حول العالم

استقرار الحجيج في صعيد عرفة لأداء ركن الحج الأعظم

النفير إلى عرفة في اليوم التاسع من ذي الحجة - أ ف ب
استقرت جموع حجاج بيت الله الحرام على صعيد عرفات الطاهر، ليؤدوا ركن الحج الأعظم، ويشهدو الوقفة الكبرى في مشهد إيماني مفعم بالخشوع والسكينة. 

وتدفق الحجاج، مع الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، إلى صعيد جبل عرفات على بُعد 22 كيلومترًا من مكة، ملبين متضرعين، داعين الله أن يمّن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار.

بدأ حجاج بيت الله الحرام في الصعود إلى جبل عرفة لأداء الركن الأعظم من الحج، بعد أن قضوا يوم التروية في مشعر منى.

ورغم أن الوقت يبدو باكرًا للتحرك والنفرة إلى صعيد عرفات، فإن بعض المجموعات من حجاج بيت الله الحرام قررت بداية عملية "إعادة انتشار"، رغبة في التواجد بمكان أقرب إلى عرفة، حتى يتمكنوا من الوقوف على صعيده الطاهر منذ شروق يوم التاسع من ذي الحجة.

ويبدو أن المجموعات الأخرى، قررت تغيير تكتيكها، والتوجه إلى صعيد عرفات قبل شروق شمس اليوم التاسع، رغبة في حجز موقع "مميز" أو مساحة أكبر هناك، رغم اختلاف الفتاوى الشرعية حيال توقيت النفرة من مشعر منى إلى عرفات.

وخلال وقوفهم الوقفة الكبرى على صعيد عرفات الطاهر؛ يستمع حجاج بيت الله الحرام لخطبة يوم عرفة التي يلقيها المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ومن ثم يؤدون صلاة الظهر والعصر جمع تقديم وقصرًا.

ومع غروب شمس اليوم التاسع ينفر الحجيج إلى مزدلفة، حيث يؤدون صلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا، ثم يتوجهون في ساعات الصباح الأولى من يوم السبت إلى منى في أول أيام عيد الأضحى لرمي جمرة العقبة وذبح الهدي ثم الحلق أو التقصير، بعدها يتوجهون إلى صحن الكعبة لتأدية طواف الإفاضة، ومن ثم التحلل من إحرامهم تحللا أصغر.

وفي ثاني أيام عيد الأضحى تبدأ أيام التشريق الثلاثة (الأحد والاثنين والثلاثاء)، حيث يمكن للمتعجل العودة إلى بلده وأن يختصرها في يومين فقط.

وعلى مدار أيام التشريق الثلاثة يرمي الحاج ثلاث جمرات (الكبرى والوسطى والصغرى)، وفي كل منها يقذف شاهد إبليس بسبع حصيات مع التكبير رمزا لرفض "غواية الشيطان"، وينهي الحاج مناسكه بطواف الوداع حول الكعبة.

وعقب ذلك يتجه حجاج بيت الله الحرام إلى مكة المكرمة لأداء طواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة، وبذلك يتحللون التحلل الأكبر. 

جبل عرفات
 
ولا شيء يشغل ضيوف الرحمن سوى الإيمان ولا شيء يغمرهم سوى الرغبة في أداء المناسك وعلى صعيد عرفات يتجردون من دنياهم ومتوحدين في شعارهم ومقاصدهم وطلبهم حتى أن القلوب تهفو إلى خالقها وبارئها وترتفع الأكف إلى معطيها والمنعم عليها. 

ولجبل عرفات أو عرفة، سمات عده تميزه عن غيره من الجبال في شتى بقاع الأرض؛ فهو ميدان واسع أرضه مستوية تبلغ نحو ميلين طولاً في مثلهما عرضًا، وكانت قرية، فيها مزارع وخضر، وبها دور لأهل مكة، أما اليوم فلم يبق لهذه الدور من أثر، محاط بسلسلة من الجبال على شكل قوس كبير، وحدود عرفة من ناحية الحرم هي نمرة وثوية وذي المجاز والأراك.

ويقع على الطريق بين مكة والطائف شرقي مكة بنحو 22 كلم وعلى بعد 10 كلم من منى و 6 كلم من مزدلفة، وقد وضع له علمان يرمزان إلى بدايته وعلمان يرمزان لنهايته توضيحا لمن يجهل ذلك، وبين الأعلام تقع بطن عرنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة".

وفي عرفات مسجد يسمى بمسجد الصخرات وهو يقع أسفل جبل الرحمة على يمين الصاعد إليه وهو مرتفع قليلا عن الأرض يحيط به جدار قصير وفيه صخرات كبار وقف عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة وهو على ناقته القصواء.

كلمة عرفات ليست جمعا لعرفة، وإنما هي مفرد لصيغة الجمع، وتعني المشعر الأقصى من مشاعر الحج، وهو الوحيد الذي يقع خارج حدود الحرم، ويقف عليه الحجيج بعد صلاة الظهر من يوم التاسع من ذي الحجة.

قيل سُمِّي عرفه بذلك؛ لأن جبريل طاف بإبراهيم عليه السلام، وكان يريه المشاهد فيقول له: أَعَرَفْتَ؟ أَعَرَفْتَ؟ فيقول إبراهيم: عَرَفْتُ، عَرَفْتُ.

وقيل، لأن آدم، عليه السلام، لما هبط من الجنة وكان من فراقه حواء ما كان، فلقيها في ذلك الموضع؛ فعرفها وعرفته.

وعُرِفَ كذلك باسم عرفات، كما قال تعالى: "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام".

ويطلق على عرفة أسماء أخرى، منها: القرين، جبل الرحمة، النابت، جبل الآل.