ملفات وتقارير

غضب إيطالي من مماطلة مصر في كشف قتلة ريجيني

الغضب الشعبي بدأ بوقفة أمام السفارة المصرية في روما - أرشيفية
بدأت في العاصمة الإيطالية، الخميس، أول مظاهر الغضب الشعبي تجاه التلكؤ المصري في كشف ملابسات حادث مقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني" في القاهرة مطلع الشهر الجاري.

ونظم عشرات الأشخاص وقفة احتجاجية أمام السفارة المصرية في روما، مطالبين بكشف الحقيقة في القضية، بعد مرور أكثر من شهر على اختفاء ريجيني، ثم العثور على بعد 10 أيام وعليها آثار تعذيب بشع.

وأظهر تقرير الطب الشرعي بعد تشريح جثة ريجيني وجود آثار حروق بمختلف أنحاء الجسد، وصعق بالكهرباء بالأعضاء التناسلية، وكسور في الضلوع وجروح وكدمات؛ نتيجة الضرب المبرح.

الحقيقة من أجل ريجيني


وكانت أسرة ريجيني ومنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية أوروبية وإيطالية دعت إلى هذه الوقفة تحت شعار "الحقيقة والعدالة من أجل جوليو ريجيني".

وحمل النشطاء المشاركون في الوقفة لافتات تطالب بسرعة الكشف عن ملابسات الحادث، وتقديم المتهمين بقتل ريجيني للمحاكمة. 

ونقلت وسائل الإعلام الإيطالية عن وزير الخارجية "باولو جنتيلوني"، الأربعاء، قوله إن بلاده ستواصل ضغطها على مصر، ومطالبتها بالحقيقة، حتى تحقق العدالة لأسرة ريجيني والكرامة لإيطاليا".

وفي وقت سابق، قال "ماتيو رينزي" رئيس الوزراء الإيطالي إن بلاده لن توافق على أي تسوية، فقط نريد الوصول إلى الحقيقة، ونريد كشف المسؤولين الحقيقيين عن تلك الجريمة، نحن في إيطاليا نرى أن معرفة حقيقة مقتل جوليو ليست خيارا أو ترفا".

وكان جوليو ريجيني، الذي يدرس الدكتوراه في جامعة كامبريدج البريطانية، مقيما في القاهرة، حيث يعد بحثا عن دور الحركات العمالية في مصر بعد ثورة يناير.

وتتمسك الحكومة المصرية حتى الآن بموقفها، حيث تنفي تورط أي أجهزة أمنية في مقتل ريجيني، وأكدت أن التحقيقات لا زالت جارية لكشف غموض الجريمة.

وكان المحققون الإيطاليون المتواجدون في القاهرة قد أعلنوا منذ عدة أيام التوصل لمؤشرات قوية حول اعتقال أجهزة الأمن المصرية لريجيني قبل اختفائه يوم 25 يناير الماضي، الذي يوافق الذكرى الخامسة الثورة المصرية، بحسب روايات لشهود عيان.

فضيحة وراء الحادث

وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن مصادرها في القاهرة قولهم إن الشرطة المصرية هي المتهم الأول بقتل ريجيني بعد أن اعتقلته بالقرب من منزله.

وأضافت الصحيفة: اعتقد رجال الشرطة المصرية أن إطلاق سراح ريجيني سيعرض النظام لفضيحة؛ لأنه سيكشف للعالم ما يحدث داخل المعتقلات المصرية، خاصة بعد تعرضه هو شخصيا للتعذيب الوحشي، لذلك قرروا التخلص منه للأبد".

وقال "رافاييل ماركيتي"، الأستاذ في جامعة "لويس" الإيطالية، إن الدلائل التي تكشفت حتى الآن تشير بوضوح إلى تورط أجهزة الأمن المصرية في قتل ريجيني، فكل المتابعين لسجل مصر السيئ في مجال حقوق الإنسان يعرفون أن طريقة قتل ريجيني هي ذاتها التي قتل بها مئات الأشخاص خارج نطاق القانون داخل مقرات الشرطة والمخابرات، ووصل عدد الضحايا إلى 474 معتقلا لقوا مصرعهم خلال عام 2015 فقط.

وأضاف ماركيتي: لا زلنا حتى الآن غير قادرين على فهم الأسباب التي تدفعهم إلى تعذيب وقتل مواطن إيطالي في القاهرة بهذه الوحشية بدلا من ترحيله على الأقل". 

وقالت الجارديان إن مصر قامت منذ عام 2011 بترحيل العديد من الباحثين والصحفيين الأجانب؛ بسبب تناولهم موضوعات مقلقة للنظام، ومنعتهم من دخول البلاد مجددا، لكن هذا الإجراء لم يتبع مع ريجيني لسبب غامض حتى الآن.

نقطة اللاعودة

وقالت "مارينا سالسيللي"، الباحثة في جامعة جورج واشنطن الأمريكية في الشأن المصري والسوري: "أعتقد أن ريجيني تم اعتقاله لعدة أيام، تعرض خلالها للتعذيب، وهو خط لا يمكنهم العودة عنه، ففي بعض الأحيان لا يمكن الإفراج عن مواطني أجنبي تعرض للتعذيب؛ لأنه سيكشف للعالم ما حدث معه".

ونقلت الصحيفة عن راجية عمران، عضو المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان، قولها: "وجود شخص مثل ريجيني في مصر أمر يثير الشك؛ لأنه يتحدث العربية بطلاقة، خاصة أننا نعيش في أجواء معادية للأجانب".

ويوم الأربعاء الماضي، أعلنت وزارة الداخلية المصرية أنها لا تستبعد وجود شبهة جنائية أو دوافع انتقامية وراء مقتل جوليو ريجيني.

وأضافت الوزارة في بيان لها أن المعلومات المتوافرة بشأن مقتل الطالب الإيطالي تطرح جميع الاحتمالات، خاصة أن ريجيني كان يتمتع بعلاقات متعددة في محل إقامته ودراسته، وانتقدت إصرار البعض على استباق نتائج البحث، وترديد الشائعات، وتناولها ببعض الصحف الأجنبية، دون دليل مادي، بصورة تضلل الرأي العام وتؤثر على سير التحقيقات، على حد قولها.

لكن إيطاليا ردت على هذه البيان ردا غليظ، وطالبت السلطات المصرية بمزيد من التعاون معها، وتقديم الأدلة التي توصلوا إليها في الحادث.

وقال وزير الخارجية الإيطالي "باولو جنتيلوني" إن "التعاون مع فريقنا للتحقيق في القاهرة يمكن، ولابد، أن يكون أكثر فاعلية، لا يمكن أن يكون رسميا فقط."