كتاب عربي 21

حين يضيق النظام بالمؤيدين !

1300x600
ربما يكون بعضهم قد شمت بالفعل فى هذا الإعلامى المؤيد للنظام والمروج لسياساته وتمكينه منذ 3 يوليو 2013 بعد أن أوقف النظام برنامجه عقابا له على التجرؤ بانتقاد البرلمان المؤيد فى غالبيته العظمى للسلطة، تأخذ  الشماتة فى مثل هذا الموقف سلسلة من المبررات التى ساقها كثير من الذين صُدموا فى الرجل بعد شهادته الغريبة فى قضية قتل المتظاهرين إبان ثورة يناير حيث اعتبروها شهادة زور لتبرئة القتلة ثم فاجأهم تأييده المطلق للسلطة وترويجه لقتل الديموقراطية ووأد الثورة تحت مسميات الضرورة وحماية الوطن وغيرها من المبررات التى زادت الكثيرين قناعة أنهم خُدعوا فى رجل حسبوه ثوريا خالصا مدافعا عن الديموقراطية ثم اكتشفوا أنه يفعل عكس ذلك وينظر للهجوم على الشباب الغاضبين المطالبين بمدنية الدولة والديموقراطية.

بالتوازى مع ذلك جاءت خطوة تفجير حزب سياسى من الداخل  أسسه رجل أعمال شهير عقب ثورة يناير لتعيد للأذهان ذكرى تجارب سياسية سابقة لأحزاب وحركات تم تفجيرها من الداخل والسيطرة عليها من قبل موالين للسلطة والأجهزة لكن كان الغريب فى تفجيرهذا الحزب أنه لم يكن حزبا معارضا بالمعنى المتعارف عليه للمعارضة بل كانت مواقف الحزب وقياداته البرلمانية والاعلامية موالية للنظام لأبعد حد ممكن فلماذا تم تفجير الحزب بهذا السيناريو الأمنى المكرر والمعروف؟ اعتبر البعض أن شخص مؤسس الحزب هو المقصود من عملية تدمير الحزب حيث أنه رغم تأييده للسلطة الحالية إلا أن له مواقف نقدية وآراء حادة تزعج أحيانا النظام كما أنه يتعامل بوصفه مؤسس وممول لحزب يعتبر قد حصد أعلى عدد من مقاعد البرلمان كحزب وليس ائتلاف وهذا يشكل مصدر قوة لشخصه وتوجهاته لذلك جاءت الضربة الخاطفة التى أطاحت بالرجل والمؤيدين له خارج الحزب لتنهي شعور القوة أو التفكير فى ممارسة سياسية جادة تتبنى آراء معارضة لسياسات السلطة.

ضع المشهدين بالتوازي لتصل إلى نتيجة غريبة ومذهلة: هذا النظام صار يضيق بالمؤيدين كما ضاق قبلهم بالمعارضين وأقصاهم وأمم الحياة السياسية، حتى المؤيدين الموالين له يقوم بإخراسهم إذا فكروا للحظة واحدة فى انتقاد الأوضاع، حتى مسألة الديكور الشكلى للمعارضة المستأنسة التى تكمل المشهد وتحاول إيهام الناس أن هناك ممارسة سياسية حقيقية وتعدد للآراء والاتجاهات لم يعد النظام يقبلها ولا يعتقد أنه يحتاجها من الأساس، هذه درجة مخيفة من الصلف والغرور والاعتقاد أن دولة الصوت الواحد والأبواق الموجهة هى التى تساعد على استقرار البلاد وتحقيق التقدم، كان نظام مبارك يصنع هذه الظواهر الإعلامية المستأنسة ويدعمها للتنفيس عن الناس وفش غلهم لتفريغ الغضب، لكن النظام الحالى يعتقد أنه أقوى من كل من سبقوه ويعتقد أنه يحظى بتأييد شعبى جارف يسمح له بكل هذه الممارسات رغم أن الواقع الحالى يشير لتآكل هذا التأييد لأبعد درجاته فى تفاقم سوء الأحوال الاقتصادية وغلاء الأسعار المستمر الذى يفسد حياة المصريين ويزيد معاناتهم.

ما هى خيارات النظام؟ وما هى رهاناته؟ لا أحد يدري، العلاقات المصرية العربية خاصة السعودية تسوء وحلفاء الأمس تختلف بهم المسارات والدعم الذى ساعد على الاستمرار قبل ذلك يتناقص يوما بعد يوم، والفشل الاقتصادى مستمر وسوء ادارة الأزمة الاقتصادية يأخذ البلاد لمنحنى خطير يهدد الاستقرار بشكل حقيقي.

أذرع النظام الإعلامية بدأت أيضا فى تسفيه آلام الناس وتوبيخهم على الشكوى وتصوير أن احتياجاتهم الأساسية رفاهية يجب التخلى عنها من أجل مصلحة الوطن ! هل يوجد أغبى من هذه العقلية التى لا تحاول استيعاب الناس وتفهم أحزانهم ومعاناتهم فتقوم بشتمهم والمزايدة على وطنيتهم ، هل يجب أن يموت الناس من شدة الجوع حتى يثبتوا حبهم للوطن؟ هل يجب أن يخرس الناس ولا يصرخون من الألم حتى يكونوا مواطنين صالحين؟

لن ينهض  الوطن بإسكات الأصوات المعارضة ولا بتأميم الحياة العامة ولن تخرج مصر من كبوتها الاقتصادية الا اذا توحد المجتمع وتغيرت أساليب الادارة والاستئثار بالرأى و فهم الجميع أن الاقتصاد والسياسة لا ينفصلان ولا يمكن أن تخرب الحياة السياسية ثم تنتظر أن تحقق رخاء اقتصاديا مزعوما ، البديهيات لن تتغير لكننا نحتاج للتعقل ومراجعة الذات قبل فوات الأوان..