كتاب عربي 21

ليس هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان شارك في حفل توزيع جوائز مسابقة "السيرة النبوية" الذي تم تنظيمه السبت الماضي في مركز "الخليج" للمؤتمرات بمدينة إسطنبول، وألقى فيه كلمة تؤكد على أهمية السيرة النبوية في إرشاد الأمة الإسلامية لما فيه الصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة.

وقال أردوغان: "نحن نريد جيلا يمسك بقلم في يده ليكتب لنا سيرة نبي الهدى ورسول السلام، على ورقة، ليقتدي بها في حياته. نريد جيلا يعرف كتابه ونبيه، يعيش دينه كما ينبغي"، مشيرا إلى أن السبب الرئيس فيما يحدث في بلدان العالم الإسلامي من أزمات ومشكلات هو "عدم التمسك بالأمانتين اللتين تركهما لنا نبي الأمة ودلنا عليهما في خطبة الوداع، وهما القرآن الكريم والسنة النبوية". ثم أضاف قائلا: "لو اتبعنا هذين الأمرين حق الاتباع، ما كنا نرى ما تموج به بلداننا ومنطقتنا من ظلم وفساد وسفك للدماء".

هذه الكلمات التي شدد فيها أردوغان على ضرورة التمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية لا يمكن لمسلم أن يعترض عليها، ولا شك في أن حث الرئيس المواطنين على الاقتداء بهدي النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أمر مهم يبعث الأمل، إلا أن الأهم من ذلك هو تطبيق هذا المفهوم قدر المستطاع على أرض الواقع. 

هناك مناسبات واحتفالات "دينية" مبتدعة يتم تنظيمها في تركيا من قبل جهات رسمية، وعلى رأس هذه المناسبات التي ما أنزل الله بها من سلطان، ما يسمى "أسبوع المولد المبارك"، للاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الأسبوع الثالث من شهر نيسان/ إبر يل. وبدأ الاحتفال بهذا الأسبوع في عام 1989 بمبادرة جماعة كولن وتبني رئاسة الشؤون الدينية هذه الفكرة التي انتشرت وتحولت إلى مناسبة دينية يتم الاحتفال بها من خلال إقامة مهرجانات ومؤتمرات وندوات يتخللها كثير من البدع والأمور المنكرة والمخالفة لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم.

هدي النبي صلى الله عليه وسلم واضح وضوح الشمس، وهو الذي ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك، وهو القائل: "من رغب عن سنتي فليس مني". ومهما كان سبب الرغبة عن السنة فإنه يشمل التارك هذا الوعيد، ولا يجوز التعبير عن حب النبي صلى الله عليه وسلم بأفعال وأقوال نهى عنها صلى الله عليه وسلم.

الناشط التركي عثمان آتالاي اتصل بي هاتفيا قبل أيام ليلفت نظري إلى صورة نشرت في وسائل الإعلام التركية وأثارت ضجة كبيرة، وليشتكي مما وصلت إليه الأمور في احتفالات المولد النبوي. وكان يظهر في تلك الصورة مفتي إحدى المدن التركية مع عدد من الناس يقطع كعكة صنعت على شكل المصحف الشريف احتفالا بمناسبة أسبوع المولد المبارك. واتضح فيما بعد أن الصورة قديمة تعود إلى احتفالات عام 2013، وأن رئاسة الشؤون الدينية فتحت التحقيق حولها، إلا أن ذلك لا يغير حقيقة وجود مخالفات شرعية كثيرة في هذه الاحتفالات التي تنظَّم بدعوى التعبير عن حب النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن المناسبات التي يتم تنظيمها تحت مظلة جهات رسمية كل عام ما يسمى احتفالات "شب عروس"، أي "ليلة العرس"، بمناسبة ذكرى وفاة المتصوف جلال الدين الرومي. وهذه الاحتفالات التي تستمر عدة أيام وتتخللها حفلات الموسيقى والرقص ويشارك فيها رجال الدولة، بدأت تتحول إلى "شعائر دينية" تحل محل الشعائر الإسلامية التي أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم. والأخطر في هذه الاحتفالات، كما أشار إليه آتالاي في المكالمة الهاتفية التي جرت بيننا، بروز هذه الطقوس كـ"دين جديد" بديل للإسلام وتقديم جلال الدين الرومي وفلسفته على النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به من هدى وفرقان.

الجماعات ومنظمات المجتمع المدني قد تنظم مثل هذه الاحتفالات في بلد ديمقراطي مثل تركيا، ولكن تنظيمها من قبل جهات رسمية وبإشراف رئاسة الشؤون الدينية التابعة لرئاسة الوزراء تتعارض بشكل صارخ مع ما يدعو إليه رئيس الجمهورية أردوغان في تصريحاته الأخيرة.
التعليقات (1)
ابو عمر
الخميس، 23-04-2015 12:00 ص
بارك الله فيك ياشيخ اسماعيل على هذا الموضوع الهام فقد ابنت واوضحت بارك الله في قلمك