ملفات وتقارير

"تتعرض لحملات تحريض".. جهات يهودية ترفض الحرب والفكر الصهيوني

تعرضت المنظمات اليهودية الرافضة للحرب والداعمة لفلسطين لحملة تحريض إسرائيلية واسعة- منصة "إكس"
لم يقتصر دعم الحراك المناهض للاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة على الجهات العربية والإسلامية المعروفة تقليديا وعقائديا بدعمها للقضية الفلسطينية، بل إنه امتد ليشمل منظمات يهودية مناهضة للفكر الصهيوني وتوجهات الحكومة الحالية.

وتزامن ذلك مع حملة تحريض واسعة وقمع ضد هذه المنظمات والجهات، بحجة معاداة السامية أو الصهيونية، ودعم "الإرهاب والتطرف".

وتعد منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" وحركة "ناطوري كارتا"، من أكثر الجهات اليهودية التي دعمت الحراك الداعم لفلسطين وتعرضت للهجوم جراء ذلك.

 "الصوت اليهودي من أجل السلام"
مجموعة تهدف إلى "تعزيز السلام والعدالة والمساواة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين"، ورغم أنها لا تعارض بشكل صريح وجود "إسرائيل"، فإنها تعارض احتلال الأراضي الفلسطينية وتدعو إلى حل عادل ودائم يحترم حقوق وكرامة جميع الناس في المنطقة.

وتأسست المجموعة عام 1996 في سان فرانسيسكو على يد نشطاء مناهضين للاحتلال، بما في ذلك توني كوشنر ونعوم تشومسكي، وهي حركة وطنية تضم نشطاء طلابيين في الجامعات.


وبحسب موقعها الرسمي، فإن المجموعة تعتمد على التمويل الذاتي والتبرعات، وتبلغ ميزانيتها الإجمالية حوالي ثلاثة ملايين دولار، وتستخدم هذه الموارد لتعزيز رؤيتها وأهدافها المتمثلة في الحرية والعدالة والمساواة.


وتقدم المجموعة نفسها على أنها تتصور "قطع خرسانة جدار الفصل العنصري منهارة على الأرض الفلسطينية الحرة، والسجون والمعتقلات الإسرائيلية فارغة ومفككة"، وتتصور "عودة اللاجئين الفلسطينيين ولم شملهم مع عائلاتهم ومجتمعاتهم"، وتتصور "الفلسطينيين، من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وهم يعيشون مع احترام حقوقهم غير القابلة للتصرف، ويبنون المدارس والمستشفيات ويزرعون بساتين الزيتون بالموارد التي يحتاجون إليها".

وينشط ما يقرب من 12 فرعا لها في حرم الجامعات، ويعمل الأعضاء مع فروع أخرى من المجموعات الطلابية المختلفة المناهضة لـ"إسرائيل".

وبعد بدء الحرب الحالية على غزة، دعت المجموعة الحكومة الأمريكية إلى "اتخاذ خطوات فورية لسحب التمويل العسكري لإسرائيل ومحاسبة الحكومة الإسرائيلية على انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب ضد الفلسطينيين".

ومن جهته، يقول موقع "كاكليست" الإسرائيلي، عن حراك الجامعات الأمريكية والمنظمات الداعمة لفلسطين: "يبدو أن الجهة التي تجاوزت الخط الأحمر وتسببت في أكبر قدر من الغضب هي منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام، التي لا توجه أي انتقاد تقريبا للفظائع التي ارتكبت في السابع من أكتوبر".


وأضاف الموقع أن مجموعة "الصوت اليهودي" تنشط بشكل رئيسي في الجامعات الكبرى على السواحل الشرقية والغربية للولايات المتحدة، وتتمتع بتبرعات من بعض أكبر المؤسسات، وتدعم حركة المقاطعة (BDS) وتشجع السياسيين الذين لديهم مواقف معادية ومناهضة لـ"إسرائيل".


