سياسة عربية

ما مصير انتخابات كردستان العراق بعد مقاطعة الحزب الحاكم لها؟

توقعات بأن تقاطع أحزاب أخرى الانتخابات - جيتي
أثار قرار الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم في إقليم كردستان العراق، مقاطعة العملية الانتخابية للإقليم، العديد من التساؤلات بخصوص مصير هذه الانتخابات، وإلى أي مدى يمكن أن تتخذ أحزاب أخرى خطوة مماثلة، وعما إذا كان ذلك سيوتر العلاقة أكثر بين بغداد وأربيل.

وأعلن الحزب الذي يتزعمه مسعود البارزاني، ويمتلك الأغلبية ببرلمان الإقليم، في بيان الاثنين، "عدم الاشتراك في انتخابات تقام خلافا للقانون والدستور وتحت مظلة نظام انتخابي مفروض"، مؤكدا أنه لا يريد "إضفاء الشرعية على انتخابات غير دستورية ولا ديموقراطية".

كما انتقد الحزب "جميع الخروقات الدستورية التي تمارس من المحكمة الاتحادية ضد إقليم كردستان ومؤسساته الدستورية عامة، وخصوصا ما يتعلق بتعديلات قانون انتخاب برلمان الإقليم، مهددا "بالانسحاب من العملية السياسية في بغداد، ما لم يتم "تطبيق الدستور".

"انتخابات مصممة"

تعليقا على ذلك، قال ريبوار بابكي عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني لـ"عربي21"؛ إن "الحزب لم يعلن المقاطعة للانتخابات، بل رفض قرارات المحكمة الاتحادية، التي تعد تدخلا سافرا في الشؤون الانتخابية للإقليم، كون الموضوع خارج صلاحياتها".

وأوضح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في برلمان الإقليم، أن "المحكمة الاتحادية، اتخذت قرارات فوق الدستور العراقي؛ لأن برلمان كردستان له الحق دستوريا بممارسة صلاحيات تشريعية وتنفيذية، وإذا تضاربت قوانين كردستان وبغداد، فالأولوية تكون لتشريعات الإقليم بما يخص شؤونه".

وأعرب بابكي عن اعتقاده بأن "المحكمة الاتحادية وبدعم من إيران والمليشيات في العراق، تقوم بتصميم انتخابات مبكرة تكون نتائجها معروفة مسبقا، ولذلك نرفض هذه التدخلات والأجواء التي ظهرت مؤخرا بسبب قرارات وتدخلات المحكمة".

ولفت إلى أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني عنصر كبير وأساسي في أي عملية سياسية، سواء كانت تتعلق بالانتخابات أو تشكيل الحكومة، فهو صاحب ثقل سياسي، وله تأثير على المعادلات السياسية، وأن الأحزاب في الإقليم والعراق تدرك حجمه".

ودعا الأطراف الشيعية إلى تعديل المسار السياسي بتدارك ما حصل نتيجة قرارات المحكمة الاتحادية، قائلا: "نرفض تدخل أي جهة في الشأن الداخلي للإقليم، خصوصا الانتخابات التي تعد حساسة ومصيرية، تتعلق بمصير كيان دستوري، وهو كردستان العراق".

وتوقع بابكي هناك أن تتخذ أحزاب أخرى خطوة الديمقراطي الكردستاني نفسها؛ لأنها تعرف تماما حجم تدخلات المحكمة الاتحادية في العملية الانتخابية للإقليم، وما آلت إليه الأوضاع جراء ذلك، بحسب تعبيره.

وشدد على أن "الجميع يعلم أن الإطار التنسيقي يدعم قرارات المحكمة الاتحادية، وهو يعلم تماما أن الأخيرة غير منصفة تجاه الانتخابات البرلمانية للإقليم، وقراراتها غير مبررة تجاه كردستان بشكل عام".



