صحافة دولية

بوليتكو: أديلسون صاغ بأمواله سياسات الحزب الجمهوري

التزم العديد من قادة الحزب بالحج إلى منتجع أديلسون في لاس فيغاس بانتظام- جيتي

نشرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية تقريرا للصحفيين إلينا شنايدر وأليكس اسينستادت، سلطا فيه الضوء على تأثير "شيلدون أديلسون" قطب الكازينوهات، الذي توفي الاثنين عن 87 عاما، وزوجته ميريام، على الحزب الجمهوري.

 

ويسلط التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، الضوء على استحواذ أديلسون على حصة هائلة من الإنفاق السياسي للتأثير على الحزب الجمهوري على مدى العقد الماضي، مما جعله صانع ملوك الحزب.

 

وحتى في عالم سياسي مليء الآن بالمتبرعين بملايين الدولارات، كانت جاذبية شيلدون وميريام واضحة من زيارات مرشحي الرئاسة لمنتجعه في لاس فيغاس، حيث يقع مكتبه قبالة الكازينو.

 

وبحسب تقرير شنايدر واسينستادت، فقد قدمت عائلة أديلسون 218 مليون دولار من التبرعات الفيدرالية في عامي 2019 و2020 - أكثر من ثلاثة أضعاف كبار المانحين الذين يلونهم للحزب الجمهوري.

 

وشكلت تلك التبرعات أكثر من ربع إجمالي الإنفاق الخارجي للجمهوريين نيابة عن الرئيس دونالد ترامب في هذه الانتخابات: 90 مليون دولار من إجمالي 353 مليون دولار.

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، قدمت عائلة أديلسون 280 مليون دولار إلى لجان العمل السياسية العليا الرئيسية للجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ، مما وفر أكثر من ثلث التمويل لصندوق قيادة الكونغرس وما يقرب من ربع إجمالي صندوق قيادة مجلس الشيوخ خلال تلك الفترة، وفقا لمراجعة لمجلة بوليتيكو لبيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية (FEC).

 

وخلال العقد الماضي، تجاوز إجمالي تبرعاتهم الفيدرالية نصف مليار دولار.

وتنقل "بوليتيكو" عن كين سبين، المتحدث السابق باسم لجنة الكونغرس الجمهورية الوطنية، قوله: "كان شيلدون أديلسون أكبر متبرع من بين كبار المتبرعين للحزب الجمهوري.. لقد كان عاملا حاسما للعشرات، إن لم يكن المئات، من السباقات على مدى العقد الماضي. في عالم يمكن فيه للديمقراطيين الاعتماد على التبرعات الصغيرة بدولارات معدودة التي يمكن تجميعها لتصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، فإن فقدان أحد المانحين الرئيسيين بمكانة أديلسون سيكون محسوسا".

ويضيف سبين أن العديد من كبار الجمهوريين يتوقعون أن تستمر ميريام في تقديم تبرعات العائلة السخية للحزب، "لكن يبقى أن نرى ما إذا كان [الدعم] سيستمر على المستوى الفلكي الذي اعتاد عليه الجمهوريون لحد الآن أم لا".

وكانت ميريام، 75 عاما، منخرطة بشكل وثيق في العطاء السياسي لزوجها، وكان الزوجان يقدمان شيكات بنفس الحجم في نفس الوقت عندما تبرعا لمجموعات الحزب الجمهوري. بالنسبة للعديد من المرشحين والمنظمات الحزبية، وكان الفوز بدعم أديلسون يعتبر ضروريا للبقاء في السياسة.


وكان يعتبر ختم موافقته المالية - الذي منحه لعشرات من الجماعات الجمهورية على مدى عقود من عمله كمساهم – مؤشرا على مصداقية المجموعة بالنسبة لبقية فئة المانحين.

 

وقال أحد كبار الجمهوريين المنخرطين في الإنفاق الخارجي إن أديلسون كان "نجم الشمال" بالنسبة للمانحين، الذي "يتطلعون دائما لمعرفة ما إذا كان مشاركا في مشروع ما كمقياس لقيمته أو أهميته بالنسبة للحزب".


ومع ذلك، حذر عدد قليل من الجمهوريين من أن أديلسون أصبح "عكازا" للحزب، الذي أصبح يعتمد على المتبرعين الكبار لتسيير آليته السياسية.

 

اقرأ أيضا: NYT: سيغادر فريدمان حبيب المستوطنين متفاخرا بـ"إنجازاته"

 

في المقابل، أنشأ الديمقراطيون آلية لجمع التبرعات الرقمية أكثر قوة واستفادت من الطاقة المناهضة لترامب لجمع مئات الملايين من الدولارات التي غالبا ما تفوقت على جهود المتبرعين الكبار للجمهوريين.


