صحافة دولية

NYT: هل يجبر "تهديد خراسان" أمريكا على التعاون مع طالبان؟

لا تملك طالبان حتى الآن القدرة الشرطية لمواجهة الزيادة المحتملة في الهجمات ضدهم- تويتر

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للباحث في العلاقات الدولية في جامعة ستانفورد، أصفنديار مير، قال فيه إنه عندما أعلن الرئيس بايدن في الربيع أن أمريكا ستسحب قواتها من أفغانستان بحلول الخريف، تحدث عن التهديدات الإرهابية، لكنه لم يذكر أبدا تنظيم الدولة فرع خراسان في أفغانستان.

 

وذكرت الصحيفة أن مدير المخابرات الوطنية، أفريل هينز، بالكاد طرح تنظيم الدولة في خراسان في تقييمات التهديدات المتعلقة بأفغانستان في نيسان/ أبريل. وفي 20 آب/ أغسطس، أشار بايدن إلى المجموعة، في خطاب ألقاه حول محاولة اللحظة الأخيرة لإجلاء المواطنين الأمريكيين الذين تقطعت بهم السبل، والأفغان المعرضين للخطر بعد اجتياح طالبان لأفغانستان.


وحينها كان قد فات الأوان. وضرب تنظيم الدولة فرع خراسان يوم الخميس بتفجير انتحاري مميت في مطار كابول، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 170 مدنيا أفغانيا و13 من أفراد الخدمة الأمريكية.


همجية هذا التنظيم ليست جديدة، ففي أيار/ مايو 2020، استهدف جناحا للولادة في كابول، ما أسفر عن مقتل 24 شخصا، بينهم نساء وحديثو ولادة. لكن استهداف العسكريين الأمريكيين الذين لم يكونوا في منطقة قتال جعل تنظيم الدولة واحدا من أبرز التنظيمات الإرهابية في المنطقة.


كما أنه من غير المرجح أن يتم ردعه، على الرغم من ضربات الطائرات الأمريكية دون طيار التي استهدفت أعضاء مشتبه بهم بعد وقت قصير من هجوم المطار. وحاول التنظيم مهاجمة المطار مرة أخرى بتفجيرات انتحارية وصواريخ في الأيام القليلة الماضية.

 

اقرأ أيضا: بايدن يدافع عن الانسحاب من أفغانستان ويهدد "ولاية خراسان"

شجعت عودة طالبان المظفرة إلى كابول الجماعات في جميع أنحاء العالم. ويرى أعضاء القاعدة، الذين بايعوا طالبان الأفغانية، صعودها على أنه انتصار للجهاد العالمي وعصر جديد من الحكم الإسلامي، في حين اعتبرت الجماعات الأخرى، بما في ذلك هيئة تحرير الشام في سوريا، وتحريك طالبان في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان، طالبان نموذجا يحتذى به.


لكن تنظيم الدولة فرع خراسان غير معجب، ويأمل بهجوم المطار، الذي تم توقيته وسط الإجلاء الأمريكي الفوضوي، التفوق على حركة طالبان المبتهجة حاليا وحلفائها. وتعتبر المنافسة بين هذه الجماعات سمة حاسمة للسياسة في المنطقة، وهذا يعني المزيد من الهجمات، والمزيد من عدم الاستقرار، والأهم من ذلك، يعدّ تحديا أكثر تعقيدا لأمريكا وحلفائها، إذ كانوا يأملون في منع أفغانستان من أن تصبح مرة أخرى ملاذا للجماعات المسلحة.


تحاول الجماعات المسلحة -حتى تلك التي تتبنى أيديولوجية مماثلة- التفوق على بعضها البعض من خلال شن هجمات أكثر جرأة، سواء من حيث العدد أو حجم الصدمة. يتيح لهم ذلك تمييز علامتهم التجارية، أو سرقة أهداف المنافسين، أو اكتساب الموارد من المؤيدين المحتملين.


يجب أن يُنظر إلى هجوم تنظيم الدولة على المطار في ضوء هذا بالضبط، لا سيما أن التنظيم قد استخدم المنافسة لصالحه في الماضي. عندما ظهر في عام 2015، استخدم تنظيم الدولة خراسان النشوة الجهادية حول العنف والفتوحات الإقليمية لتنظيم الدولة في العراق وسوريا؛ لمناشدة الكوادر الساخطين المنتمين إلى حركة طالبان باكستان والقاعدة وطالبان الأفغانية للانضمام إليهم.
 
على الرغم من أن كل هذه الجماعات -بما في ذلك حركة طالبان- ملتزمة بمفهوم الجهاد، إلا أن تنظيم الدولة فرع خراسان زاد من نقاء أيديولوجيته، رافضا بشدة هدف طالبان القومي المتمثل في حكم أفغانستان. علاوة على ذلك، تؤيد طالبان الفكر السني، الحنفية، التي لطالما عزلت أقلية مهمة من الأفغان السلفيين في المناطق الريفية والحضرية الذين لا يعتبرون طالبان نقية. 
 
وقد سمح ذلك لتنظيم الدولة فرع خراسان ببناء تحالفات في السنوات القليلة الأولى منذ تشكيلها مع مجموعات في شرق أفغانستان تعتبر نفسها منافسة لطالبان، وتشجع المجندين بوعود بتصعيد العنف والجهاد على نطاق واسع.
 
