سياسة عربية

معارضة قوية ببرلمان الكويت الجديد تشكل تحديا للحكومة

يواجه الاقتصاد الكويتي عجزا يبلغ 46 مليار دولار- جيتي

تقدمت المعارضة الكويتية في انتخابات مجلس الأمة، لا سيما القوى الإسلامية والقبلية، ما قد يشكل تحديا أمام الحكومة، التي تعاني أزمة اقتصادية طاحنة بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط.

تقدم المعارضة

ومن بين مقاعد مجلس الأمة الخمسين، حصدت المعارضة 24 مقعدا، بعدما كانت تحوز على 16 مقعدا في الدورة السابقة.

واحتفظت الحركة الدستورية الإسلامية (الإخوان المسلمون) بمقاعدها الثلاثة، كما احتفظ النواب الشيعة بمقاعدهم الستة، مع تغيير في الوجوه.


وترشحت 29 سيدة في الانتخابات التشريعية، لكن لم تفز أي منهن بمقعد في مجلس الأمة.


وبلغت نسبة التغيير في المجلس الجديد 60 بالمئة، حيث يدخل 31 نائبا جديدا إلى البرلمان الجديد.

ومن بين النواب الجدد يوجد 30 عضوا دون سن الخامسة والأربعين، ما قد يشكل مؤشرا للشباب الذين يأملون في التغيير والإصلاحات.


وأخفق التجمع الإسلامي السلفي الموالي للحكومة للمرة الثانية في إيصال أي من مرشحيه للبرلمان، وفي المقابل نجح سلفيون آخرون معارضون للحكومة في اقتناص مقاعد.

 

اقرأ أيضا: النفيسي يحدد أولويتين للكويت بعد إجراء انتخابات البرلمان

 

وهذه أول انتخابات تشريعية تنظم في الكويت منذ تولي أمير البلاد الجديد، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، مقاليد الحكم في 29 أيلول/ سبتمبر الماضي.

رغبة في التغيير

 

وجاءت الانتخابات في ظل أزمات تعاني منها البلاد، لا سيما أزمة اقتصادية تسبب بها وباء كورونا، وتدهور أسعار النفط، إلى جانب أزمات سياسية متكررة شملت الحكومة، وشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان، الذي تم حله مرات عدة.


وبين منتصف 2006 و2013، لا سيما  بعد الربيع العربي في 2011، شهدت البلاد استقالة عشر حكومات. 

أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، الدكتور غانم النجار، قال لـ"رويترز" إن نتيجة الانتخابات "تعكس الإحباط" من الوضع الحالي والرغبة في التغيير.

وأكد النجار أن غياب المرأة "من الملامح السلبية" في الانتخابات الأخيرة، مضيفا أنه لم يتوقع فوز المرأة في الانتخابات الحالية، لكنه توقع أن تنافس بشكل جيد، "وهذا لم يحدث للأسف".

وقال: "لا بد من مشاركة المرأة لكي يتوازن المجتمع، وإذا كانت الصورة بهذا الشكل فقد آن الأوان أن يفتح باب النقاش حول الحصص في قانون الانتخابات".

وقال المحلل السياسي ناصر العبدلي، إن "الانتخابات أسفرت عن صعود نواب يمثلون تحالفا إسلاميا قبليا له نفس معارض، وهذا التحالف يحمل أجندة تتضمن المصالحة الوطنية والعفو عن النواب السابقين والناشطين الموجودين في الخارج بسبب إدانتهم في قضايا داخل الكويت.

وتابع العبدلي: "الحكومة الآن رأت الخريطة و(رأت) أن الجو العام بنفس معارض، وسوف ترتب نفسها على هذا الأساس. أتوقع أن تعمل على تسوية الملفات الساخنة، وأهمها ملف المصالحة الوطنية (مع المعارضة). موضوعات مثل قانون الدين العام وتعديل قانون الانتخابات ستكون مجالا للمماحكة مع الحكومة".