فعلى سبيل المثال، رفعت عائلة أديلسون مساهمتها في منتصف عام 2020 في صندوق القيادة في مجلس الشيوخ، لجنة العمل السياسي الأكبر في مجلس الشيوخ، إلى 50 مليون دولار لهذا العام. لكن أفضل تسعة مرشحين ديمقراطيين في مجلس الشيوخ اجتمعوا لجمع أكثر من ذلك عبر الإنترنت في آب/ أغسطس. (رفعت عائلة أديلسون لاحقا مساهماتها إلى 70 مليون دولار لانتخابات 2020).


ونعى مسؤولو الجمهوريين أديلسون الثلاثاء، وفي تصريحات، وصف نورم كولمان، رئيس مجلس إدارة صندوق قيادة الكونغرس، أديلسون بأنه "عملاق" و"صاحب رؤية في كل ساحة"، فيما قال ستيفن لو، الرئيس التنفيذي لصندوق القيادة في مجلس الشيوخ، إنه كان "الشهادة الحية والمتنقلة لقوة الحلم الأمريكي"، وكان "مهتما بفعل الخير أكثر من السعي للحصول على سمعة فعله".


ونشأ أديلسون، وهو ابن سائق سيارة أجرة، في عالم الضيافة والمقامرة، مبدئيا في نيفادا، ليبني واحدة من أكبر إمبراطوريات الكازينو والمنتجعات في العالم.

 

وعام 2020، قدرت بلومبيرغ ثروة أديلسون بـ 33.4 مليار دولار، لكن علاقته بالتأثير على الجمهوريين تعود إلى التسعينيات، وتضخمت سلطته السياسية بعد قرار المحكمة العليا لعام 2010، الذي خفف القيود على الإنفاق السياسي الخارجي.


وخلال انتخابات عام 2008، كان أديلسون من كبار المانحين لمنظمة Freedom’s Watch، التي دعمت المرشحين الجمهوريين للكونغرس. وخلال السباق الرئاسي لعام 2012، قدم هو وزوجته أكثر من 20 مليون دولار إلى لجنة العمل السياسي الداعمة لرئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش قبل التحول لمنح 30 مليون دولار إلى لجنة العمل السياسي الداعمة لميت رومني.


وفي عام 2016، أنفقت عائلة أديلسون عشرات الملايين من الدولارات على لجنة العمل السياسي المؤيدة لترامب، فيما تمت مكافأة الزوجين على دعمهما بمقاعد في منصة تنصيب ترامب، ومنح ترامب لاحقا ميريام، وهي طبيبة، وسام الحرية الرئاسي.

 

أما في انتخابات عام 2020، الأكثر إثارة للجدل في تاريخ البلاد، فقد اعتبر مستشارو ترامب سخاء أديلسون على أنه أمر حاسم لاحتمالات إعادة انتخاب الرئيس. ولكن مع دخول السباق إلى مرحلته النهائية، كانت هناك مشكلة: لقد أثار ترامب استعداء أديلسون خلال مكالمة هاتفية ساخنة في الصيف، مما تسبب في تأخير قطب القمار العطاء الذي كان يعتزم تقديمه للرئيس.

 

أخيرا، ضغطت أسرة أديلسون على الزناد وتبرعت بـ90 مليون دولار للجنة العمل السياسي التي تم تشكيلها حديثا باسم، الحفاظ على أمريكا، والتي هاجمت الديمقراطي جو بايدن.


ووفق تقرير "بوليتيكو"، فإنه على عكس العديد من المانحين الرئيسيين بدافع من مجموعة متنوعة من المصالح، كان أديلسون مدفوعا إلى حد كبير بهاجس واحد: إسرائيل.

 

فقد ساعد شيلدون في تمويل منظمات مثل الائتلاف اليهودي الجمهوري والمنظمة الصهيونية الأمريكية. وكان مؤيدا صريحا لقرار ترامب اعتبار القدس المحتلة عاصمة للاحتلال، وداعما رئيسيا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحزبه الليكود.


وعقد الائتلاف اليهودي الجمهوري كل عام مؤتمره السنوي في منتجع أديلسون بلاس فيغاس، وهو تجمع من شأنه أن يجتذب بانتظام أعضاء الحزب ذوي الثقل من تيد كروز في تكساس إلى سناتور ساوث كارولينا ليندسي غراهام مرورا بنائب الرئيس مايك بنس.


لكن الزعيم الديمقراطي السابق في مجلس الشيوخ هاري ريد نعاه أيضا "مشيدا" بمواقفه الداعمة للاحتلال، قائلا في بيان صدر يوم الثلاثاء: "لم يساوه أحد في دفاعه عن دولة إسرائيل والقضايا اليهودية وأحدث فرقا لحياة عدد لا يحصى من الناس في الداخل والخارج".