ملفات وتقارير

هل سيكون 2021 عام الاحتجاجات الشعبية في الأردن؟

مدانات: الخطر هو أن يرتكن صاحب القرار السياسي والأمني إلى أن مآل الربيع العربي في الجوار هو صمام الأمان- عربي21

يعيش الأردن حالة من الانسداد في عملية الإصلاح السياسي، وركودا اقتصاديا أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، حسب مراقبين حذروا من توحّد الهم الشعبي وانعكاسه على صورة احتجاجات شعبية في العام الحالي.


ورجّح نائب أمين عام حزب الشراكة والإنقاذ الأردني، سالم الفلاحات، أن تزداد الحراكات والاحتجاجات الشعبية في عام 2021، معللا ذلك بتعمق الدواعي التي دفعت الشعب الأردني إلى التحرك عام 2011 إبان ثورات الربيع العربي.

واستعرض الفلاحات في حديثه لـ"عربي21" أبرز هذه الدواعي، قائلا إن هناك تضييقا على الحريات العامة للمواطنين، وتغييبا للشعب عن القرار السياسي، وتزايدا في حالات البطالة والفقر، لافتا إلى عدم وجود تعاون رسمي هادئ يستوعب المصالح العامة، "بل إن الحكومة أجرت انتخابات قهرية بدون قوانين معقولة لفرض مجلس نيابي وظيفته أن يمنح الثقة لها، ويشرع القوانين التي تريدها".

وقال إن "العام الحالي بدأ باحتجاجات لمناصري المعلمين المظلومين، شاركت فيها أعداد جيدة من المواطنين رغم قانون الدفاع الطارئ الذي يفرض قيودا بحجة انتشار فيروس كورونا"، مشيرا إلى أن "نشطاء أقاموا اليوم وقفة احتجاجية أمام مجلس النواب للتنديد باتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني، واعتقل بعض المشاركين ثم أفرج عنهم لاحقا".

وأضاف الفلاحات أن الربيع الأردني سينطلق مرة أخرى، "فثورات الشعوب تمر بمراحل عديدة، ولا يمكن أن تحسم من أول مرة، ولا بد لها -حتى تنضج وتفرض نفسها- من وقت ووعي شعبي، واقتناع من قبل المتشنجين بأنه لا طريق سوى إنهاء الاستبداد والنزوع إلى الخيار الديمقراطي"، على حد تعبيره.

وحول تأثير انتشار فيروس كورونا على تراجع الاحتجاجات الشعبية في البلاد؛ قال الفلاحات إن الخوف من المرض وقانون الدفاع شبه العرفي؛ عطلا الحراك الشعبي، وجعلاه مقتصرا في الغالب على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتابع: "ساهم ذلك في إيجاد حلقات تواصل افتراضي بين شرائح كبيرة من المجتمع الأردني، وفي حال رُفعت القيود المتعلقة بأزمة كورونا؛ ستنعكس هذه الحالة الافتراضية على أرض الواقع بمزيد من الاحتجاجات الشعبية".

وكانت الحكومة الأردنية قد فرضت مطلع آذار/ مارس الماضي عددا من الإجراءات الوقائية بسبب أزمة فيروس كورونا؛ أبرزها تفعيل قانون الدفاع، وفرض الحظر الشامل والجزئي عدة مرات، ومنع التجمع لأكثر من 20 شخصا، مع فرض عقوبات وغرامات مالية على غير الملتزمين بهذه الإجراءات.

"صيف ساخن"

من جهته؛ أشار المختص في علم الاجتماع السياسي، فيليب مدانات، إلى أن المراقب يشعر بأن الشارع الأردني ينتظر صيفا ساخنا "لا بد أن يقذف بما يمور في باطنه من مخاض متسارع".

