشاكل، ومع ذلك، هذا ليس صحيحا تماما. 

ونشر موقع "كويدات بلس"  الإسباني، تقريرا، ترجمته "عربي21"، جاء فيه أن سيلفي بيريز، وهو الأستاذ المتعاون في دراسات علم النفس والعلوم التربوية في الجامعة المفتوحة بكاتالونيا، يرى أن "الطفل أو المراهق الذي يقلق علماء النفس أكثر من غيره، هو الطفل الذي لا يعاني من أعراض، أي الطفل الذي لا يشكك أبدا في أي شيء، والذي يطيع كل شيء".

وأوضح الموقع أن "الناس عادة يربطون السلوك الجيد بـ"الطاعة"ـ والتصرف بشكل سيئ مع "العصيان"؛ لأننا نطبق المعيار الأخلاقي للبالغين على الأطفال"، كما تقول سيلفي بيريز، ولكن يجب أن يعرف الآباء أن الأطفال الذين يتبعون تطورا معرفيّا أو حركيّا لجوانب أخرى، مثل الكلام أو القدرة على المشي بمفردهم، وما إلى ذلك، "لا ترتبط مفاهيم الخير والشر بشكل صحيح لديهم حتى سن 12 عاما تقريبا".

وأفاد الموقع أنه وفقا لهذه النظرية، يجب ألا يلتزم الأطفال بالطاعة حتى هذا العمر، الذي عنده سيعرفون كيفية التمييز بين الخير والشر، ولكن الحقيقة هي أنهم، لسبب ما، يطيعون، لماذا؟ الإجابة على هذا السؤال، وفقا لسيلفي بيريز، بسيطة؛ "إنهم يفعلون ذلك من خلال الاستجابة لطريقة العقاب والمكافأة". ووفقا لها: "يفعل الأطفال أشياء لتجنب العقوبات أو للحصول على مكافآت".

ويبيّن الموقع أنه "من الشائع أن يملي الشخص البالغ سلسلة من المبادئ التوجيهية التي يجب على الطفل قبولها"؛ حيث تقول سيلفي بيريز: "نحن نعيش في عالم غير مرن للغاية؛ لأنه كقاعدة عامة، يترك الأطفال المدرسة، ويقومون بالمناهج الدراسية، ويلعبون وقتا محددا في الحديقة، ويتناولون العشاء في وقت معين، ولا يمكنهم مشاهدة التلفزيون لأكثر من بضع دقائق، أي إن كل شيء مقرر، وفي هذا العالم، في بعض الأحيان، نجد أطفالا لا يطيعون؛ لأنهم يشككون في القاعدة"، وعلى الرغم مما يعتقده العديد من الآباء في هؤلاء الأطفال الذين يشككون في الأشياء، و"الذين لا يفهمون لماذا يجب أن يكون الأمر على هذا النحو، وإذا فعلوا ذلك دون عدوان، فهو عرض جيد".

وتابع: "من المهم أن يتم منح الأطفال الفرصة لإبداء إرادتهم والتحقق مما إذا كان ما يقولونه مقبولا أم لا. نصيحة أخرى، هي عدم تركيز المحادثة على مدى حُسن أو سوء تصرفهم، ولكن على الحقائق: مدى جودة تناولك للطعام، ومدى جودة اللعب مع الأجداد". ويضيف الخبراء أن "هذا مهم؛ لأن التصرف بشكل جيد أو سيئ، هو حكم أخلاقي للبالغين، ولكن اللعب مع الأجداد أمر إيجابي، حتى لو لم يستجب للسلوك الجيد أو السيئ".

وذكر الموقع أن ما هو ضروري هو قضاء بعض الوقت معهم والاهتمام باحتياجاتهم؛ حيث تقول بولا موراليس، الخبيرة في الجامعة المفتوحة بكاتالونيا: "من المهم أن يكون الوقت الجماعي وقتا جيدا؛ لأن ذلك يحدث الفرق". ومن المهم أيضا قضاء هذا الوقت في الاستماع إليهم وأخذ آرائهم في الاعتبار، فالموارد العاطفية والتواصلية للآباء ضرورية لتعليم الأطفال الذين سيشعرون، بدلا من الطاعة فقط، أن البالغين يثقون بهم؛ وتوضح موراليس: "يقول إن هؤلاء الأطفال سيكونون أشخاصا أكثر استقلالية، ومع إدارة أفضل لعواطفهم".

