سياسة عربية

مها.. تستصرخ لإطعام أطفالها بعد أن أنهكها الحصار بسوريا

حلا الطفلة الكبرى لمها - عربي21
حلا الطفلة الكبرى لمها - عربي21
بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من اعتقال زوجها محمد (36 عاما) من قبل قوات النظام السوري، ما تزال مها (25) عاما ابنة حي جوبر الدمشقي، التي أنهكتها سنوات الحصار المضنية في الغوطة الشرقية، تعيش مع أطفالها الثلاثة الصغار حلا (7 سنوات)، وسليمان (5 سنوات)، وعمران(3 سنوات)، متنقلة بين بيت أبيها المسن، وبيت أهل زوجها، منذ اعتقاله في النصف الثاني من عام 2012 بتهمة الإرهاب.

وقالت مها في حديث لـ"عربي21": "كنت ربة منزل لدى زوجي وأبنائي الاثنين، وحاملا بولدي الصغير عمران، عندما اعتقلت قوات الأمن زوجي في بيتنا الصغير في حي جوبر الدمشقي، بحجة قيامه بصنع الأسلحة ومساعدة الثوار ضد النظام في سورية".

تتحدث مها ويحمل صوتها غصة وبحة حزن، ولا تخفي مشاعرها المرتبكة عندما تبدأ بالحديث عن مدى حبها لزوجها وعن حيرتها وحنقها الشديد لدى نداء طفلها الصغير عمران -الذي لم ير أبيه- لكل رجل يلاقيه بكلمة "بابا".

وأضافت مها: "بعد ثلاثة أيام من إنجابي لعمران، تعرض حي جوبر، الذي كنت أقطن فيه، لحملة عسكرية شرسة وقصف شديد من قبل قوات النظام، فاضطررت أن أنزح مع أهلي وعائلة زوجي إلى داخل الغوطة الشرقية، لتبدأ معاناتي الثانية في ظل حصار خانق، جعل أهل زوجي وأهلي ينوؤون تحت وطأة تكاليف إطعامي وكسوتي مع أطفالي ". 

تحتار مها يوميا بكيفية إطعام أولادها الثلاثة، خاصة أن المساعدات التي تحظى بها أحيانا من بعض الجمعيات الخيرية لا تكفيها أسبوعا واحدا بعد الانفجار الكبير بأسعار المواد الغذائية، في ظل حصار خانق تفرضه قوات النظام على الغوطة منذ أكثر من سنتين، فهمّ تأمين لقمة عيش لإطعام أطفالها يوميا يخيّم على كامل تفكيرها.

وتتابع مها حديثها وعيناها مليئتان بالدموع: "تمرُّ أيام كثيرة علينا يقتصر فيها طعامنا على كيلو غرام واحد من المشمش طيلة اليوم، وعندما يأتي الليل ويشتهي أطفالي البرغل، أقوم وأضع إناء على مدفأة الحطب وأملأه بالماء، وأسليّهم بإحدى القصص كي يناموا، ففي معظم الأحيان لا امتلك حبة برغل واحدة أطهيها لأطفالي". 

ولا تعد مها حالة فريدة في الغوطة، فقد بلغ عدد المعتقلين والمفقودين من أبناء الغوطة (7594) شخصا، ووصل عدد أبناء المعتقلين إلى (3411) ابنا، معظمهم من الأطفال، وذلك حسب آخر إحصائيات مكتب الإحصاء المركزي التابع للمكتب الإغاثي الموحد في الغوطة الشرقية المحاصرة.

إلى ذلك، يواجه مدير مركز ريف دمشق الإغاثي في مؤسسة الشام الإنسانية معاذ بويضاني، يوميا حالات كثيرة مشابهة، ويذكر في حديث خاص لـ"عربي 21"، أنّ معظم المؤسسات والجهات الخيرية في الغوطة لم تكن تلتفت كثيرا إلى أحوال أُسر المعتقلين وأطفالهم، ففي الفترة السابقة، لأنّ الأولوية كانت لدعم أسر الشهداء، البالغ عددهم في الغوطة قرابة (16) ألف شهيد.

وقال:" مؤخرا بدأت بعض الجهات بكفالة عدد لا بأس به من أُسر المعتقلين وأطفالهم ، ومن ضمنهم مؤسسة الشام الإنسانية وبيت رعاية اليتيم في الغوطة، ولكن يبقى العدد دون المأمول؛ بسبب نقص الدعم واتجاه معظم الداعمين إلى قطاع الأيتام".

وناشد مدير مركز ريف دمشق الإغاثي جميع الجهات الداعمة بضم أسر وأطفال المعتقلين إلى لوائح دعم أسر الشهداء، وشملهم بجميع الخطط الإغاثية، قائلا:" أطفال المعتقلين بنظر الشعب السوري أيتام؛ لأنّ من يدخل سجون عصابة الأسد مفقود، ومعظم من يخرج إما يموت بعد فترة، أو يورثه الجلادون عاهة مستديمة".

ويقترح على الجهات الداعمة أن تضع خططا لتدريب زوجات المعتقلين وإنشاء مشاريع تنموية تؤمّن لهن فرص عمل مناسبة؛ كي يساعدن أنفسهن وأطفالهن.

وبينت مها، الحافظة للقرآن الكريم منذ أن كان عمرها 15 سنة:" لقد حاولت مرات عديدة، وما أزال، البحث عن عمل في تحفيظ القرآن للأطفال، من أجل الحصول على بعض المال أسد به رمق أطفالي، وأخفف عبء طعامهم وشرابهم عن كاهل والدي المسن وأمي المريضة بالربو، لكن دون جدوى". 

وأوضحت: "ليس لدي إلا أخ وحيد في مقابل أربع بنات غيري، وأخي يساعد والدي المسن في العمل خارج المنزل، بينما أقوم، باعتباري الأخت الكبيرة في البيت، بالذهاب إلى البئر الذي يبعد عن بيتنا مئات الأمتار، لأجلب المياه على رأسي، وأصعد به إلى الطابق الرابع، حيث نقطن، وأقوم بهذه العملية أربع أو خمس مرات في اليوم، كما أقوم بجمع أكياس النايلون والبلاستيك في الشتاء لتجلب الدفء لي ولأطفالي الصغار".

وتستصرخ مها، وهي تختنق بعبراتها، مؤسسات المجتمع الدولي وضمير الإنسانية جمعاء وكل الجهات المعنية الداخلية والخارجية، للتدخل في الإفراج عن آلاف المعتقلين في السجون، وخاصة ممن لهم أزواج وأطفال بأي طريقة كانت.

وتنهي مها حديثها بالقول :" أما يكفيني وأطفالي الصغار مصيبة الحصار والجوع، فقد كنت أحلم بأن يكون زوجي هو من يعيل أطفالنا ويلاعبهم، واليوم لا أستطيع أن أحلم إلا بتأمين قطعة حلوى صغيرة أدخل فيها البسمة على وجه طفلي الصغير".
التعليقات (2)
يحيى
الخميس، 24-09-2015 01:28 ص
بالنسبة للأخت أم محمد إذا أرادت مد يد العون لمها ولأسر المعتقلين في الغوطة تستطيع أن تتواصل معي على الإيميل yhea_1983@gmail .com
ام محمد
السبت، 19-09-2015 12:07 ص
ياريت نقدر نتواصل معاك علشان نمد يد العون لك