صحافة إسرائيلية

هكذا قرأت صحف الاحتلال حديث "عباس" بالأمم المتحدة

لفت خبير إسرائيلي إلى أن "الغضب الفلسطيني يزداد من إسرائيل وتتآكل الثقة بعباس"- جيتي

سلطت الصحف العبرية الضوء على خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أمام الأمم المتحدة الجمعة الماضية، واصفة إياه بأنه "خطاب اليأس".


صحيفة "هآرتس": الجسور تحرق


نبهت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها، إلى أن "إحساس اليأس البادي في الخطاب الذي ألقاه عباس في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ينبغي أن يقلق إسرائيل أكثر من إنذاره لها، بأن على إسرائيل الانسحاب خلال عام من حدود 1967".


وذكر عباس في خطاب، أنه في حال لم يلتزم الاحتلال بهذا الإنذار، "سنتوجه إلى المحكمة في لاهاي، كي تتخذ قرارا حول شرعية الاحتلال".


ورأت الصحيفة، أنه "من الصعب أن نصدق أن أحدا ما في العالم، إسرائيلي وفلسطيني على حد سواء، يقبل أقوال عباس ببساطتها، وعلى الرغم من ذلك، حتى لو لم تكن حاجة إلى البدء بالعد التنازلي حتى موعد انتهاء الإنذار، محظور أن نتجاهل الألم الذي أعربت عنه أقواله".


 وأوضحت أن "اليأس تربة خصبة لتعزيز الكراهية، تعاظم العنف وإحراق الجسور الدبلوماسية"، منوهة بأن "عباس اتهم إسرائيل بالرفض السياسي".


وأكدت "هآرتس"، أن "عباس محق في إحساسه بأن إسرائيل سمحت بيده الدبلوماسية أن تبقى معلقة في الهواء، وأضعفته بنية مقصودة، كي تخرب على حل الدولتين بواسطة بناء منفلت العقال في المستوطنات، وفي نفس الوقت أبدت احتراما أشد لنهج العنف".

 

اقرأ أيضا: غانتس عن مهلة عباس: تسلق شجرة يصعب النزول عنها


وذكرت أن "عباس نثر في خطابه تهديدا عابثا آخر، بأن هدم حل الدولتين سيسمح بالمطالبة بالعودة لمشروع التقسيم في 1947"، موضحة أن "سفير إسرائيل في الولايات المتحدة والأمم المتحدة، جلعاد أردان، وجد الفرصة للهزء من عباس على إنذاراته "الهاذية"، وغرد بانعدام وعي، أن الحكومة التي بعثت به للأمم المتحدة وثقافتها الدبلوماسية المريضة، قد انقضى زمانهما".


وقالت الصحيفة: "هذا لا يهم، كم حاول اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو تجويع الوطنية الفلسطينية حتى الموت، لكنها لم تندثر، ورغم محاولات رئيس الحكومة نفتالي بينيت، ووزير خارجية مائير لبيد، تجاهلها في مسعى للحفاظ على استقرار حكومتهما، فإنها لن تختفي".


ونوهت إلى أن "القضية الفلسطينية كانت ولا تزال هي المشكلة الإسرائيلية، وحل الدولتين كان ولا يزال الحل الصحيح، وينبغي التعاطي بجدية لدعوة عباس اليائسة، وفتح صفحة جديدة في العلاقات مع السلطة، والخطوة الأولى في هذا الاتجاه، هي استبدال أردان".


أما الخبير الإسرائيلي جاكي خوري، وفي مقال آخر بـ"هآرتس"، فقد شكك في أن يساهم توجه عباس لمحكمة الجنايات الدولية، بأنه من الممكن أن "يقض مضاجع قادة إسرائيل"، منوها بأن الثقة الفلسطينية برئيس السلطة عباس "تآكلت".


ونوه إلى أن "خطاب عباس، وجه بالأساس إلى المجتمع الدولي، وبصورة أقل للفلسطينيين، رغم أنه يدرك أن هناك حالة من الغضب والإحباط تعتمل تحت الأرض، وتآكل للثقة به وبقيادته بسبب غياب حل سياسي في الأفق".


وذكر أن "عباس تحدث من مكتبه في رام الله، ووضع خلفه 4 خرائط، خارطة المنطقة التي سماها عباس "فلسطين التاريخية"، مرورا بالمنطقة التي خصصت للفلسطينيين في خطة التقسيم من عام 1947 ووضع الفلسطينيين حتى عام 1967، وانتهاء بالواقع الآن كما عرضه، سيطرة فلسطينية على 12 في المئة من الأرض، وهذا يظهر أن الحلم الوطني الفلسطيني تقلص".


