بعد تأملٍ وجيز وصلت لنتيجة محزنة ومفزعة تحمل الشيء الكثير من رثاء النفس، إذ إنني أكرر دائما أن شيئا ما لا يحدث اعتباطا، وأن الصورة الكلية مكونة من أجزاء مترابطة، وعليه فقد اكتشفت أننا جميعا في حقيقة الأمر نرقص وفق تحدي كيكي في مصر السيسي: هو تحدي السيسي.
?
نتكلم في كل شيء سوى ما يهم. أجل، إن مجتمعاتنا تعيش حالة هروبٍ كبيرة، بمعنييها الحرفي والمجازي، في الزمان والمكان، والمسؤول الأول من دون جدال هو الأنظمة. أقرب نماذج هذا الهروب المحسوسة وأصرخها وأكثرها مادية هو تلك القوافل من سفن اللاجئين الذين يعبرون المتوسط، فرارا من بطش الأنظمة أو الفقر.
ليست هذه بانتخابات ولم يكن ذلك الغرض منها من الأصل، وإنما هي خطوة لاستيفاء الشكل وتجديد التفويض على المضي في امتداد الطريق سواء على مستوى الانحياز الاجتماعي- الاقتصادي أو السياسي وكلاهما منسجمان، واستكمال العصف بثورة 25 يناير.
في ما يخص المواطنين الأجانب، فليسترح القلقون المهتمون بصورتنا، فبالنسبة لهم مصر تعني الأهرامات والفراعنة وما خلفوا من آثارٍ يزورونها والشواطئ المشمسة؛ ربما توقفوا لدى حدث ثورة يناير المبهر وصفقوا، وأبدى بعضهم إعجابه، إلا أن تلك الصفحة لم تلبث أن طُويت بما أعقبها من انقلاب.
منذ بضعة أيام نُفذ حكم الإعدام في خمسة عشر «إرهابيا»، لا تسل عن جريمتهم، فالتهم جاهزة وسهلة، وليس أيسر على النظام من إلصاق أي تهمة أو حادث حقيقي بأي أحد، وقد يأتي الدور عليَّ غدا وعليك بعد غد.
لن يتنازل السيسي أو يرحل، ولن ينزل عن الكرسي بانتخابات مبكرة أو متأخرة أو استفتاء، وتغيير الدستور من عدمه لن يغير من الأمر شيئا، فهو في النهاية وثيقة تنطق بها القوى السياسية.