مقابلات

خبير إيراني لـ"عربي21": نتلقى رسائل وضغوطا للتراجع عن دعم فلسطين (فيديو)

عباس خامه يار أشار إلى أن "طوفان الأقصى" أحدثت تحولا كبيرا على المستوى الإقليمي والعالمي- عربي21
عباس خامه يار أشار إلى أن "طوفان الأقصى" أحدثت تحولا كبيرا على المستوى الإقليمي والعالمي- عربي21
كشف المستشار الثقافي الإيراني في قطر والكويت ولبنان سابقا ونائب رئيس جامعة الأديان والمذاهب في الشؤون الثقافية، الدكتور عباس خامه يار، أن "طهران تتلقى دائما، بشكل مُعلن وغير مُعلن، رسائل ونصائح وضغوط وتهديدات من قِبل وسطاء أصدقاء وحلفاء (لم يحددهم) من أجل تغيير موقفها من دعم القضية الفلسطينية".

وقال، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "منذ أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر وحتى الآن هناك ازدحام مروري سببه كثرة الوسطاء، سواء في بيروت، أو في العواصم العربية والإسلامية الأخرى التي تفضل الوقوف بجانب المُخطط الاستعماري الداعم للكيان الصهيوني؛ فطهران تتعرض لضغوط، وهذه النصائح والرسائل تصلنا عبر حكومات رسمية أو منظمات دولية".


وأضاف الدبلوماسي الإيراني السابق: "هذه النصائح تأتي بأنماط مختلفة، وقد لاحظنا نوعا من التغيير في أسلوبها خلال الفترة الأخيرة، وتغييرا في اللهجة المتداولة، والسبب هو التحولات الكبرى التي شاهدناها ويشاهدها الرأي العام العالمي، ولو أن الإخوة في حركة حماس كانوا يعرفون مدى التأثير الكبير الذي أحدثوه في 7 تشرين الأول/ أكتوبر على المستوى الإقليمي والعالمي لاستبدلوا بـ(طوفان الأقصى) (تسونامي الأقصى)".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تقيّم الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية؟


بعد قرابة حدود نصف قرن من انتصار الثورة الإسلامية، والمواقف العملية التي اتخذتها إيران من أجل القضية الفلسطينية، وعلى مدى العقود الماضية، أصبحت الأمور واضحة تماما للجميع، وهذا فخر تعتز بها إيران دائما، وكل الأثمان التي تدفعها الجمهورية الإسلامية على مدى العقود الماضية جاءت على خلفية موقفها من القضية الفلسطينية العادلة، والشعب الفلسطيني؛ فالرسائل التي تصل إلى إيران من التهديدات، وفرض العقوبات كلها تصب في هذا الإطار، والأمر أصبح واضحا للجميع.

والفلسطينيون أولى بالإجابة عن هذا السؤال، سواء الفلسطينيون في الجانب السياسي أو الجانب العسكري؛ فالقضية الفلسطينية هي الأمن الاستراتيجي الأكبر، والمشكلة الأساسية للعالم الإسلامي، وهذا ما تؤمن به إيران دائما وأبدا.

انظروا إلى الخطاب التاريخي للإمام الخميني في انتفاضة 15 خرداد (5 و6 حزيران/ يونيو 1963)، عندما بدأت الانتفاضة من الحوزة العلمية الدينية في مدينة «قُم» بعد خطابه الشهير على مدار ساعة تقريبا، وذكر فيه «الشاه» 15 مرة؛ فقد كان الخطاب موجّها ضد الديكتاتورية والاستبداد، لكنه وفي نفس الخطاب ذكر «إسرائيل» 18 مرة، وربط بين المشروع الاستعماري الصهيوني، والمشروع الاستبدادي والديكتاتوري الإيراني، وهذا إن دل فإنما يدل على موقف الجمهورية الإسلامية، وأهمية القضية الفلسطينية لدى الثورة، والتي اعتبرتها إسرائيل آنذاك بأنها "الزلزال الأكبر الذي هز الكيان الصهيوني".

لكن هناك انتقادات توجّه لإيران والبعض يقول إنها لم تأخذ موقفا حاسما في مواجهة الاحتلال، وإنها تخلت بشكل أو بآخر عن المقاومة الفلسطينية، وسط تساؤلات: أين وحدة الساحات.. ما تعقيبكم؟

وحدة الساحات التي تمتد من بغداد إلى صنعاء إلى بيروت وإلى دمشق وإلى طهران.. هل يقودها النظام الرسمي العربي أو يدعمها؟!!، الفلسطينيون هم مَن يجيبون على هذا السؤال أيضا.