ويرى الموقع أنه "على الجانب المعاكس للأطفال العنيدة أو الذين يتحدون القواعد؛ هناك الأطفال الذين يطيعون بشكل مفرط، ويجب هنا التفريق بين الطاعة للقواعد لتجنب المخاطر والطاعة العمياء للقواعد التي يفرضها الكبار، فتقول سيلفي بيريز: "إذا طلبنا من الطفل أن يتوقف ولا يعبر الطريق، فنفعل ذلك لتجنب المخاطر، والطفل الذي يطيع تلك الضوابط قد يكون أكثر حرية؛ لأنه يكون أكثر حماية".

ووفق الموقع؛ فهذا ليس جيدا دائما؛ لأن زيادة السلطة من جانب كبار السن يمكن أن تحدد أيضا مستقبلهم كشخص بالغ. بشكل عام، يبدأ أكثر من نصف المشاكل النفسية للبالغين في مرحلة الطفولة والمراهقة. وتوضح موراليس أنه في بعض الأحيان لا ندرك مدى أهمية مرافقة الطفل لتطوير المهارات المختلفة في هذه المرحلة. ومن ثم، يمكن للطفل المطيع للغاية أن يقلق علماء النفس.

إظهار أخبار متعلقة


وأشار الموقع إلى أنه "في كثير من الأحيان، الطاعة المفرطة يمكنها إخفاء مشاكل خطيرة، فتقول سيلفي بيريز: هناك أطفال في بيئات معينة، وفقا لوالديهم، مطيعون جدا، ولكن في الواقع ما لديهم هو الخوف"، مبينة أن "في الواقع، خارج تلك البيئة الاستبدادية، في الأسرة أو في المدرسة، يظهر هؤلاء الأطفال سلوكا غير منضبط". هذا لأنه في بعض الأحيان، السيطرة الخارجية المفرطة تمنع الطفل من التنظيم الذاتي"، كما تقول موراليس.

ووفقا لألفارو بلباو، وهو عالم النفس العصبي، فـ"إذا قام الآباء بتعليم أطفالهم على الطاعة دون مزيد من اللغط، فإنهم سوف يجعلونهم يطيعونهم، ولكن أيضا سيطيعون معلميهم وزملاءهم في الفصل وأصدقاءهم وشركاءهم... لأنهم سيكونون قد علموهم الخضوع. من ناحية أخرى، إذا قاموا بالتثقيف للانتباه إلى كلماتهم، وفهم أهمية الأشياء والتعبير عن رأيهم، فلن يشعروا بالحاجة إلى الخضوع للآخرين"، مضيفا: "يمكنك التثقيف بالكثير من النظام والانضباط، ولكن دون الحاجة إلى اللجوء إلى الطاعة". وللقيام بذلك، ينصح بلباو بـ:
- اشرح الأشياء.
- ضع حدودا واضحة.
- ابق ثابتا في أسبابك.
- خصص وقتا للاستماع إلى القواعد وإنفاذها بصبر.
وبحسب الموقع، فقد أوضح بلباو أنه "على المدى القصير، هذا يتطلب المزيد من الوقت، ولكن على المدى المتوسط والطويل، فإنه يعني وقتا أقل، وغضبا أقل، وأقل صعوبة بكثير للعيش مع الأطفال الذين يستمعون، والعقل والحوار من الأطفال الذين يقاتلون من أجل كل تعليم".

وختم الموقع التقرير بنصيحة نهائية من خبراء الجامعة المفتوحة بكاتالونيا قالوا فيه؛ إنه "كما هو الحال في الطاعة الزائدة، يمكن أيضا أن يتأثر العصيان المنهجي بعوامل مختلفة: العناصر الوراثية والنفسية العصبية، والأسلوب التعليمي للأسرة؛ بسبب قلة الإشراف أو السيطرة المفرطة، والإجهاد أو المشاكل النفسية للبالغين".
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم