صحافة دولية

WP: بايدن يعيد ترتيب السياسة الخارجية وسط حذر أوروبي

ينوي بايدن إعادة السياسة الخارجية الأمريكية إلى مسارها السابق - جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحفي إيشان ثارور قال فيه؛ إنه بعد أربع سنوات من سياسة ترامب، تسعى الإدارة الجديدة إلى إعادة ضبطها في الداخل والخارج، ويبدأ ذلك في وزارة الخارجية، حيث وصلت المعنويات إلى مستويات دنيا جديدة. وقال بايدن في كلمة قصيرة هناك: "عادت أمريكا .. وعادت الدبلوماسية".

وقال بايدن؛ إنه عقب مكالمات مع العديد من قادة العالم، يأمل هو وإدارته "البدء في إعادة تشكيل عادات التعاون وإعادة بناء عضلات التحالفات الديمقراطية التي انهارت بعد أربع سنوات من الإهمال وسوء التعامل".

وكانت تلك إشارة متوقعة ومرحب بها من الكثيرين في الخارج. فقد انضم بايدن بالفعل إلى اتفاقية باريس للمناخ، وألغى انسحاب أمريكا من منظمة الصحة العالمية وتعهد بتقديم مساعدات أمريكية أكبر للدول الفقيرة التي تكافح جائحة فيروس كورونا. وأعلنت إدارته يوم الخميس عن خطط لإعادة برنامج إعادة توطين اللاجئين الأمريكي إلى مستويات أعلى من تلك التي كانت في عهد إدارة أوباما.

ومرددا خطابه خلال الحملة الانتخابية، تحدث بايدن أيضا عن تعزيز الديمقراطية في الداخل والخارج، ومواجهة النفوذ الاستبدادي لدول الحزب الواحد مثل الصين

وما من شك أن معظم القادة الأوروبيين مرتاحون لرؤية والتزامات الإدارة الأمريكية الجديدة، لكن هذا لا يعني أنهم سوف يحذون حذو بايدن على المسرح العالمي. إن النزعة القومية المتطرفة للرئيس السابق دونالد ترامب، والتجربة المؤلمة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أقنعت المسؤولين في برلين وباريس وبروكسل بالحاجة إلى اتباع نهج أوروبي أكثر استقلالية، وبناء قدرة أكبر من الاعتماد على الذات بعد أكثر من نصف قرن من الاحتماء تحت المظلة الأمنية الأمريكية.

غيرت تجربة سنوات ترامب التفكير الاستراتيجي في أوروبا. ولم يعكس الاقتحام الدراماتيكي لمبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/ يناير تقلب السياسة الأمريكية فحسب، بل عكس أيضا المدى الذي يمكن أن يؤثر فيه الاستقطاب المحلي على السياسة الخارجية المستقبلية. وقالت آنا ستال، المحللة في برلين، لمجلة نيويورك: "لقد أظهر مدى هشاشة الديمقراطية، ليس فقط في أمريكا ولكن هنا أيضا.. ويمكن أن يكون أحد الدروس المستفادة من ذلك، بالإضافة إلى حقيقة أن أمريكا منقسمة، أننا بحاجة إلى التركيز أكثر على التضامن الأوروبي".

ثم هناك مسألة نهج أوروبا تجاه الصين. تبنت إدارة بايدن موقفا متشددا مشابها لسابقتها، وهناك حديث مستمر في واشنطن عن بناء تحالف نشط من الديمقراطيات قد يواجه بكين بشكل مباشر أكبر.

هذا ليس شيئا محمسا للأوروبيين. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام المنتدى الاقتصادي العالمي الأسبوع الماضي: "أتمنى بشدة تجنب بناء التكتلات.. لا أعتقد أنه سيكون من العدل للعديد من المجتمعات إذا قلنا؛ إن هذه هي أمريكا وهناك الصين ونحن نتكتل حول هذا أو ذاك".

وكرر ماكرون هذا الشعور يوم الخميس، قائلا؛ إن السيناريو "حيث نتحد جميعا ضد الصين" سيأتي "بنتائج عكسية". في الوقت نفسه، رفض أيضا الافتراض القائل بأن الأوروبيين يرون على المسافة نفسها، أو محايدين في التنافس المتزايد بين القوة الأمريكية المهيمنة القديمة والحوت الصيني الناشئ. الصين، على حد تعبير ماكرون، هي "منافس" و "منافس منهجي"، حتى لو كانت أيضا "شريكا" لأوروبا عندما يتعلق الأمر بالعمل العالمي بشأن تغير المناخ.

من الناحية العملية، هذا مسار صعب السلوك. فهذا الأسبوع، تعرض رئيس الصفقة الخضراء في الاتحاد الأوروبي، فرانس تيمرمانز، لانتقادات بسبب عدم إثارة مسألة حقوق الإنسان في مؤتمر عبر الهاتف مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هان تشنغ حول سياسة المناخ. وقالت جانكا أورتل، مديرة برنامج آسيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لبوليتيكو أوروبا: "الصين ترى ذلك من زاوية تنافسية.. إذا تعاملنا مع هذا من زاوية مناخية ساذجة بعض الشيء، فسوف يتفوق علينا الجانب الصيني بسرعة نسبيا".

كما استهزأ بعض المحللين بصفقة الاستثمار التي وقعها الاتحاد الأوروبي مؤخرا مع الصين، وتم ذلك دون التشاور مع إدارة بايدن القادمة. فكتب كاتب العمود في وول ستريت جورنال، والتر راسل ميد: "لقد جعلت أوروبا وجهات نظرها جلية.. الإيغور وهونغ كونغ والتهديدات العسكرية المتزايدة في بحر الصين الجنوبي وحوله، لا تحظى بأهمية أقل لدى صناع السياسة الأوروبيين من مصالحهم التجارية".

كتب توم ماكتاغيو من مجلة أتلانتيك أن "هذه الصفقة مع الصين تخفي مشكلة أكثر عمقا لبايدن: ليست القوة الأوروبية، بل الضعف".


ولكن ماكرون لم يأبه بمثل هذه الانتقادات، وقال إن الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والصين "ليست صفقة تحول". لقد وفرت لأوروبا فرصا مهمة في السوق الصينية، وضمنت التزامات الصين ببعض ممارسات العمل الدولية. وأضاف أنه إن لم يكن هناك أي شيء آخر، فإن "هذا اختبار لواقع حسن النية في الحوار" مع بكين.