مقابلات

ناشطة مقدسية لعربي21: الاحتلال يعمل لتفريغ أحياء القدس

الاحتلال لا يهدف لتهجير سكان حي الشيخ جراح فقط، بل يسعى لتفريغ عدد من الأحياء الأخرى- عربي21

** صرخاتي في وجه جنود الاحتلال الإسرائيلي هي حالة غضب تعبر عن كل أهالي حي الشيخ جراح وسكان القدس

 

** الاحتلال لا يهدف لتهجير سكان حي الشيخ جراح فقط، بل يسعى لتفريغ عدد من الأحياء الأخرى

 

** يتم الاعتداء بشكل يومي علينا لفظيا وجسديا عبر الشتائم والقنابل والضرب

 

** ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في نشر قضية الحي

 

** وقفت الشعوب العربية معنا ولكن ننتظر الكثير من الحكومات

 

 


أجرت "عربي21" مقابلة مع الناشطة المقدسية البارزة، سهاد عبد اللطيف، تحدثت فيها عن خطط "إسرائيل" ضد أحياء المدينة الفلسطينية المحتلة، مؤكدة أن الأمر لا يتوقف عند "الشيخ جراح".

 

وأوضحت عبد اللطيف أن "جميع الأحياء العربية المحيطة بالبلدة القديمة مهددة بالتهجير، وذلك ضمن مخطط إسرائيلي هدفه النهائي تهويد القدس الشرقية وهدم المسجد الأقصى".

 

وقالت عبد اللطيف إن أهالي الشيخ جراح يتصدون للاحتلال بصدور عالية، ولن يخضعوا للتهجير والترحيل من الحي كما يتمنى الاحتلال ومستوطنوه.


وفي ما يأتي نص المقابلة كاملة:


ظهرت في مشهد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنت تصرخين في وجه جنود الاحتلال. ماذا حدث آنذاك؟ وهل عندك بالفعل أمل بالشعوب العربية بأن تأتي في يوم من الأيام للقدس، خاصة أنك هددتِ الجنود بمائة مليون مصري؟


هي كانت حالة غضب تعبر عن كل أهالي حي الشيخ جراح وسكان القدس نتيجة الإجراءات الهمجية والجرائم التي تمارسها سلطات الاحتلال في المدينة، فهي تُنفذ مخططات سياسية خطيرة جدا حيث تحاول الاستيلاء على جميع الأحياء العربية المحيطة بالبلدة القديمة والمسجد الأقصى.


نعم لدينا أمل بالشعوب العربية فنحن متأكدون تماما بأن القضية الفلسطينية تنبض بقلب الشارع العربي كما تنبض بقلب الفلسطينيين، وتواصل بعض المواطنين العرب معنا على مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد لنا أن القضية الفلسطينية ما زالت حية ونابضة في قلوبهم، لكنهم ينتظرون اللحظة المناسبة التي يستطيعون فيها عمل التدخل المناسب، تحديدا في ما يتعلق بمدينة القدس، فهي لها خصوصية في قلب الوطن العربي وأنا متأكدة من أن أي اعتداء على المسجد الأقصى سينتج عنه هبة عربية كبيرة لمواجهة المخطط الإسرائيلي.

 

 

لماذا حي الشيخ جراح تحديدا.. ولماذا الآن؟


لأن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في تسليط الضوء على قضيته، أيضا قيام شباب الحي بتصوير جميع الاعتداءات التي تتم على الحي وقاطنيه، وكذلك نقلهم للصورة الحقيقية، كما أن همجية الاحتلال وجرائمه المتواصلة ساهمت في ذلك أيضا.


لكن يجب التأكيد على أن قضية الحي جزء لا يتجزأ من قضية القدس ككل، فهناك أحياء كثيرة في المدينة تعيش واقعا مشابها لما يعيشه حي الشيخ جراح.


وأما التوقيت فهو مرتبط بالأحداث التي رافقت ذلك مثل اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال على المسجد الأقصى في شهر رمضان المبارك، والتي رد عليها أهالي المدينة المقدسة بهبة جماهيرية لمواجهة مخططات الاحتلال الاسرائيلي، ومن هنا جاء الربط بين حي الشيخ جراح وكل ما يحدث في مدينة القدس وتحديدا المسجد الأقصى.


وبالتالي هذا الربط كان طبيعيا جدا أن يتمثل في هبة بمدينة القدس ككل وليس فقط حي الشيخ جراح لمواجهة ما يحدث فيها وذلك لوعي أهلها بأن ما يحدث في الحي هو مجرد بداية لاعتداء قريب على المسجد الأقصى المبارك.


أيضا انتظار أهالي الحي لقرارات محكمة الاحتلال في ما يخص القضية كان له دور، مع العلم أننا متأكدون أن هذه القرارات ستصب في مصلحة الاحتلال والتي تتضمن إخلاء سكان الحي وتسليم منازلهم لمستوطنين.


