ملفات وتقارير

توتر جديد بين عقيلة والمشري.. هل يؤثر على فرص التوافق الليبي؟

عقيلة صالح قال إن مجلس النواب صاحب السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد- الأناضول
فجر رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، توترا جديدا مع رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، إثر  تصريحات قال فيها إن "النواب" هو السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد، وأن "الدولة" استشاري فقط.

وقال "عقيلة" في كلمة له أمام مجلس النواب، الثلاثاء، إن التقارب مع مجلس النواب لفظي فقط، ولم تنتُج عنه أيُّ أفعال، مشددا على أن مسودة الوثيقة الدستورية هي مشروع دستور، وليست قاعدة دستورية يجب الاستفتاء عليها، وأن "ما يُخرج ليبيا من أزمتها هو تعديل الإعلان الدستوري ووضع قاعدة للانتخابات تُعدّ قاعدة دستورية تُضمَّن في الإعلان الدستوري".

وذكر عقيلة صالح أنه: "إذا لزم الأمر فسنعدّل الإعلان الدستوري للخروج من الأزمة، ولا مانع من التشاور مع مجلس الدولة في ذلك".

وقال صالح إن "المجلس الأعلى للدولة يرفض الاتفاق مع البرلمان، وأمامه حتى نهاية شهر آذار/ مارس، مهددا بتقسيم أو بتدخل أجنبي.

ولم يتأخر رد رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري حيث علق قائلا: "إنّ من أراد التوافق والاستقرار فأيدينا ممدودة للتوافق والاستقرار بقدره وأكثر، ومن أراد غير ذلك فلن يحصد إلا سوء نواياه".


وبينما أعلن عقيلة صالح صراحة أنه لا يمانع ترشح مزدوجي الجنسية للانتخابات الرئاسية، في موقف يعتبره الكثيرون يصب في صالح اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يسيطر على الشرق والذي يحمل الجنسيتين الليبية والأمريكية، أكد المشري أنه يرفض ترشح مزدوجي الجنسية كشرط للموافقة على الوثيقة الدستورية التي تنظم الانتخابات.

ويطرح هذا الخلاف سؤالا حول مصير الأزمة بين المجلسين وانعاكساتها المحتملة على الأزمة الراهنة في البلاد، والاستحقاق الانتخابي المنتظر؟

المتحدث باسم المبادرة الوطنية في ليبيا، محمد شوبار، قال إن الخلاف بين المجلسين أمر معهود، والهدف منه تعميق الأزمة والتمديد أطول مدة ممكنة لبقاء المجلسين في السلطة (النواب والدولة).


وقال شوبار في حديث خاص لـ"عربي21" إن "هذه الشخصيات أصبحت عبئا على العملية السياسية في ليبيا، وإن هناك تبادلا واضحا للأدوار وعدم التزام بأي اتفاق بين المجلسين خلال المراحل التمهيدية". مشددا على أن الفترة التي منحت للمجلسين للاتفاق على قاعدة دستورية كانت كافية، ولكن "للأسف الشديد هذه الشخوص لا تسعى إلا لأمر واحد وهو البقاء في السلطة، ولم تلتزم بكل ما جرى الاتفاق عليه في لقاءات جنيف التي رعاها المجتمع الدولي".

وذكر أن حديث هذه الأجسام عن أنها شرعية "غير صحيح"، ذلك أن شرعيتها تنبع من قرار مجلس الأمن الدولي الذي منحها الفرصة للذهاب نحو الانتخابات وصندوق الاقتراع، وتم اشتراط التوافق بينهما على القوانين الدستورية.

وأكد شوبار أن "المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا التعطيل، وهو يريد "حلا جذريا للأزمة والفوضى على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد، وربما يضع ترتيبات بديلة لتجاوز حالة الانسداد".

ورأى السياسي الليبي أن "كل الطبقة السياسية في البلاد متورطة بشكل مباشر في إطالة أمد الأزمة واستمرار الصراع، وعدم الذهاب نحو الانتخابات، فحكومة الوحدة الوطنية أوكل لها التمهيد وخلق أجواء أمنية مناسبة لإجراء الانتخابات، إلا أنها فشلت في ذلك، ولم تفرض الأمن على كامل التراب الليبي، ومجلسا الدولة والنواب فشلا في الوصول إلى قاعدة دستورية وقوانين انتخابية أيضا".

بدوره، قال النائب الليبي، عمار الأبلق في حديث متلفز تابعته "عربي21"، إن التوافق بين مجلسي النواب والدولة لم يحدث طيلة السنوات الماضية، وهناك حالة استقطاب حادة بين الأطراف التي يتصارع جزء منها على السلطة.


وشدد الأبلق على أن اللقاءات الأخيرة بين رئيسي "النواب"، و"الدولة"، كانت بمثابة رسائل للأطراف الدولية، حتى لا يعمد المجتمع الدولي إلى اتخاذ مسار بديل على غرار لجنة 75 التي التقت في جنيف وشكلت السلطات الحالية في البلاد.

ويتفق النائب الليبي مع سلفه في "أن المجلسين يرغبان في التمديد ولا يريدان الانتخابات، لأنهما يعلمان أن الحديث عن إحالة الخلاف بينهما حول ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين إلى استفتاء شعبي لن يتم، بفعل وجود حالة القوة القاهرة التي تمنع ذلك".

من جهته، قال المحلل السياسي فيصل الشريف، إن "ما يجري استمرار للحالة الهزلية وتحدي مصالح الليبيين"، محملا مجلس النواب المسؤولية الرئيسية عما يجري من تعطيل.

وأشار في حديث متلفز تابعته "عربي21" إلى أن مجلس الدولة "ورط نفسه في لقاءات لا طائل منها مع مجلس النواب سوى خسارة رصيده".

واستغرب الشريف من "استمرار رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، في عقد لقاءات مع عقيلة صالح، حيث سيلتقيه في القاهرة الأسبوع المقبل، رغم تصريحاته (عقيلة) أنه لا يوجد تقارب مع مجلس الدولة".

وشدد على أن "مجلس الدولة يشعر أنه الحلقة الأضعف في المعادلة ولذلك ما زال يتواصل مع مجلس النواب ويعقد معه لقاءات في محاولة لعقد صفقة معه. بعد أن كان لديه ثقة كبيرة في الغرب الليبي، باعتباره كان يمثل الثوابت التي لا يجوز التنازل عنها".

وذكر المحلل السياسي أن "عقيلة صالح يسعى إلى تشكيل حكومة جديدة تكون تحت إمرته، إضافة إلى السيطرة على المناصب السيادية الأخرى كمحافظ البنك المركزي وغيرها من المناصب المهمة في الدولة".

وكان عقيلة صالح وخالد المشري أعلنا في مؤتمر صحفي بالقاهرة، الشهر الماضي عن توصلهما لاتفاق بشأن الأساس الدستوري للانتخابات، وأنهما أحالا القاعدة الدستورية للمجلسين لاعتمادها، وأنهما سيعلنان عن خارطة طريق شاملة قريبا من إحدى المدن الليبية من الراجح أن تكون طبرق شرق البلاد.