محمد حافظ يكتب: منذ أن وقّع السيسي لإثيوبيا على اتفاقية مبادئ سد النهضة عام 2015، والتي تنازل فيها عن كافة حقوق الدولة المصرية في نهر النيل الأزرق وسمح لإثيوبيا بأن تكون صاحبة اليد العليا في تفسير المصطلحات المطاطية لتلك الاتفاقية، يُنتظر أن تتعامل إثيوبيا مع مصر من منطلق "الإحسان"
لماذا تورطت شركة المقاولون العرب في بناء هذا السد الخرساني المقوس، بالإضافة لأربعة سدود ركامية يصل طولها لقرابة 16.2 كم؛ بهذا السعر المتدني جدا؟ ولماذا وافقت على استكمال البناء خلال ثلاث سنوات فقط لعمل يحتاج ست سنوات على الأقل؟ ولماذا وافقت على تخفيض سعر المناقصة الدولية من 3.6 مليار دولار ليصبح 2.9
ضد" فكرة ربط نهر "الكونغو" بالنيل "الأبيض" للأسباب السابقة، بالإضافة إلى وجود مشاكل فنية لا حصر لها بشأن "الرفع المتكرر" لــ"3300 متر مكعب في الثانية" لارتفاع "ستة طوابق" كل طابق بارتفاع "40 متر". كل هذه تعتبر تكاليف باهظة جدا، مع احتمالية توقف التدفق بسبب كثرة الأعطال الميكانيكية والكهربائية
حق الدولة المصرية في نهر النيل هو حق مكتسب منذ يوم نشوء مجري النيل قبل 25 مليون عام مضت؛ أضاعها السيسي ووزير الري المصري الذي "تهاون" في حق الشعب المصري تنفيذا لتوجيهات السيسي.. فماذا بعد "إغلاق الممر الأوسط"؟
اليوم 23 آذار/ مارس 2020، كل عام والشعب المصري بكل خير بمناسبة مرور 5 سنوات على توقيع عبد الفتاح السيسي اتفاقية مبادئ سد النهضة في مثل هذا اليوم من عام 2015...
ستحصل مصر على "حزمة مساعدات" أقل مما حصلت عليه إثيوبيا، مقابل الموافقة على موقف إثيوبيا الجديد، والتوقف عن الدفاع عن الحصة المصرية لعام 1959، واعتبارها ماضيا سقط بكتاب التاريخ والنظر للمستقبل والطريق الجديد إلى عنتيبي
موافقة مصر على طلب إثيوبيا في بند "الملء السريع وتوليد كهرباء" مع نهاية عام 2020، يعني تنازل الدولة المصرية تماما عن مطالبها الأولي والخاص بـ40 مليار متر مكعب
يوما 15 و16 أيلول/ سبتمبر الحالي سوف يحددان المستقبل المائي للدولة المصرية؛ التي تنازلت عن مطلبها السابق بالإصرار على ملء بحيرة سد النهضة على مدار 15 عاما، ثم تنازلت لـ11 عاما، ثم حاليا إلى سبع سنوات، بينما تصر إثيوبيا على موقفها الثابت منذ عام 2014، وهو حتمية ملء بحيرة سد النهضة في ثلاث سنوات
يعد مرور أكثر من عامين ونصف على التاريخ النهائي للانتهاء من الدراسات الاستشارية، تجد مصر نفسها أنها لا زالت في خانة "الصفر"؛ لم تتحرك قيد أنملة على الرغم من عقد 19 لجنة مفاوضات فنية على مدار أربع سنوات ونصف، استنفدت فيها مصر كل ما لديها من صبر، وأظهرت أيضا كل ما لديها من "قلة حيلة"
تكون هناك دلائل اليوم على أرض الواقع تظهر السيسي على كونه "حامي حمى الديار"، وأنه يتفاوض مع إثيوبيا بيد تحمل "أغصان الزيتون" واليد الأخرى تحمل البندقية. إلا أن الواقع والتاريخ قد لا يكون في جانبه
القضية اليوم ليس السيسي أو من يحكم مصر بل "لب" القضية هو بقاء الدولة المصرية ككيان حضاري وهبه النيل للإنسانية، فالنيل للدولة المصرية هو قضية "وجود" وليست "حدود"
صرح وزير الري المصري الدكتور محمد عبد العاطي خلال فعاليات أسبوع بيروت السابع للمياه بأن مصر تستورد ما قيمته 34 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية على هيئة سلع
مصر التي أغرقها السيسي في ديون محلية وخارجية تفقد قدرتها الشرائية يوما بعد يوم، وتنحدر في صمت على منزلق الإفلاس الأرجنتيني أو الروسي؛ هي دولة لا تمتلك رفاهية الحكومة القطرية أو الكويتية لبناء محطات تحلية مليارية لتعويض العجز المنتظر
إنني كمواطن مصري متخصص في هندسة السدود، أطالب الدولة المصرية اليوم بتدويل قضية سد النهضة، واتخاذ تصريحات وزير الكهرباء الإثيوبي ومدير مشروع سد النهضة كدليل إثبات عن عدم حسن نية الحكومة الإثيوبية في مشاركة الأمور الفنية مع دولة الممر والمصب