ملفات وتقارير

غضب حقوقي واسع في مصر بعد اعتقال ناشطات متضامنات مع غزة

الكثير من هؤلاء الناشطات سبق اعتقالهن وحبسهن لفترات بسبب نشاطهن الحقوقي- إكس
الكثير من هؤلاء الناشطات سبق اعتقالهن وحبسهن لفترات بسبب نشاطهن الحقوقي- إكس
ندّدت العديد من المنظمات الحقوقية المصرية والدولية وأحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني ونقابات مستقلة باعتداء قوات الأمن المصري على ناشطات وصحفيات مصريات، واعتقالهن خلال وقفة تضامنية مع نساء غزة أمام مقر الأمم المتحدة بالقاهرة في 23 نيسان/ أبريل 2024.

رغم رمزية المكان، فقد تجاهلت الحكومة المصرية، أي انتقادات محتملة قد يتم توجيهها إليها، على خلفية الاعتداء على سيدات يدافعن عن حقوق المرأة المضطهدة، في الحروب الدائرة في المنطقة، سواء في قطاع غزة أو في السودان.

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: أدانت اعتقال باحثة لها، لبنى درويش، و17 آخرين خلال الوقفة، وطالبت بالإفراج الفوري عنهم ووقف قمع الأصوات المناصرة لفلسطين.

مركز النديم لحقوق الإنسان والقانون: عبّر المركز عن قلقه من تصاعد حملة القمع ضد المعارضين السياسيين في مصر، بما في ذلك الناشطات النسويات، وطالب بإجراء تحقيق فوري في واقعة الاعتداء والاعتقال.

الائتلاف المدني لحقوق الإنسان: دعا إلى الإفراج الفوري عن المعتقلات، واحترام حق التجمع السلمي والتعبير عن الرأي.

هيومن رايتس ووتش: عبرت المنظمة عن قلقها من استمرار السلطات المصرية في استهداف الناشطات السلميات، وطالبت بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

منظمة العفو الدولية: دعت السلطات المصرية إلى الإفراج الفوري عن المعتقلات، والكف عن ممارسة المضايقات والترهيب ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.

‏حزب العيش والكرامة: طالب السلطات المصرية ‏بإطلاق سراح ‏المقبوض عليهم منذ ساعات قليلة على خلفية الوقفة الاحتجاجية النسوية أمام مكتب الأمم المتحدة للمرأة بحي المعادي بمحافظة القاهرة.

كما أصدرت بعض المنظمات بيانات تطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلات، مثل:

رابطة أسر المعتقلين: دعت إلى الإفراج الفوري عن الناشطات المعتقلات، واحترام حقهن في الحرية الشخصية وسلامة الجسد.

الحركة النسوية المصرية: عبرت عن تضامنها مع الناشطات المعتقلات، وطالبت بالإفراج الفوري عنهن ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

كذلك، عبّر العديد من النشطاء والسياسيين على مواقع التواصل الاجتماعي عن تضامنهم مع الناشطات المعتقلات، وأدانوا قمع السلطات المصرية للتظاهرات السلمية.


لماذا تناهض مصر التضامن مع أهالي غزة ضد الإبادة؟
لا توجد رواية رسمية محددة من قبل السلطات المصرية حول دوافع اعتداء الأمن على الناشطات أمام مقر الأمم المتحدة.

ومع ذلك، تشير بعض المصادر إلى احتمالات تدعمها سياقات الأحداث:

منع التظاهر: من الممكن أن تكون السلطات قد اعتدت على الناشطات لمنعهن من التظاهر، حيث تُفرض قيود صارمة على حرية التجمع والتعبير في مصر.

تخويف المعارضة: قد يكون الهجوم بمثابة رسالة تخويف للناشطات والمدافعين عن حقوق الإنسان، لثنيهم عن التعبير عن آرائهم المعارضة للنظام.

قمع التضامن مع فلسطين: يأتي الهجوم على الناشطات في سياق حملة أوسع ضد التضامن مع القضية الفلسطينية في مصر، حيث قامت السلطات باعتقال ومضايقة العديد من المتضامنين مع فلسطين في الأشهر الأخيرة.

إلا أن مدير الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في أوروبا، كريم طه، أضاف سببا آخر، وقال لـ"عربي21": إن السلطات لديها خوف وهاجس كبيرين من امتداد التظاهر أو الوقفة الاحتجاجية للتضامن مع الفلسطينيين إلى قضايا محلية ملحة مثل الغلاء وارتفاع الأسعار وتردي الأوضاع الاقتصادية".


