تقارير

رجال الأعمال والهوية الفلسطينية.. عبد الحميد شومان نموذجا

عبد الحميد شومان رجل أعمال فلسطيني سخر عمره دفاعا عن هوية فلسطين
كبقية الدول العربية؛ شهدت فلسطين تطوراً ملحوظاً للأوضاع الاقتصادية رغم آلام الاحتلالات التي مرت بها؛ جنباً إلى جنب مع بروز أسماء ورموز رائدة في كافة ميادين الحياة لترتسم وتتشكل الهوية الوطنية الفلسطينية وتتطور، وثمة أشخاص سطع نجمهم كرجال أعمال، وفي مقدمتهم الراحل عبد الحميد شومان الذي أسس وطور مؤسسة البنك العربي، وهي مؤسسة بنكية فاعلة حتى اللحظة الراهنة؛ فمن هو؛ وما هي قصته مع البنك العربي؟

عبد الحميد شومان

رجل أعمال واقتصادي فلسطيني. ولد عام 1888م في بلدة بيت حنينا القريبة من القدس وتوفي عام 1974 ودفن بالقرب من المسجد الاقصى. هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1911، وعمل كبائع متجول، ثم عاد إلى فلسطين عام 1929. أسس البنك العربي في القدس عام 1930، وذاع صيت البنك العربي على المستوى العالمي. عمل في تجارة حجارة البناء، وعاد إلى بلدته وأقام مدرسة وكلية جامعية متوسطة عرفت باسم مدرسة التطبيقات المسلكية تمهيداً لتطوريها إلى جامعة بيت حنينا. وقد سار نجله الراحل عبد المجيد على نهجه وأسس نواة جامعة القدس على أراضي الجمعية الخيرية التي ترأسها لفترة طويلة. وحالياً فإن عبد الحميد شومان (الحفيد) نجل الراحل عبد المجيد هو رئيس الجمعية وتابع تطوير أملاك الجمعية. انتُخِبَ عدة مرات لرئاسة مجلس إدارة البنك العربي، خلال فترة امتدت لأكثر من 30 عاماً شغل فيها عدداً من المواقع والوظائف في البنك العربي، حيث استهل حياته العملية بالتدريب البنكي المكثف في بنكي (بالإنجليزية : Midland Bank)‏ و(بالإنجليزية: Morgan Guaranty)‏، وذلك بعد حصوله على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1970.

شارك عبد الحميد شومان في عضوية "اللجنة المركزية لإعانة المنكوبين في فلسطين"، التي أعلن المجلس الإسلامي الأعلى رسمياً عن تشكيلها في الخامس من أيلول/ سبتمبر 1929 عقب "ثورة البراق"، واختير أميناً للصندوق فيها. كان عبد الحميد شومان صديقاً حميماً لمعظم أعضاء حزب الاستقلال قبل إنشائه في سنة 1932، ويكاد أن يكون من أركانه لولا أنه أراد أن يبتعد عن النشاط الحزبي المباشر كي يتفرغ لإدارة البنك الذي أنشأه.

شارك، إلى جانب عوني عبد الهادي ومحمد عزة دروزة وعجاج نويهض، في نشر بيان باسم رجالات القدس، في 22 نيسان/ أبريل 1936، يدعو إلى تأييد دعوة الاستمرار في الإضراب العام، ضد السياسة البريطانية.كان عبد الحميد شومان من ضمن المندوبين الخمسة الذين مثلوا اللجنة القومية بالقدس في "مؤتمر اللجان القومية" الذي عقد في مدينة القدس في 7 أيار/ مايو 1936، وقرر الإعلان عن عدم دفع الضرائب إلى أن تغيّر الحكومة البريطانية سياستها المحابية للصهيونية. وانتخب عضواً في "لجنة التموين والمقاطعة" التي تشكّلت لمساعدة المتضررين من الإضراب العام.

مؤسسات ثقافية

اعتقلت السلطات البريطانية عبد الحميد شومان في تموز/ يوليو 1936، مع من اعتُقل من الوطنيين الفلسطينيين، في معتقل صرفند قرب الرملة لبضعة أشهر، ثم عادت واعتقلته سنة 1938 في معتقل المزرعة قرب عكَا. 

تمكن شومان في عام النكبة 1948، وسط الانهيار العام، ليس فقط من الحفاظ على ودائع الآلاف من المواطنين في بنكه، بل نجح أيضاً في إنشاء فروع له في عدّة أقطار عربية وأجنبية بحيث غدا اليوم المؤسسة المالية الفلسطينية الأهم على نطاق عالمي. 

وقد أوصى عبد الحميد شومان بإنشاء مؤسًسة، بعد وفاته، تعنى بالشأن الثقافي وتسهم في تمويل الأبحاث والدراسات العلمية والفكرية والطبية والتكنولوجية لإفادة الأقطار العربيًة كافة. وقد أنشئت "مؤسسة عبد الحميد شومان" بالفعل سنة 1978 في عمّان بمبادرة من ابنه عبد المجيد، ومن أهم دوائرها: منتدى عبد الحميد شومان الثقافي؛ المكتبة العامة ونظام المعلومات؛ مكتبة الأطفال؛ دارة الفنون.كان عبد الحميد شومان، الذي ربطته علاقات وثيقة مع عدد كبير من الزعماء ورجال السياسة العرب، عنوان العصامية ورمزها، صلباً في وطنيًته، وحدوياً، واستقلالياً، وقومياً، وسمح اليد، وإنسانيًا. قاد عبد الحميد شومان النشاط المصرفي الفلسطيني، مع قريبه أحمد حلمي عبد الباقي، وإليه يعود الفضل في إنقاذ البنك العربي من عواقب النكبة الكارثية.

توفي في الثاني عشر من أيلول سنة 1974 مدينة كارلوفي فاري التشيكية، ونقل جثمانه إلى القدس حيث دفن بجوار المسجد الأقصى؛ وإضافة إلى الراحل عبد الحميد شومان سطع نجم عدد كبير من رجال الأعمال الفلسطينيين ومنهم؛ الراحل عبد المحسن قطان والدكتور منيب المصري أمد الله بعمره ورعاه.

*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا