اقتصاد عربي

فقر وغلاء وتفاقم للدين.. هذا ما عانى منه المصريون في 2021

معدل الفقر في مصر وصل إلى 29.7 بالمئة من عدد السكان - جيتي

أكد خبراء ومحللون اقتصاديون أن اقتصاد مصر عام 2021، نسخة قد تكون الأسوأ عن سابقاتها من السنوات الماضية، في ظل السياسات الاقتصادية التي ينتهجها النظام العسكري الحاكم منذ منتصف العام 2013.

وتوقع خبراء تحدثوا لـ"عربي21"، أن يكون العام الجديد 2022 نسخة تسير إلى الأشد قسوة على المصريين من 2021 وما قبله.

وفي تحليلهم لحالة الاقتصاد المصري 2021، لفتوا إلى قرارات اتخذها النظام، وكانت سببا في زيادة واقع المصريين ألما، وفاقمت من حالة الفقر والغلاء.

وأشاروا كذلك إلى حجم ما فقدته مصر من أصول بالتصفية والبيع أو الطرح في البورصة وغيرها في 2021، بجانب ما عانته البلاد من تفاقم الدين الداخلي والخارجي في ٢٠٢١، عنه في 2020، وأثر ذلك على المصريين.

ووفق مراقبين، فقد أضرت قرارات النظام خلال 2021 بالمصريين، وازدادت نسب الفقر والغلاء، إذ أظهرت إحصائيات رسمية وصول معدل الفقر في مصر إلى 29.7 بالمئة من عدد السكان في العام المالي 2019-2020، فيما أكد تقرير للبنك الدولي عام 2016، أن نسب الفقر في البلاد وصلت 60 بالمئة.

 

اقرأ أيضا: أبرز المؤشرات والإحصاءات العالمية حول مصر في 2021

وطالت فواتير الكهرباء في مصر زيادات على شرائح الاستهلاك خلال 2021، كسابقاتها من الأعوام؛ وهو ما طال كذلك فواتير استهلاك المياه والغاز، والخدمات والإشهارات والمحررات الحكومية.

ورفعت حكومة رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي أسعار الكهرباء المنزلية خلال تموز/ يوليو 2021، في زيادة هي الثامنة منذ العام المالي 2014 - 2015.

وأثار السيسي الكثير من مخاوف الفقراء، حينما أعلن في آب/ أغسطس 2021، أن الدولة ستتجه إلى رفع قيمة رغيف الخبز المدعم الذي يستفيد منه نحو 72 مليون مصري، وفق إحصاءات حكومية.

وكذلك أعلن السيسي 22 من كانون الأول/ ديسمبر 2021، عن توجهه بتقليص عدد المستفيدين من الدعم التمويني، على الرغم من تقليصه له مرارا خلال السنوات السابقة.

ويبلغ عدد بطاقات التموين في مصر نحو 23 مليون بطاقة، يستفيد منها قرابة 64 مليون مصري من مجموع عدد سكان مصر، البالغ نحو 103 مليون نسمة.

وأعرب السيسي عن عزمه وقف إصدار بطاقات الدعم التمويني للمتزوجين الجدد، وقصر عدد المستفيدين من البطاقات الحالية على فردين اثنين فقط.

وفي 14 كانون الأول/ ديسمبر 2021، مرر "مجلس النواب" مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة، ليزيد من الأعباء المتوقعة على المصريين.

وأقر تعديل بعض أحكام قانون ضريبة الدمغة، بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة، وفرض ضريبة مقابل دخول المسارح وغيرها من الملاهي، فيما تضمنت التعديلات زيادة الضرائب على العديد من السلع والخدمات.

وفي نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، وافق مجلس النواب، على قرار السيسي بتعديل بعض فئات التعريفة الجمركية، وفرض رسوم بنسبة 10 بالمئة على الهواتف المحمولة ليصل إجمالي الضرائب المفروضة على الهواتف لـ 35 بالمئة.

وفي إطار سياساتها الدائمة بالاقتراض الخارجي أقرت الحكومة المصرية قانون الصكوك السيادية في آب/ أغسطس 2021.

