صحافة دولية

كيف عاد "النزوح" إلى أوروبا بعد عقود من نهايته؟ كاتبة إيطالية توضح

حققت أذربيجان انتصارا جديدا في إقليم قره باغ ضد الانفصاليين الأرمن - جيتي
تناولت صحيفة "الغارديان" البريطانية ما وصفته بـ"الفصل الأخير في مأساة قره باغ"، بعد حل حكومة الإقليم ومؤسساته، وتشرد سكانه من الأرمن، على حسب تعبيرها.

ولفتت إلى أن رئيس الانفصاليين قرر حل جميع مؤسسات الإقليم، ما اضطر السكان الأرمينيين إلى الفرار نحو أرمينيا، بعد أن تحولت المنطقة إلى جزء من أراضي أذربيجان، مؤكدة أن هذه النهاية الدرامية للنزاع تنطوي على دروس يجب على الجميع أن يعيها.

وبحسب ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فقد رأت كاتبة المقال ناتالي توتشي أن أول هذه الدروس يتمثل في طوابير السيارات الطويلة التي تقل الأرمينيين النازحين من الإقليم إلى أرمينيا، والتي "تعيد إلى الأذهان مشاهد التطهير العرقي، الذي ظنت أوروبا أنه بات طي النسيان. لكن يبدو أن هذا لم يحدث، إذ يعود بنا مشهد النزوح إلى أوروبا في أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية، أو ربما ذكرتنا بالبلقان في التسعينيات أو المنطقة ذاتها إبان نهاية الدولة العثمانية".



ورغم أن "الوضع القانوني للإقليم يجعله ضمن الحدود المعترف بها دوليا لأذربيجان"، وفقا للغارديان، ومع أن الرئيس الأذربيجاني لم يجبر الأرمينيين -البالغ عددهم حوالي 120 ألف نسمة- على مغادرة الإقليم، وأنه عرض عليهم الجنسية الأذربيجانية، فإنه لا يمكن أن نعتبر أن هؤلاء النازحين يتلقون عرضا جذابا على الإطلاق عندما يمنحون الحق في العيش في دولة غير ديمقراطية لا تحترم الحقوق الأساسية للإنسان. وعلى ذلك، لا يمكننا أن نغض الطرف عن شبح التطهير العرقي الذي يطارد أوروبا في الوقت الراهن، والذي تجلى على مدار العامين الماضيين أيضا في الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب الصحيفة.

وتابعت -كما جاء في الصحيفة- بأنه علاوة على ذلك، فالكراهية بين الأرمن والأذربيجانيين عميقة، وأعمق بكثير من تلك الكائنة بين الجورجيين والأفخاذيين أو الأوسيتيين، أو المولدوفيين والترانسنستريين، إذ ترتبط هذه الكراهية بجروح أكثر عمقا تتعلق بالإبادة الجماعية للأرمن عام 1915 التي لم تعترف بها تركيا، إلى جانب دعم أنقرة بالتوغل الأذربيجاني في القطاع، وهو يرجح أن يكتب نهاية مأساوية لقصة الضحية الأرمينية، التي يتوقع أن تنزف جراحها من جديد بعد أن كادت تلتئم.

وأشارت ناتالي أيضا إلى أن الدرس المستفاد الأهم مما حدث في قره باغ هو أن الصراع بين أي طرفين، مهما تم حسمه لصالح أحدهما، لا يمكن لأحد أن يعلم ما يخبئه المستقبل لهما، وكيف يمكن أن تنقلب موازين القوى في الصراع بمرور الوقت.

وكان انتصار أرمينيا على أذربيجان في الحرب التي امتدت بين عامي 1988 و1994 من أهم العوامل التي ساعدت على إحكام قبضتها على الإقليم لحوالي ثلاثة عقود، والسيطرة الكاملة على المنطقة وبعض المدن الأذربيجانية. لكن مع ازدهار نشاط النفط في أذربيجان، بدأت باكو في استغلال مواردها النفطية في تعزيز قدراتها العسكرية والدفاعية. وتجلت تلك القدرات في الفترة الأخيرة، عندما استعادت البلاد سيطرتها على الإقليم، بحسب ما ورد في الغارديان.