ملفات وتقارير

إعادة تبادل السفراء بين الجزائر ومالي.. هل ينهي الخلافات بين البلدين؟

عودة السفير الجزائري إلى مالي وبالمقابل عودة السفير المالي إلى الجزائر مؤشر واضح على خفض التوتر بين البلدين..
كشفت مصادر إعلامية وسياسية جزائرية مطلعة النقاب عن زيارة مرتقبة لوفد من حكومة باماكو إلى الجزائر بغية توضيح موقف السلطة الانتقالية من اتفاق السلم والمصالحة الموقع في الجزائر عام 2015.

جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة "الخبر" الجزائرية، اليوم أكدت فيه تزايد مؤشرات خفض التوتر بين الجزائر وباماكو، بعد عودة السفيرين بعد أسبوعين من استدعائهما.

وقررت الجزائر ومالي إعادة سفيريهما إلى مهامهما بعد استدعائهما على خلفية أزمة سياسية غير مسبوقة.

وعاد سفير الجزائر لدى مالي، الحواس رياش، إلى السفارة في باماكو الجمعة الماضي، فيما عاد السفير المالي إلى الجزائر الاثنين، حيث يرتقب أن يشرع في الترتيب لزيارة وفد رفيع المستوى من الحكومة المالية إلى الجزائر بغرض إنهاء الأزمة ومناقشة الخطوات التي أقدمت عليها السلطة الانتقالية في باماكو بشأن مسألة اتفاق السلام في مالي.

ووفق الصحيفة فإن الزيارة تصب في سياق تقديم السلطة الانتقالية توضيحات بشأن موقفها من تطبيق اتفاق الجزائر، في وقت تتعرض الحكومة المالية لضغوط من جماعات موالية للحكم للتنصل بصفة رسمية من الاتفاق، حيث طالبت لجنة تابعة لحركة 5 جوان المسماة تجمع القوى الوطنية، المقربة من رئيس الوزراء شوغيل كوكالا مايغا، الحكومة بالتنديد باتفاق السلام والمصالحة الناتج عن مسار الجزائر.

وقالت، في بيان لها إن "الاتفاق أظهر محدوديته"، مطالبة بالنظر في سبل أخرى لتحقيق الوحدة الوطنية وشجعت في السياق مبادرة الحوار الوطني. وعشية العام الجديد أعلن غويتا عن مشروع وطني يفضى إلى عقد حوار مالي مباشر من أجل السلام والمصالحة على أن يكون ملكية وطنية دون المرور بأي وساطة خارجية، في إشارة منه إلى اتفاقية الجزائر عام 2015.

ونقلت الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، البروفيسور عبد القادر عبد العالي، تأكيده أن عودة السفير الجزائري إلى مالي وبالمقابل عودة السفير المالي إلى الجزائر مؤشر واضح على خفض التوتر بين البلدين، واعتبر أن "هذا يعكس مكانة الجزائر بالنسبة لمالي كوسيط في النزاعات الداخلية وطرف تحتاج إليه سلطات باماكو، الذي طالما كانت تلجأ إليه سلطات مالي الحاكمة حين تتعقد الأزمات الداخلية والإقليمية لمالي".

وأضاف: "هو مؤشر أيضا على احتمال تراجع حكومة مالي عن توجهها المتشدد تجاه خلافها مع فواعل إقليم أزواد، خاصة أن استمرار الحرب في هذا الإقليم قد يؤدي إلى إضعاف قدرات نظام مالي العسكري ويطرح مخاطر تعدد جبهات الصراع التي سيواجهها مستقبلا إذا لم يجد حلا نهائيا لمشكلته مع الأزواد يقترب من مقترحات الجزائر".



ولكن الدبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت، قلل من الرهان على استعادة السفراء بين الجزائر وباماكو، وأكد في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن إمكانية عودة الماليين إلى اتفاق الجزائر 2015 لم يعد واردا بالنظر إلى الدور الروسي والإماراتي الذي أصبح مركزيا.  

وأشار زيتوت إلى أن الإمارات معنية بالحزام الرابط من بورتسودان إلى نواذيبو.. والذي تبلغ مساحته 6 إلى 7 ملايين كلم مربع.. وهو الخط الذهبي في العالم الذي يحتوي على الذهب واليورانيوم.. وهو خط استراتيجي على المستوى العالمي"..  

ووفق زيتوت فإن هدف الإمارات ومن ورائها إسرائيل هو فصل الشمال الأفريقي عن أفر يقيا السوداء، ومحاصرة دول الشمال الأفريقي إذا دعت الحاجة لذلك، وفق تعبيره.

وشهدت العلاقات بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي "هزة" غير مسبوقة، عقب استقبال الجزائر ممثلين عن حركات الطوارق المناوئين للسلطات في باماكو، وذلك في إطار مهمتها كوسيط بين الجانبين.

شرارة الأزمة الدبلوماسية بين البلدين اندلعت في 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عندما استدعت مالي سفير الجزائر لديها للتشاور، احتجاجًا على ما وصفته تدخلا في الشأن الداخلي المالي، وما كان من الجزائر إلا أن ردّت بالمثل في غضون ساعات، في تطور لم يسبق أن بلغته العلاقات بين الدولتين منذ استقلالهما.

"التدخل في الشأن الداخلي" الذي اعترضت عليه مالي، تمثل باستقبال الجزائر لقادة وممثلين عن حركات الطوارق التي تمردت سابقا على نظام باماكو، وذلك في إطار دورها كدولة تقود لجنة المتابعة لتنفيذ بنود اتفاق السلام الموقع بين الطرفين عام 2015، ويسمى "اتفاق الجزائر".

واستقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الإمام محمود ديكو، وهو رجل دين يوصف بصانع الرؤساء في مالي، ومعروف بانتقاده الدائم للمرحلة الانتقالية بقيادة الجيش.

خارجية مالي وصفت هذه اللقاءات بأنها "اجتماعات متكررة تعقد في الجزائر دون أدنى علم لدى السلطات المالية، مع أشخاص معروفين بعدائهم للحكومة المالية من جهة، ومن جهة أخرى مع بعض الحركات الموقعة على اتفاق 2015، التي اختارت المعسكر الإرهابي"، على حد وصفها.

وكان التحرك الجزائري قد جاء إثر نشوب مواجهات شمال مالي قبل عدة أسابيع، بين هذه الجماعات المسلحة والجيش النظامي في شمال البلاد، وخرق اتفاق وقف إطلاق النار لأول مرة منذ توقيعه، ما دفع قوات حركات الأزواد لمغادرة عاصمة الشمال كيدال.

الخارجية الجزائرية قالت في بيان لدى استدعائها سفير مالي، إن الوزير أحمد عطاف "أكد أن المساهمات التاريخية للجزائر في تعزيز السلم والأمن في مالي، كانت مبنية على تمسك الجزائر بسيادة مالي".

ومنذ سنوات تدفع الجزائر بعشرات الآلاف من عناصر الجيش نحو حدودها الجنوبية وخصوصا مالي والنيجر، والشرقية مع ليبيا بسبب الوضع الأمني غير المستقر بهذه الدول، وتصاعد ما تقول السلطات إنه نشاط جماعات إرهابية مسلحة، على غرار ما يسمى بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي وحركات أخرى تنشط في تهريب السلاح والمخدرات عبر الحدود.

وكانت مدينة مراكش المغربية قد استضافت أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي المبادرة الدولية التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.

وشارك في المبادرة بالإضافة إلى المغرب بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد.