قضايا وآراء

آبي أحمد: أسئلة ما بين الحضور والغياب!

1300x600
(1)
غاب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عن وسائل الإعلام وتقلصت تغريداته، منذ ٩ كانون الثاني/ يناير ٢٠٢١م، وكثرت الشائعات والأقوال، واضطر مكتبه لإصدار بيانين متواليين للتأكيد بأنه بصحة جيدة وأن ما تردده وسائل التواصل الاجتماعي عن إصابته مرة ومرضه مرة أخرى غير صحيح. ولم تكن البيانات كافية لإزالة الضبابية في الموقف وتفسير اختفاء الرجل لأكثر من أسبوعين.

وفي ظروف توترات إقليمية مع السودان، وتعقد قضية مفاوضات سد النهضة واستمرار الأزمات الداخلية، وخاصة استمرار التنازع في إقليم تيجراي وبني شنقول والتململ في مناطق أخرى، فإن عدم حضور آبي أحمد مثير للحيرة والدهشة.

وربما يؤكد ذلك أهمية حضور الرجل واستمراريته في مهمته لإعادة النهضة والبناء التنموي في إثيوبيا وتشكيل الواقع السياسي، والانتقال من دولة المجموعات الإقليمية لتحقيق إدماج إجتماعي ووطني بدلا عن القبائل والمناطق، وهذه مهمة عسيرة.

(٢)
حدثان يشيران لتعقيدات الوضع الإقليمي: قصف مدفعي من الجانب الإثيوبي على القوات السودانية في جبل أم الطيور، يوم ٢٥ كانون الثاني/ يناير واستمر منذ منتصف النهار ولأكثر من ثلاث ساعات. ومع أن القيادة الإثيوبية قالت إنها لا تنوي الدخول في حرب مع السودان، وكان ذلك موقف السودان أيضا على لسان وزير الدفاع ياسين إبراهيم، لكن التقارير تشير لحركة أسلحة ثقيلة وتعبئة على الجانب الإثيوبي من الحدود ورفض للحوار، مع دعوة الجيش السوداني للتراجع عن مواقعه.

والحدث الثاني، إفادة وزير الري المصري أمام البرلمان يوم الأحد (٢٥ كانون الثاني/ يناير) تحدث فيها عن تراجع إثيوبيا عن كل الاتفاقيات السابقة بخصوص سد النهضة.

هذان ملفان مهمان في تحديد مستقبل آبي أحمد، فالأول يرتبط بإقليم الأمهرا المحادد للسودان، وقد ارتبطت حياة كثير من مواطنيه بالزراعة في منطقة الفشقة الصغرى (شرق نهر عطبرة)، مع مناوشات في الفشقة الكبرى. وعدم تحقيق اختراق في هذا الملف يعتبر نكسة سياسية لرئيس الوزراء الإثيوبي وتؤدي لمزيد من التآكل في شعبيته. وإذا قرأنا المشهد مع واقع الحال في بني شنقول (٦ في المئة من السكان) وتيجراي (٦.١ في المئة) وتململ الأورومو (٣٤ في المئة) وواقع الحال في إقليم الأمهرا (٢٧ في المئة)، فهذه غالبية مطلقة.

أما قضية سد النهضة، فإنها تعتبر قضية وطنية ومحل إجماع بامتياز، وعليه فإن فرص المناورة محدودة جدا ومعاركه ذات نتائج صفرية.

(٣)
شهدت الأيام الماضية حركة واسعة للدبلوماسية الإثيوبية لدعم خياراتها حول هذه الملفات، ولكن غياب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن المشهد سيكون مردوده عكسيا، فالرجل لم يكن يأبه كثيرا للخارج ما لم يرتبط بمصالح واضحة لبلاده. كما أن أهمية مصر واستقرارها يسبق الاهتمام بإثيوبيا في الأجندة العالمية والدولية، وتصور أن العالم يمكن أن يتغافل عن حرب مع السودان، أو خيار الاستفادة من هشاشة الوضع السوداني، فذلك خطأ وتقديرات تفتقر للكياسة.

ويبقى الخيار الأفضل لرئيس الوزراء الإثيوبي هو التعامل ببراغماتية والعودة لمنصة البداية، والانخراط في حوار جدي..