واستدرك في حديثه لـ"عربي21" بالقول إن المجتمع الأردني لا يغامر بالتغيير بفضل الاستقرار السياسي الذي تمتع به على مدى قرن من الزمان، لافتا إلى أن المرات التي تحرك فيها الشارع أعوام 1956 و1989 و2011 و2018 "كان مطلبه فيها تغيير النهج الحكومي، ولم تكن ثورة جذرية".

وأضاف مدانات أن "الخطر هو أن يرتكن صاحب القرار السياسي والأمني إلى أن مآل الربيع العربي في الجوار هو خيرُ كابتٍ لصمام الأمان، وأن الطرف القادر على التنظيم المتمثل بالحركة الإسلامية، يرابض في غرفة الإنعاش".

وأوضح أن "البوار قد أصاب الطبقة الوسطى المثقفة والقادرة على التحرك على مساحة الدوار الرابع مرة أخرى، حيث مقر رئاسة الوزراء، كما أن الطبقة الفقيرة من الشعب إن قامت وطالبت بتغيير النهج الحكومي فهي على حصافة وتؤدة لكي تحافظ على منجزات الوطن وهو يحتفل بمئويته".

ورأى مدانات أن "التوقع أو التنبؤ بالغد صعب، كون الشاشة التي تعكس باروميتر الغضب الشعبي تقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي التي تزخر بآهات الناس الافتراضية، ولكنها مجرد متنفس لمن يريد أن يتحرك نحو الدوار الرابع، ولكنه لا يجرؤ".

وكانت العاصمة الأردنية عمان قد شهدت اعتصاما شعبيا حاشدا في 4 حزيران/ يونيو 2018 قرب الدوار الرابع مقابل مبنى رئاسة الوزراء، أدى إلى الإطاحة بحكومة هاني الملقي وسحب قانون ضريبة الدخل الذي تسبب بوقوع احتجاجات واسعة في محافظات المملكة.

 

اقرأ أيضا: فض اعتصام لحملة "غاز العدو احتلال" بعمّان واعتقال منظميها

"المشهد مختلف"

ورأى خبير الأمن الاستراتيجي، عمر الرداد، أنه من غير الواضح إمكانية بروز حراكات شعبية احتجاجية جديدة على غرار ما جرى في حزيران/ يونيو ٢٠١٨ عندما تم إسقاط حكومة الملقي، رغم تشابه الظروف الموضوعية.

وقال الرداد إن الملمح الرئيس للمرحلة القادمة سيكون "انخفاض مستوى الثقة بالأداء والإجراءات الحكومية على المستويين الصحي والاقتصادي"، لافتا إلى أن من السيناريوهات المتوقعة أن تكون الظروف الاقتصادية عنوانا لحراكات شعبية قادمة.

واستدرك: "لكن المشهد اليوم ربما يختلف عن عام ٢٠١٨، إذ كان مجلس النقباء المهنيين هو المحرك لذاك الحراك، في حين أن التشكيلات السياسية اليوم انخفضت مستويات قدرتها على التأثير في الشارع، بما في ذلك جماعة الإخوان التي تلقت ضربة قوية في الانتخابات الأخيرة، إلى جانب قوى أخرى مدنية ويسارية وقومية".

ورأى الرداد أنه "بالرغم من كل ذلك؛ فإن بروز حراكات اعتراضية بمرجعيات اقتصادية متكئة على سوء الأوضاع المعيشية في بعض المناطق خارج العاصمة والمدن الرئيسية؛ سيبقى احتمالا قائما، ولكن دون أن تصل هذه الحراكات إلى مستويات حراك عام ٢٠١٨، خاصة وأن الحكومة قررت إعادة الاقتطاعات التي قررتها في بداية أزمة كورونا العام الماضي".

وأعلن رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، عن إعادة العمل بعلاوات موظفي الجهاز الحكومي والأمني والعسكري والمعلمين، والتي كانت الحكومة قد أوقفتها في 16 نيسان/ أبريل الماضي ضمن حزمة القرارات الخاصة بأزمة كورونا.