ورغم أن جُل الوقفات الاحتجاجية المحدودة؛ بسبب القبضة الأمنية التي تفرضها السلطات المصرية على حرية التظاهر والاحتجاج، هي احتجاجات عفوية، إلا أن السلطات المصرية كانت لها بالمرصاد، والكثير من هؤلاء الناشطات سبق اعتقالهن وحبسهن لفترات بسبب نشاطهم الحقوقي، وهن: لبنى درويش، وماهينور المصري، ورشا عزب، وراجية عمران، وفريدة الحفني، وأسماء نعيم، ومي المهدي، وإيمان عوف، ويسرا الكليسلي، وهدير المهدوي، وأروى مرعي، وإسراء يوسف، ولينا علي.

اظهار أخبار متعلقة


تعد هذه الهجمة الأمنية هي الأعنف بين الهجمات على بعض الوقفات السابقة التي أجهضتها السلطات المصرية بما يتعارض مع عقود من التسامح مع الشارع المصري في مثل تلك القضايا.

قبل أيام، هاجم عناصر أمن، طلابا في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، بعد رفعهم لافتات داعمة لفلسطين، و مطالبة بإنهاء العدوان على غزة ومقاطعة الاحتلال.

مطلع الشهر الجاري، شنت السلطات المصرية حملة اعتقالات واسعة بحق ناشطين شاركوا في مظاهرة مناصرة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أمام مبنى نقابة الصحفيين بالعاصمة القاهرة.

مصر لم تحترم رمزية المكان
‌واعتبر مدير الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في أوروبا، كريم طه، أن "ما حدث مع الناشطات المصرية هو استمرار انتهاكات حقوق الإنسان التي لا آخر ولا سقف لها، رغم وعود النظام مراراً وتكرارا وتعهده أمام المجتمع الدولي بتحسين وضعية حقوق الإنسان ولكن لا جديد".

وندد في حديثه لـ"عربي21": "عدم احترام السلطات المصرية إلى رمزية المكان أمام مقر الأمم المتحدة بالقاهرة، وتدل على إرادة النظام في تطويق نطاق التظاهرات الداعمة لفلسطين، ومن هنا وهذه المنصة مطالبنا هي الإفراج الفوري عن المعتقلات".

ما دلالة تغير موقف مصر من السماح بدعم القضية الفلسطينية؟
هذا التغيّر الحاد في موقف السلطات المصرية من الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ قدوم النظام المصري الحالي يعكس، بحسب مراقبين، تواطؤا سياسيا على تشجيع الاحتلال على مواصلة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني من خلال ضمان صمت الشعوب العربية في المنطقة.

علّق الصحفي والباحث المختص في شؤون سيناء والشأن الأمني المصري، مهند صبري، على هذا التغيير بالقول: "نظام السيسي حصل على ختم الرضا والشرعية وفوقها خمسين مليار دولار، من الخليج وأوروبا وإنجلترا وأمريكا وصندوق النقد الدولي، وكل ما قيل قبل حرب غزة عن الحقوق والحريات والقانون والعدالة تم نسيانه وكأنه لم يكن، فما الذي يمنع النظام من نسج حملة جديدة فاحشة لإسكات صوت الشعب المصري الذي أصبح مجرد همس بعد عشر سنين من القمع الرهيب؟".

اظهار أخبار متعلقة


مضيفا لـ"عربي21": "القبض على الزميلات، وهن ممثلات لبعض من ثراء وتنوع وثقافة ووعي الشعب المصري حتى في أحلك الظروف والمراحل، هو مجرد مقدمات لما سيأتي من تغول وتوحش بعد أن عبر نظام السيسي شبح أزمة الإفلاس بمساعدة القوى العالمية التي تريده وتبقيه".

واختتم حديثه بالقول: "الواقع يعبر عن موقف نظام السيسي من حرب غزة: المظاهرات المعارضة للحرب واللاعنة لنتنياهو في تل أبيب مستمرة وفي تزايد بينما يُمنع المصريون حتى من إبداء التضامن مع أهل غزة".

مخاطر القمع الشعبي
في هذا السياق، نشرت مجلة "فورين أفيرز" مقالا لأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن، مارك لينش، قال فيه إن "تجاهل الأنظمة في الشرق الأوسط وأمريكا للغضب الشعبي سيعرضها للخطر".

وأردف: "لطالما شجّع الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، وغيره من الزعماء الاحتجاجات حول معاملة الفلسطينيين، الأمر الذي سمح لشعبهم بالتنفيس عن غضبهم وتوجيه غضبهم نحو عدو أجنبي بدلا من الفساد وعدم الكفاءة الداخلية".

التعليقات (0)

خبر عاجل