اقتصاد عربي

مصدر لـ"عربي21": الحكومة المصرية لن تتراجع عن رفع أسعار الرسوم والخدمات.. لهذا السبب

استقبل المصريون العام الجديد بعدد من الأسعار الجديدة للخدمات- عربي21
كشفت مصادر حكومية مصرية أن العام الجديد سوف يشهد المزيد من زيادة أسعار الخدمات والرسوم التي تقدمها الدولة للمواطنين استمرارا لمسلسل الزيادات التي فاجأت بها الحكومة المواطنين مطلع العام الجاري بشكل كبير دون سابق إنذار.

وقفزت أسعار بعض الخدمات والرسوم على رأسها الكهرباء والإنترنت والاتصالات والنقل منذ الأيام الأولى للعام الجديد بنسب تراوحت بين 10% و35% وسط انتقادات شعبية واسعة لتلك الزيادات التي من شأنها أن تنعكس على باقي السلع الاستهلاكية والغذائية.

 وأوضح مصدر صحفي نقلا عن المصادر الحكومية لـ"عربي21" أن "صندوق النقد الدولي ضغط بقوة من أجل إقرار تلك القرارات بدعوى إصلاح التشوهات في هيكل الاقتصاد المصري، ومساعدة الحكومة في عدم زيادة حجم العجز المفاجئ في الموازنة الذي قفز إلى 5.51%، مقابل 3.37% خلال الشهور الأولى من العام الجاري".


وبحسب تقرير صادر عن وزارة المالية، فإنه قفز العجز بالموازنة المصرية خلال أول 5 أشهر من العام المالي الجاري خلال المدة من تموز/ يوليو حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 بنسبة 92% مسجلًا 652.65 مليار جنيه مقابل عجز بمقدار 340.52 مليار جنيه خلال الفترة المقابلة من العام المالي الماضي".

زيادة جديدة في الأسعار

وأكد المصدر أن "الحكومة بصدد زيادة أسعار الرسوم بشكل أكبر من المعتاد والتي تشمل تراخيص السيارات ونقل الملكية والتسجيل في الجهات الحكومية، واستخراج جميع الأوراق الرسمية ومضاعفة حجم الغرامات والمخالفات ورسوم التقاضي والتأمين والتعاقدات، فضلا عن زيادة أسعار مياه الشرب وغاز المنازل وأسطوانات البوتاجاز حتى أسعار الوقود مثل البنزين والسولار".

وارتفعت إيرادات الموازنة خلال الأشهر الأربعة من العام المالي الحالي إلى 608.96 مليار جنيه، مقابل 463.95 مليار جنيه فترة المقارنة المذكورة معظمها من فرض المزيد من الرسوم والضرائب والمكوس على المواطنين.

ومنذ بدء العام الجديد تم رفع أسعار رسوم خدمات استراتيجية كالآتي:

-       زيادة أسعار تذاكر قطارات أنفاق (مترو) القاهرة بنسب تصل إلى 35%.
-       زيادة أسعار باقات الإنترنت والاتصالات ما بين 15% و33%.
-       زيادة أسعار الكهرباء بنسب تصل إلى 20% خاصة للشرائح المتوسطة.
-       زيادة أسعار رسوم تسجيل السيارات ونقل الملكية بشكل مضاعف.
-      زيادة أسعار الدمغات والطوابع والاستمارات الحكومية بنسب متفاوتة.



أزمة عجز الموازنة تاريخي

قفزت الفجوة التمويلية للموازنة العامة للدولة 26.8% خلال العام المالي الحالي بنحو 2.140 تريليون جنيه (نحو 70 مليار دولار) ، مقارنة بالعام المالي الماضي الذي سجل عجزا 1.688 تريليون جنيه، وفقاً للبيان المالي لمشروع الموازنة العامة للدولة عن 2023-2024.

ومن أجل سداد العجز تنوي وزارة المالية المصرية إصدار أدوات دين محلية لمدة عام بقيمة 1.647 تريليون جنيه (53.3 مليار دولار) خلال الربع الحالي الممتد من كانون الأول/ يناير حتى آذار/ مارس مقارنة بـ1.055 تريليون جنيه في الربع ذاته من العام الماضي.


بلغ بند مصروفات فوائد الديون إلى 713.41 مليار جنيه (نحو 23 مليار دولار) خلال الأربعة أشهر الأولى من العام المالي الجاري، مقابل 357.87 مليار جنيه (11.6 مليار دولار) في الفترة نفسها من العام المالي السابق له، ما أدى إلى زيادة المصروفات إلى 1.258 تريليون من 808.52 مليار جنيه.

 خطة مسبقة للجباية

وهو ما أكده رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، محمود العسقلاني، قائلا: "ما علمته هو أن هذه الزيادة هي من ترتيبات صندوق النقد الدولي الذي ضغط بقوة على الحكومة من أجل تمريرها على الرغم من أنه كان بالإمكان عدم الانصياع وراء مثل هذه التعليمات".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "طوال 30 عاما في عهد مبارك قاومت الحكومات المتعاقبة ضغوط صندوق النقد الدولي لتحرير الأسعار وزيادتها وحافظت على الحد الأدنى من الأسعار من أجل عدم تحميل المواطنين أعباء إضافية ولم نشهد مثل هذا الغلاء".

وبشأن تأثير مثل تلك الزيادات أو ما يطلق عليها البعض بالجباية من جيوب المواطنين، أوضح أن "المواطن المصري يعاني من الغلاء، وكان يحسن بالحكومة أن تواصل نهجها في تأجيل زيادة أسعار الخدمات والرسوم"، مشيرا إلى أن "زيادة أسعار الخدمات مثل النقل والاتصالات والكهرباء هي سلع استراتيجية تؤثر على باقي السلع الأخرى وبالتالي سوف نشهد زيادات في قطاع واسع من السلع".


ورأى العسقلاني أن "المصريين تحملوا أوضاعا أكثر من ذلك سوءا وقادرون على التحمل ولكن نأمل أن تتوقف أشكال ومظاهر الغلاء، ويجب التنويه إلى أن الدولار مقوم بأكثر من قيمته بسبب المضاربات عليه في السوق، وكنا نتمنى أن تنهي الحكومة هذه الأزمة التي لا تنتهي بتعويم الجنيه وتحديد سعره عند أي سعر كان حتى لو افترضنا 35 جنيها للدولار حتى تستقر الأوضاع وبالتالي القضاء على السوق السوداء واستقرار الأسعار".

وتتوقع الحكومة المصرية أن يرتفع عجز الموازنة خلال العام المالي الحالي إلى 7.5% من 7.0% المتوقعة سابقا، وأن تنخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 92.2% في العام المالي الحالي من 95.7% في العام المالي الماضي.