ورأى المحلل السياسي، عياد المناع، أن "هناك تغييرا كبيرا جدا في تركيبة مجلس الأمة الجديد".

 

وبحسب المناع، فإن "هذا مؤشر على غضب الناخبين من أداء المجلس السابق، ورغبتهم في تغيير الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعلمية والخدماتية"، كما نقلت "فرانس برس".

 

من جهتها، قالت لولوة الملا، رئيسة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية في الكويت، لـ"فرانس برس": "نحن سعداء بالنتائج، رغم حزننا على غياب المرأة".

وأضافت: "نتأمل الخير في الأعضاء الشباب الجدد"، موضحة: "شارك الشعب بإيجابية من أجل التغيير، وأسقط بإيجابية بعض العناصر الفاسدة، التي شوهت الديمقراطية، وأساءت لها في المجلس السابق".

نظام الصوت الواحد

 

وبعد أن فرضت الحكومة العمل بنظام الصوت الواحد في الانتخابات منذ 2012 من خلال مرسوم أميري، قاطعت المعارضة الانتخابات التي تلت صدور المرسوم، لكنها عادت تدريجيا للمشاركة، واقترن ذلك بعزوف بعض شرائح المجتمع عن المشاركة في التصويت.

لكن المحلل السياسي، الدكتور محمد الدوسري، قال إن هذه الشرائح عادت للتصويت هذه المرة بسبب النقمة على المجلس السابق، بعد اكتشاف حالات فساد لم يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة، ولذلك جاءت النتائج التي حققتها المعارضة "أكثر من التوقعات هذه المرة.. وكانت هناك إرادة لقلب الطاولة على الموالين للحكومة".

 

اقرأ أيضا: انتخابات الكويت.. النساء خارج مجلس الأمة والحكومة تستقيل

ويقول محللون إن نظام الصوت الواحد نجح في تفتيت الكتل التصويتية الكبيرة، سواء كانت هذه الكتل تمثل تجمعات سياسية أو تجمعات قبلية أو طائفية، بعكس النظام السابق الذي كان يسمح للناخب بالتصويت لأربعة مرشحين، وهو ما كان يسمح بتحالفات واسعة بين المرشحين.

وقال الدوسري: "أسفرت الانتخابات عن عودة قبائل كبيرة كانت قد فقدت ثقلها النيابي في الانتخابات الماضية، وسيكون لها هذه المرة تمثيل أكبر".

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالكويت، الدكتور هشام العوضي، إن "التغيير جاء بسبب تكيف كثيرين مع نظام الصوت الواحد الذي كانوا معترضين عليه. اقتنع هؤلاء أن التغيير يأتي من البرلمان، ودخولهم بعد فترة مقاطعة أضاف لشعبيتهم، ومكنهم من إزاحة بعض الوجوه القديمة من الذين استشعر المواطنون أنهم لم يؤدوا ما عليهم".

ويرى الدوسري أنه ستكون "هناك معركة قوية على رئاسة مجلس الأمة. الصوت الحكومي هو المرجح بين المتنافسين على الرئاسة، والتصويت الحكومي في هذا الأمر سيكشف شكل العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية".

وتكهن بأن نوابا معارضين سيرفضون عودة الرئيس السابق، مرزوق الغانم، لمنصبه من جديد.

 

تحديات الحكومة

 

وأعلنت وكالة الأنباء الكويتية الأحد صدور مرسوم أميري قبل فيه أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، استقالة الحكومة الكويتية واستمرارها في تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.

 

وصدر أمر أميري بدعوة المجلس الجديد إلى الانعقاد في 15 من كانون الأول/ ديسمبر المقبل


ويواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزا يبلغ 46 مليار دولار هذا العام، بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط.

ومن المتوقع أن تعطي الحكومة أولوية لتمرير قانون الدين العام، الذي يسمح لها باقتراض 20 مليار دينار (65.7 مليار دولار) على مدى 20 عاما، والذي رفضه البرلمان السابق.