أما بالنسبة للاحتلال ولماذا تحرك الآن، فهو أمر ليس بجديد، فالاحتلال لا يركز فقط على حي الشيخ جراح، بل على العكس، فهناك عدة أحياء تحدث فيها مصادرة المنازل والأراضي بشكل ممنهج.


ولكن نحن في الحي نعي جيدا أن القضية ليست قضية بيوت مهددة بالإخلاء وحسب، بل هي قضية وطنية لها علاقة بالتصدي لخطة الاحتلال الكبرى التي تهدف للسيطرة على أحياء مدينة القدس وتهويدها.


حديثك يدفعنا لسؤالك عن ما هي الأحياء الأخرى المهددة بالتهجير؟


بداية لا بد من التأكيد على أن المخطط الإسرائيلي الرئيسي واضح وتم الإعلان عنه بشكل صريح ومبكر وهو هدم المسجد الأقصى، ولهذا هم يعملون على تهجير جميع الفلسطينيين من مدينة القدس لأنهم يعتبرونها العاصمة الموحدة "لدولة إسرائيل".


ولذلك، فإن جميع أحياء القدس المحيطة بالبلدة القديمة بدون استثناء مهددة بالتهجير، ولكن إسرائيل تتعامل وفق سياسة خطوة بخطوة فهي لا تنفذ مخططاتها مرة واحدة حيث تبدأ في منطقة ثم تنتقل لأخرى.

 

اقرأ أيضا: سرق المنزل وانتحل شخصية "يعقوب" للهروب من العدالة في أمريكا


فلو زرت اليوم حي سلوان وهو الأقرب للمسجد الأقصى المبارك سوف تعتقد للوهلة الأولى أنك دخلت حيا يهوديا أو مستوطنة إسرائيلية، فالعديد من المنازل تمت مصادرتها ورُفعت الأعلام الإسرائيلية عليها، بالتالي جميع الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة مهددة، وحتى البلدة القديمة مهددة ومستهدفة.


وتمت مصادرة أراض في أحياء وادي الجوز، الطور، الصوانة، راس العامود، سلوان، بيت حنينا، وسكان هذه الأحياء مهددون بالتهجير، وكذلك هناك عمليات هدم لمنازل المواطنين بحجج واهية.


ما هي طبيعة الاعتداءات الإسرائيلية على سكان الحي وتأثيرها على حياتهم اليومية، وكيف تتصدون لها؟


تتخذ الاعتداءات الإسرائيلية أشكالا مختلفة، منها الضرب، الشتائم من قبل المستوطنين والجنود الإسرائيلين، إلقاء قنابل الغاز والصوت، اعتقالات شبه يومية، أيضا يُمنع تحرك السيارات والمواطنين بحرية، وترهيب السكان وخاصة كبار السن والأطفال، وهذه الاعتداءات المتكررة تؤثر بشكل سلبي على حياتنا اليومية.


أيضا يدخل المستوطنون المدججون بالسلاح إلى الحي بسهولة أمام أعين شرطة الاحتلال الإسرائيلية ويعتدون بالشتائم والضرب على المواطنين ويهددونهم ويوجهون رسائل لهم بأن الحي لهم وأنهم سيطردونهم منه، ويرددون شعارات الموت للعرب وأطفالهم، فهم لا يعترفون بفلسطينيتنا بل يعتبروننا جزءا من العرب وهذا يعبر عن أن كل جرائم وهمجية وكره الاحتلال ومستوطنيه ليس موجهة فقط للفلسطينيين بل موجهة لكل العرب، ولا تنس أن علمهم يعبر عن ذلك عبر رسم خطين أزرقين يعنون به إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.


ولكن سكان الحي يتصدون لهذه الممارسات بصدور عارية وبرفض قرارات محكمة الاحتلال التي لا نعترف بها والقاضية بإخراجهم من الحي، أيضا نبث الرواية الحقيقية لما يجري، ونسلط الضوء على أن هذه القضية سياسية وليست قضية حقوق مدنية، وأن المخطط الإسرائيلي يشمل المدينة ككل وليس فقط الحي.


والتأكيد للمحتل الإسرائيلي بأنه لن يمر عبرنا للدول العربية، وأننا سنبقى نقاوم مخططاتهم والتي تهدف لتفريغ القدس وعموم فلسطين من شعبها ومن ثم التوجه لباقي الدول العربية كما يخططون.


أيضا نحن كلما صعد الاحتلال من إجراءاته سوف نصعد، وسنكثف خطواتنا وعملنا لمواجهة اعتداءاتهم ونحن صامدون ومستمرون وعندنا إجراءات كثيرة نعمل عليها لفضح الاحتلال ومخططه.


وواحدة من أهم القضايا التي نعمل عليها الآن هي الاعتماد على المتضامنين مع قضية الشعب الفلسطيني من جميع أنحاء العالم، ونؤكد على أن الصوت يجب أن يبقى عاليا، وعلى ضرورة فضح انتهاكات الاحتلال وهو الهدف الذي نركز عليه.


