ملفات وتقارير

ما الذي يمكن أن يقدمه الخليج لدعم السيسي.. وما المقابل؟

تبلغ الاستثمارات السعودية في مصر 32 مليار دولار، مقابل 5 مليارات دولار استثمارات مصرية في السعودية- واس
في خطوة تعول عليها مصر كثيرا لإنعاش اقتصادها المتردي، وقّعت الرياض والقاهرة، الثلاثاء، حزمة اتفاقيات اقتصادية وتجارية بقيمة 30 مليار ريال (8 مليارات دولار)، على هامش زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مصر.

شملت الاتفاقيات ضخ استثمارات في قطاعات البنية التحتية والخدمات اللوجستية وإدارة الموانئ والصناعات الغذائية وصناعة الأدوية والطاقة التقليدية والطاقة المُتجددة ومنظومة الدفع الإلكتروني والحلول التقنية المالية والمعلوماتية.

ووقعت الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مجموعات استثمارية سعودية مع جهات حكومية وخاصة مصرية بحضور وزيري التجارة، والاستثمار من المملكة العربية السعودية، ورئيس مجلس إدارة اتحاد الغرف السعودية، ورئيس مجلس الأعمال المصري السعودي بالإضافة إلى ممثلي أكثر من 60 مؤسسة وشركة سعودية.

ارتفع التبادل التجاري بين المملكة ومصر في 2021 بنسبة 88%، إلى 14.5 مليار دولار، مقابل 7.7 مليارات في 2020، حسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية.

وتبلغ الاستثمارات السعودية في مصر 32 مليار دولار، مقابل 5 مليارات دولار استثمارات مصرية في السعودية، وفق بيانات اتحاد الغرف التجارية السعودية.

ويعمل في مصر 6800 شركة سعودية، مقابل 802 شركة مصرية تنتشر في المملكة.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وصل إلى القاهرة، مساء الاثنين، في إطار جولة له بالمنطقة تشمل أيضا الأردن وتركيا.

 
لماذا تدعم السعودية مصر؟

يمكن أن يقدم الخليج الكثير إلى مصر في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، بحسب الباحث المتخصص في العلاقات الاقتصادية الدكتور إبراهيم نوار، خاصة أن هناك أزمة كبيرة في توفير الموارد الدولارية وليس العملة المحلية، والباب الأسرع لتوفير السيولة الأجنبية هي خزائن دول الخليج.

وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "التوجه الجديد لدول الخليج هو شراء البلد، والتملك في قطاعات متعددة كالصحة والتعليم والطاقة والمقاولات والاتصالات، وتستفيد تلك الدول من أرباح شركاتها المصرية في البلاد، وتدر عليهم أرباحا طائلة".

أما عن العائد الذي يمكن أن تجنيه دول الخليج من هذه الاستثمارات، فأشار نوار إلى أن "مصر بلد لم تستطع مساعدة نفسها، والودائع الخليجية لم تقدم حلولا سحرية طوال السنوات الماضية، فبالتالي لم لا تشتري دول الخليج أصولها أو أجزاء منها، فكرة الجمهورية الجديدة الآن هي تحويل الدولة إلى شركة هادفة للربح وليس مصلحة المواطن".

 

اقرأ أيضا: ابن سلمان يصل القاهرة في إطار جولة تشمل الأردن وتركيا

"ابتزاز أم استغاثة"

وكان الكاتب الصحفي المصري عماد أديب، استبق الزيارة بمقال للقيادات السياسية في الخليج وصفها البعض في الجانب السعودي "بالابتزاز" و"إهانة مصر"، حيث اعتبر أديب أن ترك الحالة المصرية كما هي من دون تدخّل اقتصادي وماليّ عاجل لمواجهة فاتورة الحرب الروسية-الأوكرانية هي كارثة بكلّ المقاييس، مشيرا إلى أن مستقبل العلاقات المصرية-الخليجية، قد يكون أحد ضحايا فاتورة الحرب الروسية-الأوكرانية.

وأوضح – بشكل مباشر- أن هناك 25 مليار دولار أمريكي زادت بين ليلة وضحاها على الموازنة المصرية الطموحة؛ بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة ومشتقّاتها والحبوب والغلال والسلع التموينيّة الأساسية.

ورجح أديب أن حل أزمة الاقتصاد المصري رهن لخيارين اثنين، أولهما أن "يتمّ تدبير موارد من الدولارات الطازجة لتنعش الاقتصاد المصري لمواجهة هذه الفاتورة المستجدّة عن طريق مشروع دعم عربي-دولي منظّم ومحسوب بدقّة، وبرعاية مؤسّسات ماليّة دولية، وهذا هو الاحتمال الآمن".

أما الخيار الثاني، فهو سيناريو كارثي، قائم على استفحال الأزمة، والضغط الشديد على حالة الاستقرار السياسي والاجتماعي في مصر وهجرة الملايين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، عبر البحر الأحمر إلى دول الخليج.
 
"الاستثمار في سوق كبير"

يعتقد الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، أن "مصر سوق مهم في مجال الاستثمار وسوق واعد للطاقة، وقد شهدت الفترة الأخيرة توقيع مصر عدة اتفاقيات دولية مهمة مع الإمارات والأردن والعراق، لذلك فإن زيارة ابن سلمان هي امتداد للتعاون في مجال الاستثمار والشراكة الاقتصادية والتي تكللت باتفاقيات بنحو 8 مليارات دولار وهو رقم كبير".

أما ما ستجنيه السعودية من مثل هذه الاتفاقيات التجارية والاقتصادية، أكد لـ"عربي21" أن "الاستثمار في السوق المصري مربح للطرف المستثمر، ومؤشرات الاقتصاد المصري تؤكد أنه ما زال قويا وليس كما يعتقد البعض أنه على وشك الانهيار، وإلا فلن تأتي إليك أي دولة لاستثمار عشرات مليارات الدولارات في بلد ينهار".

ورأى عبد المطلب أن "مصر قادرة – في حال ترشيد النفقات – على توفير احتياطي قوي من السلع الأساسية والاستراتيجية يغطي احتياجات البلاد ما بين 6 و8 شهور، ورغبة الاستثمار السعودية نابعة من ثقتها في الاقتصاد المصري"، مشيرا إلى أن "ربط تصريحات عماد أديب باستثمارات الرياض في مصر يحمله أكثر مما يحتمل، ويجعله كأنه أداة تأثير مباشر على قرارات القيادات السياسية في المنطقة وهو غير واقعي، وأعتقد أنه لا يمثل أكثر من رؤية خاصة به".