 

اقرأ أيضا: الولي: اقتصاد مصر في خطر.. والمصريون "لا يأكلون المؤشرات"

وأكدت وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني أيلول/ سبتمبر 2021، أن استثمارات الأجانب في أذون وسندات الحكومة المصرية بالعملة المحلية ارتفعت إلى 33 مليار دولار.

وفي حزيران/ يونيو 2021، بلغ إجمالي ديون مصر الخارجية 137 مليارا و850 مليون دولار مقارنة بـ123 مليارا و490 مليون دولار حزيران/ يونيو 2020، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري، فيما تعدت ديون مصر هذا الرقم بكثير في الأشهر الستة الأخيرة من العام.

وخلال 2021، استأنفت وزارة المالية برنامج الطروحات في البورصة، وكشفت عن طرح أكثر من 20 شركة وبنكا بالبورصة، فيما شهد العام توقف وبيع العديد من الشركات المملوكة للدولة ولقطاع الأعمال العام أهمها شركة الحديد والصلب في حلوان 31 أيار/ مايو 2021.

"تحسن غير ملموس"


وفي تحليله لحالة الاقتصاد المصري 2021 مقارنة بما قبله من الأعوام السابقة، قال الخبير الاقتصادي المصري الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب: "بالتأكيد شهد عام 2021 بعض التحسن في مؤشرات أداء الاقتصاد المصري".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "قيمة الصادرات المصرية الإجمالية ارتفعت بنسبة نحو 40 بالمئة لتصل إلى 29.7 مليار دولار خلال الفترة من كانون الثاني/ يناير حتى أيلول/ سبتمبر 2021، مقابل 21.2 مليار دولار خلال نفس الفترة لعام 2020".

واستدرك عبدالمطلب: "لكن هذا لم يمنع ارتفاع معدل التضخم في مصر على أساس سنوي والذي سجل 7.3 بالمئة في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 مقابل 4.6 بالمئة في أيلول/ سبتمبر من نفس العام".

ولفت إلى أن "ارتفاع معدل التضخم هذا مؤشر على ارتفاع قيمة (أسعار) العديد من السلع خلال العام".

وعن أهم قرارات النظام التي زادت من واقع المصريين ألما وزادت من حالة الفقر والغلاء في 2021 عن ما قبلها من أعوام، أكد الخبير الاقتصادي المصري، أن "العام 2021 شهد قرارات بارتفاع أسعار الكهرباء والغاز وغيرها من مصادر الوقود".

وبيًن الخبير المصري أن تلك القرارات "أدت بلا شك إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات الأخرى أيضا".

وبشأن حجم ما فقدته مصر من أصول بالتصفية والبيع أو الطرح في البورصة وغيرها في 2021، يعتقد عبدالمطلب، أن "تصفية شركة الحديد والصلب المصرية يعد أهم النقاط المظلمة لعام 2021".

وأوضح أن مصر بهذا القرار "فقدت واحدة من أهم القلاع الصناعية المصرية، وانتهت ريادة البلاد في مجال صناعة الصلب إلى الأبد".

وفي ملف تفاقم الدين الداخلي والخارجي في 2021، عنه في 2020، أكد الخبير المصري أن "الدين الخارجي لمصر ارتفع بنحو 10 مليار دولار في 2021، حيث بلغ الدين الخارجي نحو 138 مليار دولار".

وأشار إلى أن "هذا الرقم قابل للزيادة والنقصان حسب موعد الاستحقاق، أو تمديد أجل القروض".

ولفت إلى أن أثر ذلك على المصريين كبير، مبينا أن "مشكلة الدين تكمن في المدفوعات التي تثقل كاهل الموازنة العامة للدولة، حيث تلتهم أقساط وفوائد الدين أكثر من نصف الإيرادات العامة للدولة، وأكثر من ثلث الإنفاق العام".

"استمرار لما قبله"


وفي رؤيته قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكرالله، لـ"عربي21": "سارت أحوال مصر الاقتصادية في 2021، على نفس وتيرة العام السابق 2020، وكحالة الاقتصاد المصري خلال السنوات الماضية".

وأضاف: "إذ حلت في 2021، آجال الكثير من الديون السابقة، بالإضافة إلى زيادة أسعار الفائدة التي أصبحت تلتهم أكثر من 90 بالمئة من إيرادات الموازنة العامة للدولة، وبالتالي كنا أمام موازنة لم تستطيع تقديم أي من الخدمات للمصريين طوال 2021".