ما تأثير اعتداءات وسياسة الاحتلال تجاه الحي والمدينة ككل على عروبة القدس؟


التأثير خطير جدا خاصة أن مخطط الاحتلال هو السيطرة على المحيط الكامل للبلدة القديمة والمسجد الأقصى، فهم بهذه الطريقة يعملون على أن لا يبقى وجود فلسطيني في هذه المناطق حتى لا يواجهوا خطتهم الكبرى المتمثلة في هدم المسجد الأقصى المبارك وبناء الهيكل المزعوم.


وحينما يسيطر الاحتلال على مدينة القدس الشرقية فسيفقدها عروبتها، خاصة أنه سيطمس جميع المعالم العربية سواء المسيحية أو الإسلامية، بالتالي هذا الأمر يهدد عروبة وقدسية القدس.


وعندما نتكلم عن هدم المسجد الأقصى ثالث أقدس مكان على وجه الأرض بالنسبة للمسلمين، لك أن تتخيل الأثر الذي سيتركه ذلك على الطابع العربي والإسلامي للقدس.


وللعلم فإن التأثير لن يقتصر على المقدسات الإسلامية فقط بل سيشمل المسيحية أيضا، فتجاربنا مع الاحتلال أثبتت أنه لا يحترم قدسية أي مكان فلسطيني سواء كان مسلما أو مسيحيا.


وبالطبع التأثير النهائي والأخطر بعد إفراغ جميع أحياء القدس العربية من سكانها هو هدم المسجد الأقصى، فمن يتتبع الوثائق الإسرائيلية سيرى أنهم يضعون هيكلهم المزعوم مكان المسجد الأقصى، ولكن هناك للأسف صمت دولي تجاه هذا الموضوع بل إن هناك حتى تعاطيا من بعض الدول مع هذه الفكرة بحجة أن لليهود حقا بوجود معبدهم الخاص.


هل استفادت قضية حي الشيخ جراح من الهبة الجماهيرية في جميع مدن فلسطين التاريخية ومن ربط المقاومة بغزة حربها بأحداث القدس؟


بالتأكيد استفادت فالربط بين قضية حي الشيخ جراح وغيره من المناطق الفلسطينية هو تعبير عن أن قضية الحي وطنية وتعبر عن نضال الشعب الفلسطيني ككل ضد الاحتلال الاسرائيلي، وكذلك تعبر عن أن نضالنا موحد فنحن لا نعترف بتقسيمات ومسميات الاحتلال بمعنى الضفة وغزة وأراضي 48.


ولكن لنكن واقعيين برغم الاستفادة من هذا الربط، يجب التأكيد على أن ذلك لم ينه ويلغ إجراءات الاحتلال ضد الحي وقاطنيه، وبالتأكيد أن المقاومة في غزة وغيرها من المدن الفلسطينية جزء من مقاومتنا ومن انتصارنا على العدو بشكل عام، ولكن تحديدا في ما يتعلق بقضية الحي أهاليه فإنهم ما زالوا في خطر والحي يتعرض لإجراءات أعلى وتيرة وأيضا ما زالت محكمة الاحتلال تهدد بقراراتها القاضية بتهجير السكان.


ما المطلوب من الدول العربية وخاصة الأردن كونها هي الوصية على المقدسات في القدس؟


نطالب ونتوقع من الدول العربية مساندة الشعب الفلسطيني لتحصيل حقوقه المشروعة، ولكن للأسف على الرغم من مرور 73 عاما على الاحتلال فما زال هناك صمت عربي وتغاض عن إجراءات الاحتلال البغيضة تجاه الشعب الفلسطيني.


لذلك فنحن نتوقع موقفا أقوى من الدول العربية للضغط على الاحتلال لوقف سياسته الهمجية، فهم عليهم أيضا مسؤولية حماية القدس والأقصى إلا إذا كانوا لا يعتبرون ذلك ضمن دورهم ولكن أنا مؤمنة تماما بأنه لا توجد دولة عربية تقبل بالمساس بالمقدسات في فلسطين.


وأما موقف الأردن فهي الدولة الشقيقة والأقرب لنا تاريخيا، ونحن نثمن موقف الشعب الأردني وفخورون جدا به، ونقدر ما قام ويقوم به في الشارع لمناصرة قضيتنا.


ولكن ما زلنا ننتظر موقفا أكثر حزما وجدية من قبل الحكومة الأردنية، خاصة أن هناك بعض الوثائق التي تحمي حق أهالي الحي بمنازلهم لأنه كان مرتبطا بشكل وثيق بالأردن الذي منح هذه المنازل لمجموعة من اللاجئين الذين هجروا من أراضي 48، ولكن للأسف إلى هذه اللحظة لم نحصل على الوثائق المطلوبة من الدوائر الرسمية الأردنية.


لذلك فإننا نتوجه لجلالة الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا خاصة أن أصولها فلسطينية ونطالبهما بالتدخل للضغط على المؤسسات المعنية لتأمين هذه الوثائق واستصدار جميع الأوراق التي تحمي وجودنا في الحي.