وأفادت صحيفة "بوليتيكو" بأن العديد من أكبر المانحين للرئيس الأمريكي جو بايدن، يقدمون الدعم المالي لبعض المنظمين للمظاهرات المؤيدة لفلسطين، ومن بين هؤلاء الرعاة للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، هناك عائلات ذات نفوذ قوي جدا في أوساط الحزب الديمقراطي الأمريكي، ولا سيما عائلات: سوروس، وروكفلر، وبريتزكر.

وأكدت الصحيفة أنه تقف خلف الاحتجاجات في حرم جامعة كولومبيا والجامعات الأمريكية الأخرى، منظمات "الصوت اليهودي من أجل السلام" وIfNotNow التي تمولها مؤسسة Tides التي أسسها جورج سوروس وتتلقى أموالا من بيل وميليندا غيتس. 

وهذه المؤسسة منحت ما يقرب من 500 ألف دولار لمجموعة الصوت اليهودي من أجل السلام على مدى السنوات الخمس الماضية، وفقا للإقرارات الضريبية.

وأوضح موقع "كاكليست" أن "التظاهرات التي شارك فيها نشطاء المجموعة والمقابلات التي أجروها منذ 7 أكتوبر، تكشف عن خط لا يحمل الكثير من الفهم أو التعاطف مع حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، والعكس صحيح، وسهام انتقادات المنظمة تكاد تكون دائما موجهة نحو إسرائيل وردها العسكري في قطاع غزة".

وذكر أنه في بيان المجموعة الأولي فإنها اعترفت بـ "سلسلة الأحداث التي أدت إلى اندلاع الحرب، لكنها رفضت إدانة حماس بشكل واضح لا لبس فيه، وشرعت على الفور في الهجوم قائلة: إن جذر العنف هو القمع والفصل العنصري الإسرائيلي والاحتلال وتواطؤ الولايات المتحدة فيه، هذا هو مصدر كل هذا العنف". 


ونتيجة التحريض المستمر، أعلنت جامعة كولومبيا تعليق عمل المجموعة اليهودية مع منظمة طلابية أخرى، بزعم انتهاك لوائح الجامعة في ما يتعلق بإقامة الفعاليات في الحرم الجامعي، وأنهما تستخدمان خطاب "الترهيب والتهديد". 

"ناطوري كارتا" 
وتعني "حارس المدينة"، وهي حركة دينية يهودية مناهضة للصهيونية، وتضم مجموعة من النشطاء الذين يمثلون العديد من الذين يدافعون عن اليهودية الحقيقية ويروجون لليهودية التقليدية في معارضة الفلسفة الصهيونية. 

وتعارض الحركة وجود "دولة إسرائيل"، وتدين الاحتلال الصهيوني لفلسطين، إلى جانب إدانة الفظائع المستمرة المرتكبة ضد شعبها، وتؤكد أن الحركة الصهيونية تشكلت من قبل يهود غير ملتزمين بهدف تحويل اليهودية من دين إلى قومية، واستبدال الولاء لحركة سياسية باعتبارها الصفة المميزة لليهود بالوفاء للتوراة. 

وتقول الحركة إنه "من أساسيات اليهودية أننا شعب منفي بأمر إلهي، وكان مطلوبا أن نكون مواطنين مخلصين، وليس متمردين أو يشنون حروبا، وكان نفينا من الأرض المقدسة مرسوما إلهيا وسينتهي بأعجوبة في الوقت الذي تتحد فيه البشرية جمعاء في الخدمة الأخوية للخالق، ولذلك فإن أيديولوجية الصهيونية، وهي ابتكار حديث، تسعى إلى إنهاء المنفى بالقوة، تتعارض مع العقيدة اليهودية وآلاف السنين من التقاليد اليهودية المقبولة جيدا".


ويشارك أعضاء "ناطوري كارتا" بنشاط في الأحداث والمظاهرات إلى جانب الفلسطينيين، ويدعون إلى حل سلمي للصراع وإنهاء السياسات الصهيونية عبر "التفكيك السلمي لدولة إسرائيل".

