تقارير

رفعت سيد أحمد: هكذا فهم جيلنا في مصر القضية الفلسطينية

رفعت سيد أحمد: فلسطين قضيتي أنا أولا قبل أن تكون قضية الشعب الفلسطيني العظيم (عربي21)

تنشر "عربي21" في قسم "فلسطين الأرض والهوية"، توثيقا أسبوعيا لفلسطين كما تبدو فكرة ومفهوما في أذهان المثقفين والسياسيين والنشطاء الحقوقيين في العالم.. على اعتبار أن هذه الكتابات هي جزء من وثائق التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر.

اليوم ننشر رأي رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث في القاهرة الدكتور رفعت سيد أحمد، عن القضية الفلسطينية في وعي الكتاب والنشطاء القوميين في مصر.

يعود انحيازي للقضية الفلسطينية إلى بدايات حياتي الجامعية، في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، عام 1975، حين بدأ الاطلاع الواسع على عالم السياسة، وقضايا الأمة، ثم الانخراط والمشاركة في العمل السياسي الوطني والقومي داخل الجامعة وخارجها. هنا اكتشفنا فلسطين، التي ضاعت منا، بفعل الخيانة والتواطؤ والتخاذل. 

وتدريجيا، بدأت المعرفة الواسعة بأبعاد القضية الفلسطينية وحقيقتها، وحسم لدي قرار الانحياز الكامل والقاطع لفلسطين القضية، واعتبرتها منذ ذلك الوقت من السبعينيات: قضية الأمة المركزية، وأنه بمدى قرب أو بعد المثقف أو السياسي العربي من (فلسطين)، تقاس وطنيته، ويقاس شرفه القومي. أضحت فلسطين لدي هي المعيار الأساس للوطنية. 

أما لماذا انحزت لها، فالأسباب عديدة أذكر منها:

 

أولاـ إنها قضية حق وعدل. شعب اغتصبت أرضه وسفك دمه منذ مائة عام (وليس فحسب منذ 1948)، وزُرِعَ مكانه شعب آخر، غريب وشاذ عن نسيج المنطقة، زرعه الاستعمار والعدوان الدائم على الأمة، فكيف لإنسان طبيعي لا ينحاز إلى قضية حق وعدل؟ ثم إذا أضفنا إليه أنه إنسان عربي، يصبح الانحياز واجب وفرض عين. 

ثانياـ إن زرع الكيان الصهيوني في قلب فلسطين، ترتب عنه عشر حروب على الأقل (دون ذكر الحروب الجزئية والدائمة) على بلادي العربية، وترتب عنها بدورها خراب ودماء لازلنا نعانيه. 

إذن، لم يكن احتلال فلسطين هو الغاية فقط لـ (إسرائيل وأمريكا)، بل كان الوسيلة للعدوان، ولمنع النهضة، ولتخريب بيتي ووطني، هكذا أدركت مبكرا جوهر القضية الفلسطينية، فانحزت لها ضد الكيان الغاصب ومن يؤازره. 

ثالثاـ نتج عبر مسيرتي السياسية والفكرية عشرات الكتب ومئات الدراسات والمقالات دفاعا عن قضيتي (القضية الفلسطينية)، وأنشأت في قلب القاهرة عام 1989 مركزا للدراسات والدفاع عن فلسطين هو (مركز يافا للدراسات والأبحاث). 

ورغم ذلك، لازلت أشعر بأنني مقصر في سبيل هذة القضية، وأنه من الواجب الأبدي عليّ أن أظل أكتب وأناضل أكثر من أجلها، أو بمعنى أدق وصحيح من أجل أولادي وأحفادي، ففلسطين عندي بمنزلة (قضيتي أنا أولا)، قبل أن تكون قضية الشعب الفلسطيني العظيم.

(*) كاتب ومفكر قومي من مصر، رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث في القاهرة.