وأردف: "الإطار التنسيقي باعتباره حليفا للديمقراطي الكردستاني والقوى السنية، ضمن تحالف إدارة الدولة، عليه دعم كيان إقليم كردستان، ورفض قرارات المحكمة الاتحادية بدلا من دعمها".

ولفت بابكي إلى أن الإطار التنسيقي لم يعد شريكا للحزب الديمقراطي بالشكل الذي عبّرت عنه الاتفاقيات داخل تحالف إدارة الدولة الذي شكّل الحكومة الحالية؛ لأن تصريحاته ومواقفه أصبحت تدل على ذلك، ولم يحل المشكلات بين بغداد وأربيل، كما جرى الاتفاق، بحسب كلامه.

قلق أمريكي

وفي السياق ذاته، رأى أستاذ الإعلام في العراق، غالب الدعمي، أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني لن ينسحب من الانتخابات البرلمانية لإقليم كردستان العراق، وسيشارك في وقتها المناسب، لكن الذي يجري حاليا، هو ردة فعل حيال ما يراه الأخير من ضغوط موجهة إليه من بغداد".

وأوضح الدعمي لـ"عربي21" أن "كل هذه الضغوط، يعدّها الحزب الديمقراطي الكردستاني جزاء من ممارسة ضغط قضائي واتحادي (حكومي) ضده وضد حكومته في الإقليم، وإدارته للمشهد السياسي في كردستان العراق".

ولفت إلى أن "توتر العلاقة حاليا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، أحد أسبابها المطروحة هو عدم توافق الأخير مع الإطار التنسيقي حيال موضوع تشكيل الحكومة بعد انتخابات عام 2021، وذهابه لتشكيل تحالف ثلاثي مع التيار الصدري وحزب تقدم (السني)".

وبيّن الدعمي أن "الديمقراطي الكردستاني جاء للتحالف مع التيار الصدري، نتيجة خلافات سابقة لتفاهمات مع الإطار التنسيقي، وهي قديمة وليست وليدة اليوم، ومن أسبابها أن حزب البارزاني بعيد عن الأخير في سياسته، ولا يخضع كليا إليها".

وكذلك من أسباب التوتر بين الديمقراطي والإطار، وفقا للدعمي، هو "ضعف علاقة الأول بإيران الذي جعل حزب البارزاني بعيدا عن التحالف مع قوى الإطار منذ البداية، لذلك يرى البعض أن الجفاء بين بغداد وأربيل يعود سببه إلى إنشاء التحالف الثلاثي".




وكان التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وتحالف "السيادة" السني برئاسة خميس الخنجر، أعلنوا عقب انتخابات 2021، إطلاق تحالف "إنقاذ وطن" الذي عرف إعلاميا بـ"التحالف الثلاثي"، من أجل تشكيل حكومة أغلبية سياسية، لكنهم أخفقوا في ذلك.   

وتفكك التحالف الثلاثي في حزيران 2022، وذلك بعد توجيه الصدر نواب كتلته البرلمانية (73 نائبا)، الاستقالة من البرلمان، مما دفع "الديمقراطي" و"السيادة" إلى الدخول ضمن تحالف "إدارة الدولة" مع قوى الإطار التنسيقي، والاتفاق على تشكيل حكومة توافقية.

وفي ظل هذه الأزمة، أعلنت سفيرة واشنطن في بغداد، ألينا رومانوسكي، الأربعاء، أنها التقت مسعود البارزاني، لتأكيد دعم بلادها لإجراء انتخابات برلمان كردستان العراق، لتكون حرة ونزيهة وشفافة وذات مصداقية، ويجب أن يكون لجميع مواطني الإقليم صوت في تحديد مستقبلهم.

وقبل ذلك بثلاثة أيام، أعلنت السفيرة الأمريكية عبر منصة "إكس" أنها تشعر بالقلق إزاء إعلان الديمقراطي الكردستاني مقاطعة انتخابات إقليم كردستان العراق، داعية حكومتي بغداد وأربيل إلى ضمان أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة وشفافة وذات مصداقية.