قضايا وآراء

مواجهة التطبيع مع الأسد بإدارة موحدة للمناطق المحررة

الأناضول
العنوان السياسي الذي افتقدته قوى المعارضة السورية، وحالة التشرذم والفوضى والانقسام التي تعيشها المناطق الشاسعة التي تسيطر عليها قوى المعارضة السورية في الشمال السوري المحرر، بالإضافة إلى عوامل أخرى لا سبيل للحديث عنها في هذا المقال، أدت بلا شك اليوم إلى تسريع عملية التطبيع مع نظام الكبتاغون والكيماوي في دمشق، ولا حل، ولا سبيل لوقف كرة ثلج التطبيع مع عصابات الأسد، ما لم تتنادَ قوى الثورة الحقيقية في الداخل حصراً، وليس في الخارج، إلاّ إذا رضي البعض في الخارج أن يعود إلى أعشاشه وداخله، فيقدم الخلطة الداخلية على ما سواها، حينها فقط نستطيع أن نقدم عنواناً سياسياً للتواصل الإقليمي والدولي، وحينها فقط يتم تعزيز اللحمة الثورية الوطنية الداخلية، بعيداً عن الارتهان للخارج، وحينها كذلك نستطيع أن نقنع الخارج بأن ثمة بديلاً حقيقياً قادراً على أن يشكل سلطة حقيقية تلم شعث السوريين ومناطقهم، وتتحدث باسمهم، وتتفاوض عنهم.

وجود مناطق تحت سيطرة السلطات التركية، وأخرى في إدلب، أضعف الثورة بشكل كبير، وخلق جدر فصل نفسية ضخمة بين سكان المنطقتين، وخلق معه أجواءً غير صحية على المستوى الإقليمي والدولي في التعاطي مع الثورة السورية. ولذا فالخطوة الأولى لوقف قطار التطبيع مع عصابات الأسد واستعادة القرار السيادي الثوري؛ إنما يكمن بتوحيد المنطقتين تحت إدارة واحدة مقبولة للأطراف جميعها، وهذا واجب الوقت، هذا إن لم يكن الوقت قد داهمنا بالفعل، وعلى كل القوى العسكرية والثورية والنخب الإعلامية والمشيخية والثقافية الدعوة إليه، بكل ما أوتيت من قوة.
وجود مناطق تحت سيطرة السلطات التركية، وأخرى في إدلب، أضعف الثورة بشكل كبير، وخلق جدر فصل نفسية ضخمة بين سكان المنطقتين، وخلق معه أجواءً غير صحية على المستوى الإقليمي والدولي في التعاطي مع الثورة السورية. ولذا فالخطوة الأولى لوقف قطار التطبيع مع عصابات الأسد واستعادة القرار السيادي الثوري؛ إنما يكمن بتوحيد المنطقتين تحت إدارة واحدة مقبولة للأطراف جميعها

فالكتلة السكانية الموجودة في المناطق المحررة لا يستهان بها، إن كان على صعيد المال والأعمال، أو على مستوى النخب والنفوذ المجتمعي، أو على مستوى تمثيل سوريا كلها، بعد أن صوّتت بأقدامها ومن كل المدن والقرى والبلدات السورية ولجأت إلى سوريا المصغّرة في الشمال السوري المحرر، ومثل هذه الكتلة السكانية الحرجة لها شرعية ثورية حقيقية لا يمكن الاستهانة بها والمساومة عليها.

لعل ما أقدم عليه النشطاء الإعلاميون في مناطق إدلب خلال أواخر شهر رمضان؛ من دعوة بعض النخب الثورية من مناطق خاضعة للسيطرة التركية، وإجراء الحوار بين الطرفين، يشكل مقدمة ومدماكاً لما نتحدث عنه، فبداية أي تحرك الحوار وفهم بعضنا بعضاً.

فخ الارتهان إلى تصنيفات دولية وإقليمية لهذه المنطقة أو تلك، يدفع ثمنه الشعب السوري الثائر، وتدفع ضريبته المناطق المحررة، ولا يفيد إلاّ عصابات الكبتاغون، ولذا لا بد من خطوة شجاعة من الأطراف جميعها، عنوانها العريض الهوية السنية الوطنية، والبيت السني الوطني بعيداً عن إحن الماضي، وعصبيات حزبية وفصائلية عرقلت ولا تزال تعرقل مسيرة الثورة السورية، للابتعاد تماماً عن كل ما جرى، وإنما التطلع إلى المستقبل، والتعاطي مع القوى الدولية والإقليمية بعقلية الندية، وبعقلية الحرص على المصلحة الوطنية الثورية الحقة.

فتقليع أشواكنا يكون بأيدينا فقط، ولا يمكن الاعتماد فيه على زيد أو عمرو، مع الحرص كل الحرص على بناء علاقات جيدة ومتينة ومتوازنة مع كل الأطراف، فمصلحة ثورتنا ومصلحة شعبنا تكمن بتعظيم الجوامع، والمشتركات، وتقزيم الفوارق والمختلفات.

فخ الارتهان إلى تصنيفات دولية وإقليمية لهذه المنطقة أو تلك، يدفع ثمنه الشعب السوري الثائر، وتدفع ضريبته المناطق المحررة، ولا يفيد إلاّ عصابات الكبتاغون، ولذا لا بد من خطوة شجاعة من الأطراف جميعها
فرض الوقت الحقيقي هو العمل على تشكيل مناطق محررة واحدة بإدارة واحدة، ونظام واحد، مع مشاركة الجميع في عملية الإدارة، ويترافق مع انتقال النخب السورية الثورية إلى الداخل، ورفض أي لقاء سياسي خارج التراب الثوري السوري. فقوتنا وقوة ثورتنا باللقاءات على أرضنا المحررة التي روّتها دماء شهدائنا المليون، وقوتنا تكمن بالالتحام بشعبنا والعيش معه، عيش الآلام والآمال، هكذا هي دروس التاريخ. فليس هناك قوى سياسية ولدت خارج وطنها وعملت خارج أسوار بلدها، فوصلت إلى الدولة والسلطة بحريتها وبحرية شعبها، وإنما كان الفضل بذلك لقوى الخارج، القادرة في أية لحظة على سحب البساط من تحت أقدامها.

لقد آن للقوى الثورية السورية الحقيقية المتصالحة مع نفسها ومع شعبها وقبل ذلك مع ربها، بأن تعود إلى بلدها، وتضع نصب عينيها هدف وحدة الأراضي الثورية المحررة رضي من رضي، وسخط من سخط.