اقتصاد عربي

ما سر "جنون" أسعار العقارات في سوريا رغم الركود الحاد؟

أسعار بعض العقارات في المناطق الموجودة تحت سيطرة النظام وصلت إلى أرقام فلكية (3- 4 مليارات ليرة للمنزل الواحد)- جيتي

يسيطر ركود حاد على سوق العقارات في مناطق سيطرة النظام السوري، متأثرا بعوامل عديدة، في مقدمتها تداعيات قانون البيوع العقارية الذي أقره النظام السوري مؤخرا.

ويشتكي تجار عقارات في المحافظات السورية عموما، وفي دمشق على وجه الخصوص، من انعدام حركة البيع والشراء، نتيجة الضرائب، وعدم استقرار سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.

وكان النظام قد أقر في آذار/  مارس الماضي، قانون "ضريبة البيوع العقارية" الذي يعتمد على استيفاء الضريبة على العقارات المباعة بالاعتماد على قيمتها الرائجة، بدلا من القيمة المعتمدة في السجلات المالية.

ويضيف قانون البيوع العقارية ضريبة تصل نسبتها إلى 1 في المئة من قيمة العقار الحقيقية التي يباع بها.

ونص على تشكيل لجان مركزية ورئيسية وفرعية لتحديد القيمة الرائجة للمتر المربع الواحد من العقار، واعتمادها لاقتطاع الضرائب على أي عملية بيع عقارية، دون الاعتراف بالقيم التي يتفق عليها البائع والمشتري.

ويحظر القانون على دوائر السجل العقاري وكتّاب العدل وكل جهة مخولة بتسجيل الحقوق العينية العقارية أن توثق أو تسجل أي حق عيني عقاري، ما لم يبرز أصحاب العلاقة براءة الذمة من الدوائر المالية ذات العلاقة، إلى جانب اشتراط إيداع 5 ملايين ليرة سورية لتوثيق عقد بيع العقار.

جمود مع ارتفاع جنوني بالأسعار

وقال الباحث والمحلل الاقتصادي، رضوان الدبس، إنها تسود حالة خاصة في مناطق النظام، لأن المتعارف عليه عموما عند حالة الركود، أن يكون هناك ثبات بالأسعار أو انخفاض نسبي، لكن ما يسجل الآن ركود وجمود يترافق مع ارتفاعات جنونية بأسعار العقارات.

وأوضح لـ"عربي21" أن قطاع العقارات رغم الركود الذي وصل إلى حد الجمود، فإن الأسعار تسجل ارتفاعا، حيث بلغت أسعار بعض المنازل والعقارات التجارية مليارات الليرات.

وأثار الدبس جملة من الأسباب التي أدت إلى جمود سوق العقارات، وارتفاع أسعارها، وفي مقدمتها قوانين البيوع التي أقرها النظام، وخاصة الجزء المتعلق بتسديد جزء من قيمة البيع عن طريق الإيداع في أحد المصارف المرخصة، حيث أدى ذلك للخوف من الملاحقة والمساءلة الضريبية والقانونية.

كذلك أشار المحلل إلى ارتفاع أسعار مواد البناء وخاصة الأسمنت والحديد، وهو ما دفع بشكل مباشر لارتفاع الأسعار.

وكان النظام قد رفع مؤخراً أسعار الأسمنت المنتج محليا والمستورد، وهو ما أدى إلى شلل في حركة العمار.

ومن الأسباب الأخرى، وفق الدبس تقلب أسعار الليرة السورية مقابل الدولار خلال فترات متقاربة، حيث وصل سعر الدولار الواحد إلى 5000 ليرة ثم هبط بشكل متسارع إلى ما دون الـ 3000 ليرة، قائلا: "هنا يأخذ التجار خط الأمان لهم ويتعاملون على أعلى سعر يستطيعون التعامل به حفاظا على رأس مالهم".

ويشكل الوضع الاقتصادي الصعب للمواطن السوري وضعف الدخل لديه واحدا من أسباب ركود العقارات، كما يؤكد المحلل، مبينا أن "ضعف القدرة الشرائية أدى إلى الإحجام عن حتى التفكير بشراء منزل حيث يتوجب على الموظف أو أصحاب الدخل المتوسط ومحدودي الدخل بشكل عام، أن يعمل واحدهم لعشرات أو مئات السنين حتى يستطيع شراء منزل له".

 

أرقام فلكية

وأضاف الدبس، أن أسعار بعض العقارات وصلت إلى أرقام فلكية (3- 4 مليارات ليرة للمنزل الواحد)، ما أدى إلى فرض حاجز نفسي قوي أمام البيع أو الشراء.

ويضاف إلى كل ما سبق، بحسب المحلل الاقتصادي، عدم الاستقرار الأمني والسياسي، الذي يدفع بشكل مباشر جميع الأطراف إلى التمسك بالعقارات والسيولة بين يديه حتى تتضح الصورة بشكل عام وكامل. 

من جانبه، قال الباحث الاقتصادي، أدهم قضيماتي، إن ما يجري في سوق العقارات يعد أمرا طبيعيا نتيجة سياسات النظام السوري، وإصدار القرارات التي لا تهدف إلا إلى رفد خزينة النظام بالأموال.

وقال لـ"عربي21"، من يبيع عقاره اليوم هو إما موجود داخل مناطق النظام وبحاجة للمال للتصرف به في حياته المعيشية في ظل الظروف الاقتصادية المزرية التي تعيشها مناطق النظام، أو مقيم في الخارج ويريد الاستفادة من ثمن العقار، وفي الحالتين وفي ظل القوانين الجديدة سيمتنع عن البيع نتيجة النسبة التي وضعها النظام السوري ضريبة بيع من القيمة السوقية للعقار.

وبحسب قضيماتي، فإن عملية تشكيل اللجان المختصة بتقدير السعر الرائج للعقارات، أدت إلى خلل كبير بحيث يتم تقدير قيمة العقارات بشكل اعتباطي، ما فتح باب الرشاوى والمحسوبيات في عمل اللجان التي شكلت في بعض المناطق.