صحافة دولية

WP: أمريكا تنهي أطول حروبها في أفغانستان بدون انتصار

الصحيفة قالت إن انسحاب القوات الأمريكية أنهى كل الوعود بالإنتصار بأطول حرب تخوضها أمريكا- جيتي

علقت صحيفة "واشنطن بوست" على قرار الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن إنهاء الوجود الأمريكي في أفغانستان، بالقول، إن "الأمريكيين ومنذ البداية لم يحددوا طبيعة النصر الذي يريدون تحقيقه هناك، وظلوا يتحدثون عن النصر الحاسم لكنهم سيخرجون بدون انتصار".


وقالت في تقرير ترجمته "عربي21" إنه ورغم دعم غالبية الأمريكيين لقرار الرئيس الأسبق، جورج بوش الابن بشن الحرب على أفغانستان، إلا أنهم لم يكونوا يعرفون الطريقة التي سيتطور فيها النزاع والمدة التي سيستغرقها.


وأضافت أن الولايات المتحدة لم تحدد ومنذ البداية ما هو النصر، حتى مع إعلان الرئيس جوزيف بايدن عن سحب القوات الأمريكية بحلول 11 أيلول/ سبتمبر، وتساءلت بالقول، ما هي طبيعة النتيجة التي تصورها الرؤساء الثلاثة قبله في البيت الأبيض وتعهدوا مرارا بالانتصار في الحرب.


وشددت على أنه "في البداية كان الهدف هو تدمير القاعدة بطريقة لا تتمكن فيها من العودة واستخدام أفغانستان كقاعدة تنفذ عبرها هجماتها الإرهابية ضد الولايات المتحدة. وتم تحقيق هذا الهدف في ستة أشهر، حيث دمرت القاعدة وفر قادتها من أفغانستان".


وبدلا من وقف الحرب أعلن بوش في نيسان/ أبريل 2002 عن أهداف عسكرية وسياسية جديدة. وقال بوش إن الولايات المتحدة ستساعد الحلفاء الأفغان على بناء دولة حديثة وديمقراطية مستقرة، بجيش قوي ونظام صحي وتعليمي جيد للأولاد والبنات.


ورغم نبل الأهداف، بحسب الصحيفة، إلا أن بوش لم يقدم المعيار لتحقيقها ولا عن المدة التي ستبقى فيها القوات الأمريكية، فيما تعهد القائدان العامان اللذان جاءا بعده في نفس المنعطف، بربح الحرب، ولكنهما تجاهلا ماذا يعني وما يجب على القوات الأمريكية تحقيقه قبل العودة للوطن. كما لم يحدد الرؤساء السابقون العدو الذي تحاول الولايات المتحدة هزيمته. فهل كان العدو هو القاعدة؟ أم طالبان أيضا؟ وماذا عن الجماعات المسلحة الكثيرة في أفغانستان التي تهدد بزعزعة استقرار البلد؟


وبحلول عام 2006 مع استعادة طالبان مناطق وتجميع نفسها أصبحت الشكوك أوضح. وكتب السفير الأمريكي في كابول رونالد نيومان في برقية مؤرخة في 29 آب/ أغسطس 2006: "لا ننتصر في أفغانستان" و"هناك مفهوم أفغاني واسع أن النصر يفلت من أيدينا"، إلا أن المسؤولين ظلوا يعلنون العكس في تصريحاتهم. بحسب الصحيفة.

 

اقرأ أيضا: بلينكن في أفغانستان لمناقشة الانسحاب.. وطالبان تحذّر

وفي أيلول/سبتمبر 2008 ضغط الصحافيون على الجنرال جيفري شوليسر، قائد القوات الأمريكية في شرق أفغانستان لتحديد إن كان جنوده ينتصرون فأجاب: "دعوني أكون واضحا، فهم لا يخسرون الحرب هنا بأي وسيلة" و"هو نصر بطيء على ما أخمن".


ومع وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض في 2009 وجد القادة صعوبة في مواجهة تمرد قوي وأعلن الرئيس الجديد عن زيادة القوات الأمريكية وتخصيص عشرات المليارات من الدولارات لدعم الحكومة الضعيفة في كابول.


ووجدت إدارة أوباما نفسها عالقة في تناقض من التصريحات، فمن جهة بدأت تعترف أن النصر الحاسم لن يتحقق والحل هو عبر تسوية تشارك فيها كل الأطراف الأفغانية المتحاربة.


ومن جهة أخرى زاد عدد القوات الأمريكية إلى 100.000 جندي في أفغانستان حيث حاول جنرالات أوباما دفع طالبان للاستسلام بدلا من القبول بحل دبلوماسي.


وقال بارنيت روبن، المسؤول البارز في وزارة الخارجية: "كان نقاشنا هو أن سبب التمرد نابع من عدم وجود تسوية سياسية وإن لم نعالج هذا فالجيش لا يستطيع".


وبدأ بعض مسؤولي الإدارة بالحذر، فعندما سئل روبرت غيتس، وزير الدفاع في تموز/ يوليو 2011 إن كانت الولايات المتحدة تربح أم تخسر الحرب. أجاب أنه تعلم في السنوات الأربع والنصف من عمله الإبتعاد عن الكلمات البراقة "انتصرنا" أو "انهزمنا" وكل ما قاله إنه نفذ استراتيجية الرئيس.


ومع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض عام 2017 كان الوضع كئيبا وأصبحت طالبان قوية وليست ضعيفة وزاد عدد قواتها إلى 60.000 مقاتل، وعانت القوات الأفغانية من خسائر كبيرة، إلا أن الحكومة في كابول أخفت الأرقام حتى لا تؤثر على المعنويات.


واعترف وزير الدفاع جيمس ماتيس: "نحن لا ننتصر في أفغانستان الآن". وفي آب/ أغسطس 2017 أعلن عن استراتيجيته في خطاب ألقاه بقاعدة فورت مير ووعد ليس بإنهاء الحرب ولكن الانتصار بها.


وصعد ترامب من الحرب وزاد من عدد القوات إلى 14.000 جندي وأمر بسلسلة غارات جوية ورمى قنابل ضخمة وصواريخ، لكنه لم يكن يعول على العمليات العسكرية فقط والتي كان يهدف منها لإضعاف طالبان وزيادة الأوراق الأمريكية في أي عملية تسوية. 


وفي شباط/ فبراير 2020 توصل لاتفاق مع طالبان فتح الباب أمام انسحاب القوات الأمريكية. وأنهى هذا كل الوعود بالانتصار في أطول حرب تخوضها أمريكا. بحسب "واشنطن بوست".