ملفات وتقارير

ما دلالة اتفاق مصر والاحتلال على التعزيز الأمني بـ"رفح"؟

قال مراقبون إن السيسي يعمل على تغيير العقيدة العسكرية للجيش المصري- جيتي

قال سياسيون ومراقبون إن اتفاق مصر والاحتلال الإسرائيلي على تعزيز وجود القوات المصرية في منطقة رفح الحدودية؛ هو أحد ثمار العلاقات الاستراتيجية الجديدة بين الجانبين، والتي وصلت إلى ذروتها في عهد رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي.


وأعلن الجيشان المصري والإسرائيلي، في بيانين منفصلين الاثنين، تعديل بعض بنود الاتفاقية الأمنية المبرمة بين الجانبين من أجل تعزيز قوات حرس الحدود المصرية وإمكاناتها بالمنطقة الحدودية في رفح، دون الكشف عن المزيد من التفاصيل.


وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي هو المبادر بالإعلان عن التعديل الجديد، حيث أكد، في بيان، أنه تم عقد اجتماع للجنة العسكرية المشتركة للجيشين الإسرائيلي والمصري يوم الأحد وتم خلاله تناول القضايا الثنائية.

 

اقرأ أيضا: تباين إسرائيلي حول السماح لمصر بزيادة قواتها في رفح


وأضاف البيان أنه تم خلال الاجتماع التوقيع على تعديل للاتفاقية التي تنظم وجود قوات حرس الحدود في منطقة رفح، لمصلحة تعزيز الوجود الأمني للجيش المصري في هذه المنطقة.


وبعد ساعات من البيان، أصدر الجيش المصري بيانا منفصلا، قال فيه: "نجحت اللجنة العسكرية المشتركة بناء على الاجتماع التنسيقي مع الجانب الإسرائيلي في تعديل الاتفاقية الأمنية بزيادة عدد قوات حرس الحدود وإمكاناتها بالمنطقة الحدودية برفح"، من دون ذكر تفاصيل.


وأضاف البيان أن هذه الخطوة تأتي في ضوء جهود "للحفاظ على الأمن القومي المصري، واستمرارا لجهود القوات المسلحة في ضبط وتأمين الحدود على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي".

 

 

 

وتقيد معاهدة السلام بين البلدين عام 1979 مصر في نشر الجنود والمعدات على حدودها مع قطاع غزة، وتحظر إدخال طائرات وأسلحة ثقيلة إلى المنطقة الحدودية، وحددت طبيعة القوات المصرية المنتشرة وكذلك تسليحها، لكنها تسمح بزيادة القوات بالاتفاق بين البلدين.


مصالح مشتركة


وبشأن دلالة الاتفاق الجديد، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى المصري السابق رضا فهمي إن "السيسي يعمل على تغيير العقيدة العسكرية للجيش المصري من خلال التأكيد على أن دولة الاحتلال هي حليف استراتيجي وقوي، ولا زلنا نرى محاولات النظام المصري حرمان الفلسطينيين والمقاومة في غزة من جني ثمار معركتهم الأخيرة مع الاحتلال".


وتابع في حديثه لـ"عربي21": "للمرة الأولى، للأسف، أصبح هناك مصالح وتفاهمات مشتركة بين الجيشين الإسرائيلي والمصري على حساب الأمن القومي المصري، وبالتالي أي قضايا أخرى كقضية الشعب الفلسطيني وعملية السلام من شأنها أن تتعارض مع الكيان الصهيوني أو الأمريكان، فقرار السيسي سيكون باتجاه تبريد هذه الملفات"، وفق تقديره.


وبشأن مسار تطور العلاقات العسكرية بين البلدين، أكد فهمي أن "نظام السيسي طور باسم مصر علاقاته الخارجية بالكيان الإسرائيلي أكثر من أي دولة عربية أو إقليمية أخرى على المستويين العسكري والأمني، فلا توجد علاقة بين مصر ودولة أخرى تشبه العلاقة بين مصر وإسرائيل، وتحولت إلى علاقة استراتيجية؛ لأن السيسي يعتقد أن أحد ضمانات بقائه في الحكم هو علاقته وتعاونه المميز مع تل أبيب".

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يعلن عن اتفاق مع مصر لتعزيز قواتها برفح المصرية


يأتي الاتفاق بعد نحو أقل من أسبوعين، من كشف مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، عن إصدار السيسي لقرار رئاسي، وصفته بالخطير، ينص على تحديد ما يناهز ثلاثة آلاف كيلو متر مربع من الأراضي في شمالي شرق شبه جزيرة سيناء، كمناطق حدودية تخضع لقيود صارمة، ما يعني عمليا ابتلاع المزيد من أراضي المنطقة ضمن مخططات غامضة للجيش لإفراغ المنطقة من سكانها، إذ تقوض تلك القيود حياة من تبقى من السكان فيها.

 

 

 

دلالات الزيادة


من جهته، قال رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، الدكتور عمرو عادل: "الحدود بين الدول يعتمد ضبطها على طبيعة العلاقة بين الطرفين السياسية والعسكرية، فعندما كان العدو الصهيوني عدوا كانت القوة العسكرية الرئيسية المصرية على حدود فلسطين، وعندما بدأت عملية السلام المهينة في السبعينيات تحولت سيناء لمنطقة عازلة حامية للصهاينة".


وأضاف لـ"عربي21": "كان الصهاينة حريصين على تقليل القوات للحد الأدنى، خوفا من العداء المتجذر في الشعب المصري لهم وعدم قدرة النظام على ردعه، ونتذكر حوادث سليمان خاطر وأيمن حسن، ولكن عندما أصبحت مصر تحت حكم عسكري استبدادي متحالف مع الصهاينة وتغيرت إلى حد كبير ثقافة العداء مع الصهاينة داخل الجيش وزادت الرغبة في حصار الشعب الفلسطيني في غزة، صار من الطبيعي أن يصبح تنسيقا ومصالح مشتركة بين الجيشين".


واعتبر عادل، وهو ضابط سابق بالجيش المصري، أن زيادة "القوات من الجانب المصري على الحدود مع رفح، وتعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع الصهاينة، هو دليل كبير على عدم خشية كلا الطرفين من الآخر، ووصول العلاقة إلى مستويات غير مسبوقة من الخيانة المعلنة من النظام المصري لقضية الأمة الرئيسية.. قضية فلسطين"، وفق قوله.