كتاب عربي 21

حضارة أول فيصل العريقة

1300x600
قبل أن تقرأ: هذا المقال ليس سخرية من فيصل ولا من أي مكان في مصر بل محاولة لرصد مستوى المسخ الفكري الذي بلغته عقول البعض مع إعلام العسكر.

يجلس لمعي المؤيد للعسكر أمام حاسوبه ليقرأ بيان المتحدث العسكري الذي يقول إن قوات الجيش الباسلة نجحت في قتل 945348  عنصرا تكفيريا وتطهير 700  بؤرة إرهابية في سيناء، وإصابة سبونج بوب وسوبرمان في أثناء هروبهما، ليكتب (تحيا ماسر) و(يشهق من فرط الوطنية).

ثم ينتقل إلى صفحة أخرى، ليقرأ تحليلا لحادثة السياح المكسيكيين، يتحدث عن الخلية المكسيكية الإرهابية التي جاءت مصر لتزرع قنابل نيوترونية في الصحراء الغربية، لتنسف بها مشروع الترعة وتعطل تقدم (ماسر)، كما جاءت لتسرق تصميمات (المليون وحدة سكنية) لحساب المخابرات الأمريكية، لولا أن المخابرات (الماسرية) اكتشفت المؤامرة ونجحت في قصف الإرهابيين بصواريخ الأباتشي.
 
ينتهي لمعي من قراءة تلك الفضلات، وتنقطع أنفاسه انبهارا ويهتف (تحيا ماسر) 3 مرات.
 
يلتفت لمعي إلى شاشة التليفزيون ليرى مذيعة قناة المحور القذافية وهي تنقل بجدية تدوينة (وهمية) لرئيس المكسيك، نشرها موقع ساخر عن تفهم الرئيس المكسيكي لقتل مواطنيه؛ لأنهم كانوا يقفون بسياراتهم في الممنوع في الصحراء، ثم يختم تدوينته بتساؤل (إيه اللي وداهم هناك). 

يقرأ لمعي مقال أحد معارضي الانقلاب عن إرهاب عصابات الجيش في سيناء، وكيف نشأ ذلك الجيش على يد الاحتلال البريطاني مع رصد تاريخي سريع لخيانات ذلك الجيش للإسلام فيجز على أسنانه، ويكتب (الجيش دا هو اللي بيحمي الحدود يا خونة).

لمعي وغيره هم مجرد إفراز للآلة الإعلامية للعسكر منذ انقلاب 52، وهي آلة كانت تعمل ككاسحة الجليد التي تتقدم قافلة التغييب العسكرية، لتمحو العقول وتمهد لما يُراد زرعه بها.

آلة كل هدفها تكريس نزع مصر عن محيطها الإسلامي، بعد أن تم نزعها عمليا من الخلافة عبر عمليات تغريب، استغرقت عقودا وأشرف عليها الاحتلال البريطاني، هي آلة تعمل وفق خطة دقيقة ومراحل مرسومة لتدمير الهوية الحقيقية لمصر وزرع (الهوية المصرجية البديلة)؛ تمهيدا لتقسيم تلك الدويلات إلى قطع أصغر حجما.

يصر لمعي على أن الجيش يحمي الحدود، ولا يعلم أن الحدود رسمها ضباط بريطانيون وسلموها لغفر23  يوليو، وحولها إعلام الغفر إلى مقدسات.

لمعي ليس المغفل الوحيد، فهناك مغفلون آخرون يرددون الخزعبلات نفسها.

لمعي ورفاقه المغفلون على اختلاف درجات تعليمهم، لا يدركون أن ما يحدث الآن في مصر منذ الانقلاب، هو تمهيد لتقسيم مصر إلى (فتافيت)، وأن مخطط التقسيم ليس جديدا.
 
لا تصدق؟
 
حسنا اقرأ هذا الجزء من دراسة صهيونية
 
"إذا وضعنا في الاعتبار الصدع المتزايد بين المسلمين والمسيحيين، فإن انهيار مصر إلى مناطق متمايزة جغرافيا هو هدف سياسي رئيسي لإسرائيل، وإذا سقطت مصر فإن دولا مثل ليبيا والسودان، وربما دول أخرى ستسقط تلقائيا مع سقوط مصر وتحللها... إن تقسيم مصر وتمزيقها إلى بؤر متعددة للسلطة، عبر تكوين دولة قبطية في صعيد مصر، ومعها عدد من الدول الضعيفة ذات القوة المحدودة من غير حكومة مركزية كما هو اليوم، لهو المفتاح في المنطقة".

إذا وقع التقسيم لا قدر الله كما يريده من يقفون خلف الانقلاب، فسوف تجد لمعي يبادر إلى الاشتراك في صفحة المتحدث العسكري لجيش الأنفوشي، وستجده يكتب تعليقات على صفحات معارضي التقسيم ينعتهم فيها بالخونة، ويردد أن بيادة أصغر جندي أنفوشي برؤوس كل الخونة.

وستجده يردد ما يقوله الإعلام الأنفوشي عن محاولات المخابرات البنهاوية لاختراق حدود الأنفوشي، وزرع كاميرات للتجسس على المخابرات الأنفوشية.

وسيهرع ليشتري جريدة (الأنفوشي اليوم) ليقرأ خبر استقبال رئيس جمهورية الأنفوشي لرئيس جمهورية أول فيصل الشقيقة، ويكتب على صفحته عاشت الصداقة بين الشعبين الشقيقين.

وستجد وقتها من يحدثك عن كفاح شعب الأنفوشي لنيل الاستقلال، وستسمع من يحدثك عن أول فيصل مهد الحضارات، وستجد من يحدثك عن انتصارات جيش العتبة على جيوش المنطقة، وسيقف رئيس جمهورية المحلة ليرفع يده بالتحية العسكرية عندما تمر أمامه دبابات القوات المسلحة المحلاوية.

هذه المشاهد الخيالية ليست بعيدة بل هي ما يُراد لمصر حقا، وهذا الوضع المرعب هو المحصلة الطبيعية لفصل السودان من قبل على يد العسكر ثم لاحتلال غزة وسيناء والجولان والقدس، ولمسرحيات الإعلام المصرائيلي التي مسخ بها عقول البعض، مثل مسرحية مسخرة أكتوبر وتحول قطاع من الشعب إلى لمعي وكتيبة من الكتاب والإعلاميين ومدعي الثقافة، الذين ظلوا يروجون لتلك المسخرة المسماة دولة.

الحل الذي نملكه الآن هو زرع الوعي بحقيقة العسكر ودورهم كفيروس يعمل ضد الشعب وهويته، وإنهاء ذلك الاحتلال العسكري لمصر، واستعادة مكتسبات الثورة وفي مقدمتها عودة الرئيس المنتخب إلى منصبه لإصلاح كل ذلك التدمير.