ونبه خوري بأن "عباس (85 عاما) الذي لم يعد بإمكانه إخفاء الثقل في لغة جسده ولسانه، كرر التهديدات التي أسمعها في السابق أكثر من مرة في السنوات الأخيرة"، لافتا إلى أن "عباس نفسه، يعرف أنه مشكوك فيه أن هذه التهديدات (سحب الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني) ستقض مضاجع قادة إسرائيل، أو تجعل الرئيس الأمريكي جو بايدن يقفز في سريره".

 

اقرأ أيضا: عباس: أمام الاحتلال عام واحد لينسحب من أراضي 67 (شاهد)


وتابع: "تحذيرات كهذه اسمعت في السابق بصورة قاطعة، لكن تأثيرها ضئيل في الساحة السياسية، الإسرائيلية والدولية، ومرة تلو أخرى، تراجعت قيادة السلطة عن أي تهديد كي لا تحطم الأدوات إزاء ضغوط عربية ودولية"، موضحا أن "عباس محق في نقطة واحدة، أنه في نهاية المطاف الديمغرافيا هي التي ستحسم وستملي الواقع على الأرض".


ونبه بأن "عباس يعرف من 1948، أن إسرائيل تصرفت وفقا لاستراتيجية واحدة، وهي التقليص بقدر الإمكان للمنطقة المخصصة لفلسطين، الآن الهدف هو إقناع المجتمع الدولي بأنهم يوجدون على الأرض، وأن عددهم يزداد، ومع الواقع الديمغرافي لا يمكن الجدال".


ولفت الخبير إلى أن "الغضب الفلسطيني يزداد من إسرائيل وتتآكل الثقة بعباس؛ بأنه يستطيع أن يجلب أي حل في المنطقة، والحوار حول دولة واحدة من البحر حتى النهر، لم يعد حوارا نظريا، وفي ظل غياب أفق سياسي حقيقي، السلطة يمكن أن تتفكك كليا".


وأفاد بأن "إسرائيل والإدارة الأمريكية يواصلون الاستخفاف بعباس وتهديداته، وسيعرضون عليه تسهيلات اقتصادية ومشاريع كثمن للصمت، لكنهم يتجاهلون ما يحدث في الأراضي الفلسطينية، لأن مفترق الطرق هذا لا يتعلق فقط بمستقبل عباس والسلطة، بل كيف ستبدو عليه الدولة بين البحر والنهر بعد عقد من الزمن".


"إسرائيل اليوم": القتال القانوني قتاك


صحيفة "إسرائيل اليوم" في مقال للكاتب أمنون لورد، لفتت إلى أن "الموضوع الأساس في خطاب عباس، مرة أخرى هو المحكمة في لاهاي وكل ساحة القانون الدولي"، مؤكدة أن "استراتيجية القتال القانوني ناجعة للغاية وفتاكة".


وتابعت: "عباس عديم الشرعية، كونه بات من الصعب على المرء أن يتذكر متى كانت الانتخابات الأخيرة في السلطة، يحمل في يده ورقة، وهي الحركة الدولية للقتال القانوني".


وأشارت إلى أن "القتال القانوني وسيلة مركزية لعزل إسرائيل ونزع الشرعية عنها، فيما أن الهدف في النهاية هو "الذبح السياسي"، أي تصفية إسرائيل".


وبينت الصحيفة أن "المبدأ، هو إخضاع السياسة الدولية لإجراءات قانونية، وإسرائيل هي المتضررة الأساس، ومؤخرا فقط، نجحت حماس بأن تحول استفزازا قانونيا عقاريا في الشيخ جراح بالقدس، ليصبح اشتراطا وذريعة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل".


ونوهت إلى أن "عباس اتخذ في خطابه لغة الأمر تجاه إسرائيل، مطالبا إياها بالانسحاب"، موضحة أن "عباس بدأ فعليا يتعاطى مع من هو بالفعل مستعد لأن يلتقي به، فقد نشر وزير الخارجية لبيد مؤخرا خطة سلام تحت غطاء "إعادة بناء قطاع غزة"، وثمة هناك عناصر لرفع مستوى المكانة الدولية للسلطة منها إعادة حكمها لغزة".


وأضافت: "عباس شدد في خطابه على الحاجة للعودة إلى الفترة ما قبل الرئيس دونالد ترامب، وعمليا، خطة ترامب كانت الاحتمال الواقعي الأكبر للتقدم السياسي الحقيقي على المستوى الإسرائيلي- الفلسطيني"، بحسب زعمها.