أين النظام العربي الرسمي؟!!، وأين القوى الإسلامية التي كانت تدافع وتتحدث ( عن فلسطین)؟!!وأين القوى التي تملك القاعدة الشعبية من القضية الفلسطينية؟، نحن نعرف الظروف والضغوط، وكثير من هذه القضايا، وعلى الجميع أن يجيب عن السؤال: مَن يدير المعركة في اليمن، وبغداد، وطهران، وبيروت؟

والانتقادات الموجّهة لإيران هي جزء من الحرب النفسية والإعلامية الموجهة من قِبل الامبراطوريات الإعلامية، التي تقف مع الكيان، وتشنّ هذه الحرب ضد المقاومة ومحور المقاومة بكل أشكاله، وأبعاده، هي فقط تريد النيل من وحدة الساحات.

وحدة الساحات الآن ربما هي الأهم والأجمل والأكبر، وتلعب هذا الدور القيادي والريادي الذي لا مثيل له على مدى العقود الماضية، هل يستطيع أحد أن ينكر الموقف اليمني تجاه الضغط الاقتصادي على الكيان الصهيوني، أو موقف المقاومة في جنوب لبنان، أو موقف طهران الداعم، أو موقف بعض القوى الإسلامية في العالم؟؛ فهذا الذي ينتقد ويتحدث.. أين هو من القضية الفلسطينية؟، وأين هو من نصرة شعب غزة؟

أين هم علماء السلاطين، الذين يملكون الميكروفونات، والمنابر الإسلامية الكبرى على مستوى العالم الإسلامي؟ انظر كيف يتحدثون عن حركة "حماس"، ويتحدثون عن القوى الفلسطينية؟، وكيف يتهمونها بالوقوف مع محور المقاومة؟، هؤلاء أصبحت مواقفهم مخزية ومعيبة للغاية، ويجب أن تُنتقد في ظل الصمت الرهيب الذي نشاهده هنا وهناك.

الموقف الإيراني كان وما زال واضحا، وداعما بكل أشكاله للقضية، وهذا يتحدث عنه الفلسطينيون في غزة، والضفة الغربية، وفي الميدان، وفي المنابر السياسية، وحتى في داخل الأنفاق؛ فلا يستطيع أحد أن ينكر هذا الموقف.

إيران أعلنت أكثر من مرة أنها تدعم "المقاومة" في فلسطين والمنطقة.. فماذا لو لم يكن هناك دعم إيراني لقوى المقاومة؟

هذا السؤال يجب أن يوجّه إلى الذين يتهمون إيران بالتخلي عن القضية الفلسطينية، وهو سؤال مهم جدا، إن لم تكن هذه القوى الداعمة للقضية الفلسطينية في الساحات الإسلامية والعربية التي تسمى بمحور المقاومة.

محور المقاومة أصبح الآن أكثر انسجاما، ويملك استراتيجية واضحة، ويدخل المعركة بقوة، ولكنه لن يعطي الفرصة لنتنياهو كي يبرر اتساع رقعة هذه الحرب، وإعطائه الذرائع.

ومحور المقاومة هو العمود الفقري، وعمود الخيمة، ولكم أن تتخيلوا كيف كان سيكون وضع القضية الفلسطينية في حال غياب الدعم الإيراني؟، وأعود وأكرر أين المنتقدون؟، وأين النظام العربي الرسمي؟، وأين الدول المجاورة لفلسطين المحتلة؟، ولماذا هذا الصمت الرهيب، وهذا التواطؤ؟، ولماذا هذا الدعم التآمري للكيان المحتل؟

هذه فرصة تاريخية لتُفتح الحدود، وتُفتح الأجواء والمنافذ، وتُقدم تلك المساعدات الكبرى المتواجدة على الحدود، والتي تأتي من كل صوب وحدب، وأن يُسمح لهذه الشعوب المنتفضة بدعم القضية الفلسطينية، ولنرى تنافس المتنافسون والمتسابقون لدعم هذه المشاريع الخيرة، والدعم يجب ألا يكون متناهيا لشعبنا في فلسطين.

كيف تردون على مَن يقول بأن المقاومة باتت مجرد أداة في أيدي إيران؟

هذه الأقاويل تُطرح من أناس هم أبعد ما يكون عن القضية الفلسطينية، والدعم الشعبي الفلسطيني، وربما يطرحون هذه الأسئلة للحيلولة دون الوصول إلى الوقائع على الأرض؛ فإذا تدخلت إيران ودعمت المقاومة يقولون هذه قضية إيرانية، ثم يتهمون الفلسطينيين بأنهم جزء من المخطط والمشروع الإيراني، وإذا اتخذت إيران بعض المواقف التكتيكية في هذا الإطار ولم تعلن عن عمق الدعم.. تُطرح أسئلة: "لماذا هذا الصمت، والانزواء، ولماذا عدم الدعم الإيراني؟".. فكيفما عملت ستجد آلة الثرثرة الإعلامية تقوم بأداء دورها المتكامل مع المخطط الاستعماري الصهيوني العسكري والأمني، وكلها أمور لا تقدم ولا تؤخر، وتحاول يائسة شيطنة محور المقاومة بكل السبل الخبيثة.

