معالجة الجرائم لا تكون بالإعلانات الهزيلة والدعوات والخطب السياسيّة المُنافية للواقع الذي يَعجّ بالتمرّد وحالة اللا دولة واللا قانون، وكأنّ الناس في غابة نائية يأكل القوي فيها حقوق مَنْ لا يَمْلك سندا من عشيرة كبيرة أو شخصيّة مُتنفّذة، أو حزب سياسيّ، أو قوّة مليشياويّة!
ينبغي التفكير العلميّ والمنطقيّ بواقع حال العراقيّ الذي وصل لمرحلة اليأس من الحياة، ولا أظنّ أنّ هذه القضايا الحَرِجة تُعالج بفعّاليّات وقرارات تقليديّة، بل يُفترض مداواتها بالقوّة العادلة والقاصمة لظهر المُخرّبين والفاسدين، وليس بالتصريحات "الديمقراطيّة" المزيّفة
بناء الدولة السليمة في العراق يكون بحكومة تُتقن فنّ الحكم، وليس بحكومة "نصف كُم"،فهل ستُتقن حكومة السوداني، إن شُكِّلت، فنّ الحكم أم ستكون كسابقاتها فاقدة للأهليّة؟
شهادة ممثّلة الأمين العامّ للأمم المتّحدة في العراق، جينين بلاسخارت، في إحاطتها أمام الجمعيّة العامّة، بأنّ "العراقيّين فقدوا الثقة بقادة البلاد"، فهل تُعدّ هذه الإحاطة البداية لعودة العراق للفصل السابع من ميثاق الأمم المتّحدة؟
التطوّرات على الساحة الإيرانيّة ستُشْغِل القيادات هناك بمحاولات قمع المظاهرات، وبالنتيجة لن ينشغلوا لا بالعراق ولا بغيره لأنّ القضيّة الآن بالنسبة لهم قضيّة وجود أو فناء، وهذه النقطة من أهمّ الثمار الداعمة والساندة للمظاهرات العراقيّة!
أتصوّر أنّ العراق مُقبل على مرحلة تغيير بشكل ما، ولا يُمكن تحديد وقتها، أو رسم ملامحها بسهولة بسبب السرّيّة التامّة التي تُنفِّذ بها الأطراف المُشاركة لعبتها
كان العراق ومنذ منتصف الأسبوع الماضي يغلي وبلا هوادة وذلك بعد أن أصْدَر المرجع (الشيعيّ) العراقيّ المُقيم في مدينة قُم الإيرانيّة كاظم الحائري بياناً مليئا بالألغاز، وأعلن فيه الاعتزال الدينيّ كمرجع بسبب وضعه الصحّيّ، وموصيا أتباعه باتّباع مرجعيّة علي خامئني في إيران.
نُتابع منذ بضعة أسابيع تساقط مؤسّسات (الدولة العراقيّة) تماما مثل أحجار الدومينو، فبعد أن شُلّ عمل البرلمان بسبب الاعتصام المستمرّ لأنصار مقتدى الصدر، ودخول المنطقة الخضراء مرحلة الشلل شبه التامّ، وبقاء أجهزة الدولة الأمنيّة في حالة ترقّب وإنذار وذهول من سيطرة التيّار الصدريّ على الدولة،
ولا ندري لماذا ظهرت هذه الاتّهامات بهذا التوقيت، ولماذا سكت الصدر ونوّابه طوال السنوات الماضية، وهل سيُحاسب القضاء كافّة السرّاق والمُتستّرين، والمُحرّضين على قتل جزء من الشعب؟
ادّعاءات تلبية طُموحات العراقيّين غير ظاهرة في الأفق، والقول بأنّ الذهاب لانتخابات برلمانيّة مبكّرة من الحلول الناجعة؛ قول سقيم لا يَحمل في طياته أيّ تغيير، أو تطبيق للقانون، وسنبقى أمام شخصيّات "حُرّة وطليقة" رغم أنّها مُتّهمة بالقتل والنهب والتخريب وبالأدلة القطعيّة الثابتة!
أثبتت التخبّطات السياسيّة أنّ العُمر الافتراضيّ للنظام السياسيّ العراقيّ قد انتهى، وأنّه عاجز تماما عن ضبط إدارة البلاد، ولهذا صارت القوى السياسيّة في مواجهة مُنحدرات مُخيفة؛ أقلّها الرضوخ لبقاء حكومة الكاظمي لعام آخر، وحلّ البرلمان وإعادة الانتخابات البرلمانيّة
مع هذا الغليان الشعبيّ الحالم بثورة مُعدّلة للأوضاع المُروّعة، تُحاول كافّة القوى الحاكمة أن ترمي اللوم على شركائها وكأنّها ليست جزءا من الكارثة الحاليّة، وربّما لتبرير الأخطاء الكارثيّة التي ارتكبتها