سياسة عربية

إسلامي مغربي يطالب بالتصدي للتطبيع وينتقد توهين الإرادة

عبد العزيز أفتاتي: نتفهم انتقادات إخوتنا في العالم ولكننا نرفض لغة التخوين (فيسبوك)

أعلن المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب، تأجيل الدورة الاستثنائية للمجلس التي كان من المقرر عقدها الأحد.

 

وأوضح المجلس في بيان لرئيسه إدريس الإدريسي، أن التأجيل يأتي بناء على طلبات بعض أعضاء المجلس الوطني، وباتفاق بين مكتب المجلس والأمانة العامة.

 

وكان رئيس الوزراء السابق عبد الإله بن كيران، قال إنه طلب من رئيس المجلس الوطني للحزب تأجيل الاجتماع "من أجل التوصل إلى هدوء أكثر لضمان نتائج اجتماع موحد".

 

ومن المفترض أن يناقش الاجتماع مشاركة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في التوقيع على "إعلان مشترك" بين المغرب والاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، خلال أول زيارة لوفد رسمي إسرائيلي أمريكي للعاصمة الرباط.


ولم تفلح مواقف الذراع الدعوية للحزب "حركة التوحيد والإصلاح" ولا الذراع الشبابية، "شبيبة العدالة والتنمية"، ولا باقي المنظمات التي يشترك في دعمها حزب العدالة والتنمية، الرافضة للتطبيع مع الاحتلال، في التخفيف من وطأة مشاركة الأمين العام للحزب شخصية في حفل توقيع "الإعلان المشترك"، الذي تم بموجبه قرار استئناف العلاقات المغربية ـ الإسرائيلية.

واعتبر عضو الأمانة العام لحزب العدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي، في حديث مع "عربي21"، "أن النقاش الدائر بين مكونات العدالة والتنمية بسبب التطورات المتسارعة التي عرفها ملف العلاقات المغربية مع الكيان الصهيوني، هي حوارات جدية، وتدور في كنف المؤسسات والقوانين الناظمة للحزب".

وأكد أفتاتي "أن الحزب بكل قياداته ومؤسساته فوجئوا بمشهد التوقيع، الذي تم يوم الثلاثاء الماضي، أي بمشاركة الأمين العام الدكتور سعد الدين في ذلك".

وقال: "منطق التخوين والاتهامات التي يسوقها البعض للعدالة والتنمية أو لأمينه العام وللدولة المغربية، مجانب للصواب، ولا يعكس الحقيقة، لقد حُشر الأمين العام، وربما المغرب كذلك، في الزاوية، وتم ابتزازها بالقضية الوطنية، في وقت قياسي، وبالتالي فالكل في وضع صعب ويدبّر الإكراه".

وأشار أفتاتي إلى أن برلمان الحزب "المجلس الوطني"، "سيجتمع بعد غد الأحد عن بعد، لوضع النقاط على الحروف في الذي جرى، والبحث في السبل الكفيلة بتقوية جبهة التصدي والمقاومة والممانعة الرافضة للاختراق الصهيوني".

وقال: "لكنني لا أريد تضليل الناس، وعليهم ألّا يراهنوا على فتح كبير خلال هذا الاجتماع، المطلوب في هذه المرحلة تدبير الأمور خطوة خطوة حتى تتضح الصورة للدولة، والخروج من الحكومة لن يقدم شيئا للدولة، وإنما ينبغي أن نستمر في المقاومة والممانعة ومناهضة التطبيع والاختراق الصهيوني لبلادنا".

وأكد أفتاتي، "أن لا أحد من قيادات العدالة والتنمية ولا من قواعدها ولا أحد من المكونات الرئيسية للدولة يمكنه أن يخذل الحق الفلسطيني أو يبدل موقفه من الثوابت الفلسطينية".

وقال: "أتفهم غضب البعض ممن رأوا في الصورة التي ظهرت في الإعلام لمشاركة رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني في توقيع الإعلان المشترك إلى جانب ممثل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، لكن ما يجب أن يعرفه هؤلاء أيضا أنه لا يمكن اتهام الدكتور سعد لا بالجبن ولا بالخيانة، ولا يمكن القول إنه وقّع وقلبه مطمئن، هذا غير صحيح بالمرة".

وأضاف: "أيضا نحن في المغرب في سفينة واحدة، ولا تمييز بين رسمي وشعبي، نحن في نفس الوضع الصعب والبالغ التعقيد".

ولفت قيادي العدالة والتنمية إلى أن "الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة مثل الرمال المتحركة وأنها ليست ثابتة على نسق واحد، وأن الكيان الصهيوني يعيش أزمة داخلية عويصة، وأنه لا يمكن الرهان عليه في إقرار السلام في أي مكان".

وأضاف: "نحن نعلم جميعا أنه لا أحد يمكنه منافسة الرئيس محمود عباس في الرهان على خيار التسوية، وهو خيار أثبت فشله على مدى العقود الأربعة الماضية، وبالتالي الخيار المتبقي هو دعم جبهة المقاومة والصمود والممانعة".

وردا على الانتقادات التي توجه للعدالة والتنمية ولقيادته بشأن الموقف من فلسطين، قال أفتاتي: "أنا أتفهم انتقاداتهم لكنني أدعوهم للصبر أولا ثم للمساعدة في المبادرات التي تحاول أن تقاوم، وعدم الاستمرار في خيار التوهين والترذيل والتخوين، فهذا يقدم خدمة مجانية للاحتلال".