الإيرانيون منذ اندلاع ثورتهم وقبل ذلك مُصمّمون على نصرة القضية الفلسطينية، ويدفعون الثمن باهظا دائما، وكل الرسائل التي تصل إلى إيران من هنا وهناك، في السر والعلن، تطالب إيران بتغيير موقفها من القضية الفلسطينية، من أجل إنهاء الحصار عليها.

لكن إيران تسير في هذا الاتجاه على أصول ومبادئ، ولن تتخلى عن مبادئها، وهذا الأمر بات واضحا للجميع.

هل تلقت طهران بعض الرسائل خلال الفترة السابقة بشكل غير مُعلن من أجل تغيير موقفها من القضية الفلسطينية؟

نعم تلقت بالتأكيد، وهذه "النصائح" أو الضغوط والتهديدات دائمة ومستمرة من أصدقاء وحلفاء، والضغوط متتالية، وإيران تعرف أن العدو يريد أن يستفرد بالتيارات الإسلامية الكبرى في المنطقة.

إسرائيل مشروع استعماري بامتياز وليست مجرد احتلال -كما قال المفكر الجزائري مالك بن نبي-؛ فلأول مرة نرى الأساطيل العسكرية الأمريكية والغربية تدخل المنطقة بقادتها، ولأول مرة نرى الدبلوماسيين والرؤساء والمسؤولين الأمريكيين والغربيين يدخلون مباشرة غرفة العمليات العسكرية الإسرائيلية، ويرتدون الزي العسكري بدلا من الزي الدبلوماسي الذين كانوا يرتدونه في الظاهر، وهذا يدل على أهمية هذا المشروع، وأهمية تنفيذ وعد بلفور 1917، وأهمية الإبقاء على اتفاقية «سايكس بيكو»، إذن هو مخطط استعماري بامتياز، وليس مجرد احتلال.

وهذا المشروع الاستعماري يستهدف كل الدول الإسلامية، وشعاره "من النيل إلى الفرات"، وهو مشروع استراتيجي بالنسبة للغرب، وشاهدنا بصورة واضحة التعامل مع القضية الأوكرانية، وكيف وُضعت جانبا عندما اشتعلت الانتفاضة في غزة، والأراضي الفلسطينية، وكيف أصبحت أوكرانيا قضية هامشية عندما اُستهدف المُخطط الاستعماري في العالم الإسلامي في فلسطين.

لذا، يجب النظر إلى الموضوع من هذه الزاوية، وعلينا ألا نتبع العناوين الخاطئة التي تُرسم لنا من قِبل أعدائنا ومحتلينا.

مَن هم الوسطاء الذين نصحوا طهران بتغيير موقفها من دعم القضية الفلسطينية؟ ومَن الذي طلب منهم ذلك؟

الوسطاء متعددون ومختلفون، ومنذ أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر وحتى الآن هناك "ازدحام مروري" سببه كثرة الوسطاء، سواء في بيروت، أو في العواصم العربية والإسلامية الأخرى التي تفضل الوقوف بجانب المُخطط الاستعماري؛ فطهران تتعرض لضغوط، وفي بعض الأحيان تقدم لها النصائح في إطار هذه الضغوط، وتصل هذه النصائح عبر حكومات رسمية، أو منظمات دولية.

هذه النصائح تأتي بأنماط مختلفة، وقد لاحظنا نوعا من التغيير في أسلوب تلك النصائح خلال الفترة الأخيرة، وتغييرا في اللهجة المتداولة، والسبب هو التحولات الكبرى التي شاهدناها ويشاهدها الرأي العام العالمي.

أقول دائما: لو أن الأخوة في "حماس"، والفلسطينيون بوجه عام، كانوا يعرفون مدى التأثير الكبير الذي أحدثوه في 7 تشرين الأول/ أكتوبر على مستوى الرأي العام العالمي، وعلى مستوى الإمبراطوريات الإعلامية، وعلى مستوى المفاهيم الفلسفية السياسية الغربية، وما يتعلق بمفاهيم الثورة الفرنسية، والثورات الأخرى التي تنادي بحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل، والمؤسسات القائمة على المفاهيم، ولو كانوا يعرفون مدى التغيير الذي أحدثوه في الشباب في العالم الغربي، لاستبدلوا "طوفان الأقصى" بـ "تسونامي الأقصى"، وهذه نقطة مهمة تُحسب للفلسطينيين ولحركة "حماس"، ولباقي التيارات الجهادية والمقاومة الوطنية والإسلامية في فلسطين.

