فجر الجمعة الثالث من الشهر الجاري، وصل مطار بغداد الدولي الجنرال قاسم سليماني، زعيم فيلق القدس الإيراني، قادما من دمشق. حال خروجه من المطار باتجاه العاصمة العراقية/ أستهدفت طائرة أمريكية مُسيّرة، عجلتين مدنيتين كانت إحداهما تقله وعددا من مساعديه ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية.
العراق أمام حالة معروفة في التراث السياسي، وهي غليان شعبي بسبب ظهور وضع لا تحتمله الطبقات الفقيرة والمتوسطة في المجتمع، وتفاقم العوامل الاجتماعية والاقتصادية بصورة لاتطاق، يقابله عدم قدرة الطبقة السياسية مواصلة الحكم، وعدم القدرة أيضا عن التخلي عن نظرية امتلاك الدولة.
حالة التوأمة في المشهد السياسي العراقي بين الفاعلين الرئيسيين أمريكا وإيران لا تحتاج إلى شاهد نفي يؤكد عدم وجودها، بعد خمسة عشر عاما من استمراريتها وبنجاح كبير لصالحهما وخسارة كبرى للعراق. كما لسنا بحاجة إلى أن نسمع دلائل اتهامات هذا الطرف ضد الآخر، على عدم شرعية ما يقومان به .
الدول لا يمكن أن تُبنى بسياسة الانتقام والنبش بالماضي وإثارة الاحقاد، وبمنطق الغالب الذي يجب أن يبقى يستنزف حقوق الاخرين، ومنطق المهزوم الذي يجب أن يبقى منصة تُطبق عليها كل الأحكام الظالمة والمجحفة بحق إنسانيته. هذه الافعال ستؤدي الى جعل النسيج الاجتماعي مُهلهلا ضعيفا يعاني من حالة تأزم مستديم.
لقد تلاشت الحدود بين مفهوم الدولة وسلطاتها، ومفهوم الجماعات المسلحة في العراق على مدى 14 عاما، بعد أن فقدت عنصرين مهمين من عناصر بقائها. الاول أن تكون هي الوحيدة المحتكرة لاستخدام القوة. وثانيا أن يكون هذا الاستخدام شرعيا.
يقينا أن هزيمة التنظيم وزوال دولته سيعني شرق أوسط جديدا، وظهور محاور قوة لم تكن موجودة على الخريطة السياسية للمنطقة، حيث سيكون الفاعل الروسي موجودا وبقوة، وستكون إيران موجودة أيضا أكثر من قبل، وبيدها أوراق ضغط جديدة.
استخدام المقاربة العسكرية فقط في محاربة التنظيمات الراديكالية كان مقصودا وليس غباء سياسيا. فالولادات المتكررة لهذه التنظيمات توفر لعجلة الانتاج الحربي الغربي أسواقا جديدة وزبائن كثرا وعوائد مالية كبرى. كما أنها توفر لصانع القرار الغربي فرصة كسب حلفاء جدد.
إن تغريدات بعض المسؤولين الخليجيين مؤخرا التي تتحدث عن أن أمن العراق هو جزء من أمن الخليج والعرب، وأن مرحلة (بناء الجسور والعمل الجماعي المخلص) قد بدأت، كما يقول وزير الدولة لشؤون الخارجية الإماراتي، كلها جاءت متأخرة جدا بعد الاستثمار الإيراني الكبير في البلد.
لقد نقلت قناة الجزيرة نبض الأشقاء في فلسطين إلى كل بيت عربي، وساهمت مساهمة فعالة في جعل القضية الفلسطينية، وحصار أهلنا في غزة، ومعاناة كل الفلسطينيين، ومقاومة المقدسيين لتهويد القدس، وممارسات الصهاينة اللاأخلاقية واللاإنسانية، زادا يوميا على مائدة كل عربي.