وجاء في تقرير لموقع "فورورد" المعروف بدعمه لـ "إسرائيل"، أنه "غالبا ما تظهر صور المسيرات المؤيدة لفلسطين في الولايات المتحدة منذ اندلاع الحرب مجموعة من الرجال اليهود الأرثوذكس، يرتدون المعاطف السوداء الطويلة وقبعات الفرو الخاصة بالحريديم، مع وجود علامات كبيرة على أجسادهم، ويعد اليهود الحريديم مشهدا نادرا في الاحتجاجات من أي نوع، لكن المجموعة ظهرت في الاحتجاجات في: بوسطن، وجيرسي سيتي، ومونتريال، وواشنطن العاصمة، ومانهاتن وبروكلين".


وأضاف التقرير أنهم "ليسوا متظاهرين مضادين؛ وبدلاً من ذلك، فإن إشاراتهم تنتقد إسرائيل بأقسى العبارات، وتلقي باللوم عليها في كل أعمال العنف التي شهدتها الحرب وتشجع على القضاء التام على الدولة اليهودية، وهي مواقف ترتبط عموما فقط بالجماعات اليسارية المتطرفة - ولا تكاد تكون أبدا مع الجماعات الأرثوذكسية، التي تتماشى مع إسرائيل".


واعتبر أن "معاداة ’ناطوري كارتا’ للصهيونية متطرفة، لدرجة أن معظم الجماعات الأرثوذكسية، تبرأت منها، في حين أن معظم الطوائف الحريدية تقبل دولة إسرائيل العلمانية، حتى وإن لم تؤيدها، تعمل ’ناطوري كارتا’ بنشاط على تقويضها والدعوة إلى تفكيكها، وقد تحالفت مع أعداء إسرائيل، بما في ذلك أولئك الذين عبروا عن معاداة السامية بشكل علني، مثل إيران وحزب الله".



وجاءت في اللافتات، التي حملها أعضاء الحركة في التظاهرات المناهضة للحرب: "التوراة تطالب بإعادة كل فلسطين إلى السيادة الفلسطينية، ويهود التوراة الحقيقيون يعارضون العدوان على الأقصى واحتلال كل فلسطين، وأن دولة إسرائيل لا تمثل يهود العالم".

وقد ركزت تصريحات الحركة في المسيرات منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على الفرق بين اليهودية والصهيونية، والمقارنات بين محنة الفلسطينيين في غزة واليهود خلال المحرقة؛ ويشيرون إلى قيام "إسرائيل" عبر ما اصطلح عليه فلسطينيا بـ"النكبة".

وركزت التصريحات أيضا على المعدلات المتزايدة الأخيرة لمعاداة السامية حول الحرب، مؤكدة أن "إسرائيل" هي أصل العنف المتزايد تجاه اليهود. وقال يسرائيل دوفيد فايس، وهو أحد قيادات الحركة خلال تجمع في جيرزي سيتي: “إن دولة إسرائيل باحتلالها شعب فلسطين، تعمل على تفاقم معاداة السامية.. تراجعوا وفكروا في سبب معاداة السامية هذه".


واعتبر التقرير أنه "نظرا لتكتيكات ’ناطوري كارتا’ المتطرفة في الماضي، فإن العديد من اليهود، حتى أولئك المناهضين للصهيونية بحماس، يشعرون بالقلق من التحالف مع المجموعة المتهمة بـ"بيع إخوانهم اليهود" من خلال التحالف مع الجماعات المعادية للسامية، فضلا عن استخدام مظهرهم كعملة لتقديم أنفسهم كمتحدثين باسم اليهود".


وأضاف: "تشير العديد من المقالات الأكاديمية إلى أساليبهم في الظهور في الأحداث الكبرى التي يحضرها الصحفيون، معتمدين على ملابسهم الأرثوذكسية لجذب الانتباه إلى قضيتهم".

وبهذا الشأن، تقول رابطة مكافحة التشهير "ADL" إن "اليهود من جميع الأصناف يتبرأون من المجموعة على نطاق واسع، لكن خطاباتهم المنتظمة في المظاهرات من المحتمل أن تقنع المارة بأن موقفهم ضد إسرائيل منتشر على نطاق واسع بين اليهود المتدينين".