ولكن بحلول عام 2019، أدت الضربات الجوية الأمريكية والعمليات العسكرية الأفغانية، فضلا عن الهجوم السياسي والعسكري لطالبان الأفغانية، إلى تقليص تنظيم الدولة في خراسان. لقد خسر قادة ومقاتلين عاديين. تقلصت الأراضي الخاضعة لسيطرته، وتحول الحلفاء في ساحة المعركة عنهم، حيث ازدادت قوة تصور عودة طالبان الوشيكة إلى السلطة في أفغانستان. 
 
ومع ذلك، فإن تنظيم الدولة في خراسان لم يستسلم. فقد نصب نفسه على أنه حركة معارضة لطالبان، حيث صور طالبان على أنها جبانة للتحالف مع باكستان، وعقد صفقات مع الحكومة الأمريكية. واستهدف رجال الدين المناهضين للسلفية في طالبان، بمن فيهم رجال الدين في باكستان. وبحلول منتصف عام 2020، حتى بعد أن فقد الأراضي الريفية، كان يمتلك شبكة حضرية.


كما استعاد الآلاف من مقاتليه المسجونين من خلال الهروب من السجون، مرة بعد هجوم معقد، وآخرها عندما تمكن آلاف السجناء من الفرار من السجون الأفغانية بعد سيطرة طالبان على كابول. منذ ذلك الحين، استهدف تنظيم الدولة في خراسان الجيش الأمريكي والمدنيين الأفغان في كابول وحولها، ما أظهر لمؤيديه وخصومه على حد سواء أن تنظيم الدولة لا يزال في لعبة الجهاد المحلي والعالمي أيضا.


كما أظهر هجوم المطار أن تنظيم الدولة في خراسان لا يتردد في استغلال الانقسامات داخل طالبان.

 

هناك غموض داخل المجموعة، بأن بعض قادة طالبان في ساحة المعركة غير راضين عن الخط العام الأكثر ليونة للقيادة المركزية، بما في ذلك الإعلان عن عفو ما بعد الحرب عن الأفغان الذين عملوا مع الأمريكيين والحكومة الأفغانية، والرغبة في حكومة شاملة تضم خصوما سياسيين. والأقليات الدينية، وقرار وقف إطلاق النار بشكل كامل ضد أمريكا حتى الانسحاب.

 

فأصبح تنظيم الدولة في وضع يسمح له بالاستفادة من قاعدة الدعم هذه.

 

اقرأ أيضا: WSJ: زعيم "ولاية خراسان" يكشف عن الحرب مع طالبان قبل مقتله

استمرار تنظيم الدولة في خراسان يهدد الجماعات الأخرى. القاعدة، على وجه الخصوص، ستشعر بالضغط لأن تنظيم الدولة في خراسان قتل الأمريكيين، وهو شيء لم تتمكن من القيام به هذا العام. وحركة طالبان باكستان، التي فقدت كوادرها لصالح تنظيم الدولة في خراسان قبل بضع سنوات، ويمكن أن يتكرر ذلك مرة أخرى، تشعر بالقلق أيضا. قد يتحوط جهاديو آسيا الوسطى في أفغانستان أيضا، من خلال تطوير تحالف مع تنظيم الدولة كضمان ضد تخلّي طالبان.


لا تملك طالبان حتى الآن القدرة الشرطية لمواجهة الزيادة المحتملة في الهجمات ضدهم، لا سيما في المناطق الحضرية، حيث يتمتع تنظيم الدولة في خراسان بحضور أقوى. لقد اعتادوا أن يكونوا قوة متمردة، ويحتاجون إلى تعلم كيفية تأمين المدن. وبسبب السجناء المفرج عنهم مؤخرا، فإن تنظيم الدولة في خراسان في وضع جيد لتحدي طالبان في المناطق الريفية في شرق أفغانستان، ما يجعل توطيد طالبان للسلطة أمرا صعبا.


هذا يضع أمريكا وطالبان في موقف محرج محتمل، حيث يشتركان في نفس العدو. هل يجب على أمريكا العمل مع طالبان ضد تنظيم الدولة؟ هناك طريقان إلى الأمام. أحد الخيارات، الذي يبدو أن إدارة بايدن تميل إليه، هو التعاون مع طالبان، بما في ذلك ربما بشأن تبادل المعلومات الاستخباراتية لضربات الطائرات دون طيار ضد قادة تنظيم الدولة في خراسان. هذه، مع ذلك، ليست استراتيجية قابلة للتطبيق على المدى الطويل؛ ففي حين أنها قد تؤدي إلى إضعاف تنظيم الدولة نوعا ما، فإن أي مظهر للتعاون بين أمريكا وطالبان من المرجح أن يعمق الانقسامات داخل طالبان لصالح تنظيم الدولة في خراسان.


يمكن لأمريكا أيضا اختيار عدم القيام بأي شيء، وترك حركة طالبان وحلفاءها يقاتلون تنظيم الدولة في خراسان. إنها استراتيجية محفوفة بالمخاطر، لإثبات قوتهم، قد يحاول تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة في خراسان إلهام أو شن هجمات خارج الحدود. لكن ضغط ساحة المعركة المحلية سيحد من التهديد إلى حد ما.


بعد عقدين من الزمان، لم يتلاش التهديد الإرهابي من أفغانستان ضد أمريكا وبقية العالم، بل أدت المنافسة إلى زيادة المخاطر.