وبماذا ردت طهران على هذه الرسائل؟

هذه الرسائل لم تكن رسائل جديدة، لأنها بدأت منذ أن رفع الإيرانيون شعار "اليوم إيران وغدا فلسطين" عام 1979، ومنذ أن سلّم نجل الإمام الخميني آنذاك السيد أحمد الخميني السفارة الإسرائيلية في طهران إلى السيد ياسر عرفات "أبو عمار"، ومنذ تلك اللحظة وحتى الآن وهذه الرسائل، والعقوبات، والضغوط تتواصل، والرد كان وسيظل واضحا: أوقفوا العدوان، أوقفوا الاحتلال، أوقفوا المشروع الصهيوني، تنتهي الأمور، بينما الجديد أن تلك الرسائل كانت مكثفة ولافتة منذ "طوفان الأقصى".

لو كانت إيران تريد أن تأخذ بهذه النصائح لكانت الثورة اتبعت مسارا آخر ككثير من الثورات السابقة، بينما الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية اليوم، وكل التيارات التي تؤمن بمكافحة الاستعمار والاستكبار، هم أكثر عزما، وصمودا، ومقاومة، وكل ما نشاهده في وحدة الساحات، وفي هذا النمط الجديد الذي دخل الأدب المقاوم في الساحة هو جراء هذه المواقف، وهو نابع من الصمود، ومن المواقف الإيرانية المستمرة على مدار نصف قرن.

هل تسعى إيران لإقامة قواعد عسكرية على البحر الأحمر من خلال السودان، كما نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخرا؟

لا أعرف سبب وجوب الرد الإيراني على كل مفردة وكل موقف وكل حديث تتناقله الإمبراطوريات الإعلامية المنتشرة على مدى الجغرافيا الواسع.

والسؤال الذي يجب طرحه لهؤلاء: هل إقامة القواعد العسكرية منحصر فقط على الدول التي تبعد آلاف الكيلومترات، وتتحكم بها باسم مصالحها الوطنية –إن صح الخبر-.

القواعد الأمريكية والغربية المتواجدة في كل العالم، في نظرهم قواعد صالحة ومهمة وذات بُعد ضروري واستراتيجي، ولكن إذا كانت هناك قواعد لدول أخرى فهي قواعد مُحرّمة، وغير صحيحة.

القواعد العسكرية المُقامة في دول المنطقة من قِبل المسؤولين المحليين والإقليميين، تحكمها العلاقات بين دول المنطقة، وهذه الدول تعرف كيف تتعامل، وكيف تخطط علاقاتها مع حلفائها وأصدقائها.

السودانيون كانوا وما زالوا -وهذا يعرفه الجميع وخاصة الإسلاميون على مدى العقود الماضية– يعرفون ماذا قدمت إيران للسودان، والشعب السوداني يعرف جيدا الخدمات التي ما زال يعيشها الشارع السوداني، ولم تطلب إيران يوما من السودانيين ومن شعوب المنطقة الأخرى مقابلا أمام هذه الخدمات، ومقابل هذا الدعم اللامتناهي.

هل من الوارد أو المحتمل أن تدخل إيران في حرب مباشرة مع إسرائيل خلال الفترة ‏المقبلة؟ وماذا لو دخلت إيران في حرب مع إسرائيل؟

الظروف والتطورات هي التي تحكم هذا الأمر، والصهاينة يعرفون مدى قوة وإرادة إيران، ويعرفون قدرات محور المقاومة، ويعرفون الوحدة التي دخلت الأدبيات العسكرية بمصطلح "وحدة الساحات"، وهم لن يتجرأوا على الدخول في حرب مباشرة وغير مدروسة مع المقاومة الإسلامية في لبنان مع حزب الله؛ فكيف بهم إن دخلوا في حرب مع قوة كبيرة، ولاعب إقليمي يملك القدرات العسكرية، والأمنية، والطاقة الشعبية في العدد الهائل من النفوس، والعدد الكبير من المتطوعين الذين ينتظرون هذه اللحظة.

الإيرانيون، وحلفاؤهم في المنطقة يدركون جيدا كيف يتعاملون مع أي أزمة وأي حرب مستقبلية، وأي مُخطط استعماري مستقبلي؛ فهم يملكون قدرا من الذكاء يجعلهم يسيرون في هذا الاتجاه، أما الأفخاخ فلن ترهبهم، ولن تغير مسارهم؛ فهم حذرون، ومُستعدون كامل الاستعداد، وهذا ما تعرفه القوى الاستعمارية جيدا.

Image1_320241322711893053773.jpg
Image2_320241322711893053773.jpg
Image3_320241322711893053773.jpg
التعليقات (0)