ووافق البرلمان المصري، في يونيو/ حزيران 2021، على موازنة عامة بقيمة 2.46 تريليون جنيه مصري (ما يعادل 157 مليار دولار).

ولفت إلى أنه "في المقابل هناك تعهدات مؤثرة لصندوق النقد الدولي، وهذه التعهدات هي التي ظهرت خلال الفترة الماضية وبعضها جاء في صورة أحاديث على المستوى الرئاسي".

وأشار إلى حديث السيسي عن رفع أسعار الخبز، ثم الحديث عن عدم إصدار بطاقات دعم تمويني جديدة وقصر عدد المستفيدين من البطاقات الحالية إلى فردين لكل بطاقة، والحديث أيضا عن الاقتصاد غير الرسمي وملاحقة الشرطة له ومحاولات الدولة لإلحاقه بالاقتصاد الرسمي".

 

اقرأ أيضا: استبداد السلطة وحرية الديون في مصر

الأكاديمي المصري يرى أن "كل هذه القرارات والمحاولات تجيء في هذا الإطار، وهو إطار التعهدات المصرية لصندوق النقد الدولي".

وتابع: "بالتالي لم تجد الحكومة المصرية في 2021، إلا الدعم للتوفير في الموازنة المصرية، وهو الذي تعهدت به أمام الصندوق الدولي، حتى نزل الدعم من 170 مليار إلى 17 مليار فقط، كما أشار وزير المالية".

وأضاف: "كان وفقا لما سبق من الطبيعي أن تحدث زيادات في بعض الضرائب المستحدثة على المصريين في 2021، إلى جانب زيادة الرسوم التي يخضع لها المواطنين عن الخدمات الحكومية وغيرها".

وقال ذكرالله، إن كل ذلك من واقع ومعاناة للمصريين في 2021، "يأتي في ظل عدم تحقيق أي مستوى يذكر في القطاعات الإنتاجية، وما زلنا نتكلم وندور في فلك المشروعات القديمة التي ترتكز على قاعدة البنية الأساسية".

وأشار كذلك إلى استعادة نظام السيسي "نفس المشروع القديم الذي تم إهماله في عهد حسني مبارك نتيجة عدم جدواه الاقتصادية والمعروف بمشروع توشكي، والذي افتح السيسي بعض نقاط فيه السبت 26 كانون الأول/ ديسمبر 2021".

وخلص إلى القول إنه "من الواضح خلال 2021، أنه لم توجد إرادة سياسية حقيقة لتطوير قطاع الإنتاج المصري سواء الزراعي أو الصناعي، وهناك تشكك كبير في حدوث هذا الأمر حتى أن الاقتصاد المصري نتيجة لذلك ولو جرى الاهتمام به فلن يعود الأثر المباشر عليه قبل سنوات".

وبشأن ما قد تشهده 2022، من تطور محتمل للاقتصاد المصري وتأثير ذلك على المصريين، أكد الخبير المصري أننا "أمام حلقة مفرغة ستستمر على الأقل 3 سنوات قادمة من مزيد من التحميل على المواطن المصري لسد عجز الموازنة العامة للدولة وسداد الديون".

ولفت إلى أن "مصر في ظل هذه الأوضاع مازالت بحاجة إلى ديون جديدة لتسدد أقساط وفوائد الديون القديمة، وأعتقد أنه هناك طفرة ستحدث في الديون 2022، وستجد مصر تلجأ إلى صندوق النقد الدولي مجددا وهو الاحتمال الأكبر خلال الشهور الستة الأولى من 2022".

وألمح إلى أنه "سنجد أن هناك شروطا جديدة من صندوق النقد الدولي وبرنامجا جديدا مع اختلاف المسميات"، متوقعا تفاقم أزمات المصريين.

وأكد أن "الغلاء جزء منه مستورد نتيجة للغلاء الذي يمر به العالم، ولن تستطيع الحكومة للأسف أن توازن أو تتحمل بعض الأعباء ولكنها ستنقل كل العبء على المواطن، بجانب تورطها في الفوائد وأقساط الديون والمشروعات عديمة الجدوى والفائدة الاقتصادية، وهكذا تسير الأمور في الدولة المصرية".