مدونات

ظاهرة الأم الغزاوية

تحتضن الأم طفلها وسط الدمار- صورة بالذكاء الاصطناعي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة رُسمت ببرنامج الذكاء الاصطناعي لأم تحتضن رضيعها وسط الركام وآثار حطام الحياة والبيوت في قطاع غزة، والرائع بسمتها المرسومة على وجهها، وتلتف يداها حول طفلها ترسل إليه الحنان والأمان وكأنها تقول: آه.. لا تخف فنحن أهل الحق.

الأم الغزاوية ظاهرة تحتاج للمدارسة والتأمل، فهي ليست كأي أم، أم غير متكررة أنجبت وربت وصنعت الرجال، هي أم وابنة وأرملة الشهيد وهي والدة الأسير، الصابرة المرابطة حتى طرد المحتل من وطنها.

من أهم القيم التي تغرسها الأم الغزاوية في أطفالها، حب الوطن والدفاع عنه بكل ما يملكون.

يقال: "وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة"، ولكن نقول هنا: "وراء كل مقاوم غزاوي أم غزاوية عظيمة"، وهذا ما نراه بأعيننا، فهؤلاء خلفهم أمهات عظيمات، فأمهات غزة تقفن خلف كل حكاية شهيد أو قصة أسير أو معنى للصبر والصمود.

ظاهرة الأم الغزاوية لنا أن نقول إنها حالة استثنائية خارقة للقواعد الطبيعية، تضحياتها لم تتوقف، تتحدى الاحتلال الصهيوني بل وتقاومه، فلولاها بعد فضل ربنا علينا ما بقي اسم فلسطين يتردد حتى يومنا هذا.

والأم الغزاوية لها أسلوبها الخاص في التعبير عن حبها لأولادها فتطلق "زغرودة" عندما يزف ولدها شهيدا إلى مثواه الأخير فرحا بما قدم، فهي موقنة أن شهادته خير كله، فيعلو إيمانها على لوعة فراقها لولدها، فمعادلة الأم الغزاوية تختلف عن غيرها من أمهات.

قطعة مني سبقتني إلى الجنة

تقول إحدى أمهات غزة إنها لم تكن لتقف أمام أي من أبنائها الذين اختاروا طريقهم في المقاومة، وكان شعارها أن الموت قادم، وأن لكل واحد "اختيار طريقه إليه".

وبينما كانت تستقبل المعزين في استشهاد ابنها، ورغم "إعدادها لأبنائها وتجييشهم سلوكا وتربية"، فإنها تحبهم وتحافظ عليهم وتبكي على فراقهم كحال أي أم، لكن شعارها عندما يستشهد أحد منهم أن "قطعة مني سبقتني إلى الجنة".