وأضاف: "الإسلاميون ومعهم غالبية الطيف الوطني على طرفي نقيض مع الكيان الصهيوني، ولذلك ينبغي تجميع الصفوف بعيدا عن المهاترات والمزايدات لمواجهة الأخطار المحدقة بنا وعلى رأسها المشروع الصهيوني".

وحول رهانات الانشقاق والخلاف بين مكونات العدالة والتنمية على خلفية الموقف من التطبيع، قال أفتاني: "صحيح هناك آراء حادة برزت في صفوف أبناء العدالة والتنمية، ولكنها لا تصل مستوى التخوين، وبالتالي المرحلة تتطلب أن نواجه التحديات مجتمعين لا متفرقين"، على حد تعبيره.

من جهته رأى محمد أمحجور، عضو المجلس الوطني في حزب العدالة والتنمية، أن الوضع الذي يعيشه العدالة والتنمية هو وضع مركب ومعقد إلى درجة كبيرة.

وقال أمحجور في مقال له نشره موقع العدالة والتنمية اليوم الجمعة: "ربما لأول مرة نجد فيه أمهات القضايا مجتمعة ومتداخلة ومتلبسة وملتبسة ومتشابكة ومتشاكسة؛ وهي في نفس الوقت قضايا نحتت وعي النخب السياسية عموما، لكنها نحتت على وجه الخصوص وعي حزب العدالة والتنمية ورسمت خارطة طريق مساره السياسي والنضالي".

وأضاف: "في هذا الوضع الذي نعيشه اليوم اجتمعت وتزامنت واشتبكت القضية الوطنية والقضية الفلسطينية والكيان الصهيوني والتطبيع وحزب العدالة والتنمية بمواقعه ومسؤولياته في رئاسة الحكومة، وقبل كل هذا وبعده ومعه حضور جلالة الملك بمسؤولياته السيادية باعتباره رئيسا للدولة وممثلها الأسمى وضامنا لاستقلال البلاد ووحدتها الوطنية والترابية".

 



وأكد أمحجور أن "مجريات هذه الأحداث وضعت حزب العدالة والتنمية في موقع جد صعب ومحرج، بحيث وجدت قيادة الحزب نفسها أمام امتحان صعب ودقيق متعلق بقدرتها على تدبير وترتيب أمهات القضايا التي أشرنا إليها بما يَدْرَأُ عنها التعارض ما أمكن، وبما يرتبها ترتيبا سياسيا يراعي الأهمية والأولوية والانسجام مع مسؤوليات الحزب وأدواره ومواقعه، وبما يرسخ أدواره الوطنية الرامية إلى الإسهام في إسناد الدولة وتمنيعها وتحصينها من مؤامرات خصومها وأعدائها".

وأضاف: "إن مجريات الأحداث الأخيرة وضعت الحزب في تناقض كبير وفاقع بين مقتضيات مواقفه ومذهبيته السياسية التي تتبنى القضايا الوطنية وتنافح عنها وتعطيها الصدارة عما دونها من القضايا والأولويات من جهة، وارتباطه الفكري والوجداني والنضالي بالقضايا العادلة للأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية بكل ما تمثله من ثقل ورمزية من جهة أخرى، وهو التناقض الذي بلغ مداه حين وجد الأمين العام للحزب نفسه أمام ذلك الموقف الصعب والمحرج الذي وُضِعَ فيه حين التوقيع على الإعلان الثلاثي الذي تم أمام جلالة الملك". 

وأكد أمحجور "أن هذا التناقض يقتضي تقديم جواب سياسي واضح ومسؤول"، وقال: "ليس هناك للأسف متسع يمكن ملؤه بعموم القول وبمرسل الكلام، بل لا بد من إفراز موقف موحد ومحدد تفرزه المؤسسات الحزبية صاحبة الاختصاص".

وتساءل أمحجور عن الخيارات الممكنة أمام العدالة والتنمية في التعامل مع هذا المستجد، سواء عبر القبول بتحمل الضرر والتضحية بنفسه حفاظا عن الوحدة الوطنية، أو باستقالة رئيس الحكومة والعودة إلى المعارضة، أو بإعلان فشل خيار الإصلاح وحل الحزب.

وقال: "إن المسؤولية السياسية تقتضي الاجتماع على موقف واحد تقرره مؤسسات الحزب المختصة، التي عليها أن تتحمل مسؤوليتها في تقييم الوضع السياسي الوطني ومسؤوليات الحزب وبيان ما إذا كان الوضع قد وصل إلى حد لم يعد للحزب فيه دور يذكر، فانتفت معه جدوى مهامه الإصلاحية ودوره السياسي من موقع رئاسة الحكومة والمشاركة فيها، وهو الأمر الذي إن رجح وثبت فليس له من جواب سياسي إلا أن يقدم الأخ الأمين العام استقالته من رئاسة الحكومة ليترتب على ذلك ما ينبغي أن يرتب من نتائج ومقتضيات، ولنتحمل بعد ذلك جميعا مسؤولياتنا السياسية دون لف ولا دوران". 

وأضاف: "غير هذا الوضوح في الموقف والقرار فإن كل الحلول الهجينة الأخرى ستدخلنا في متتاليات من الخسائر غير المحدودة في جميع الاتجاهات، وستجعلنا نخبط خبط عشواء".

وانتهى أمحجور إلى التأكيد على "أن هذا الوضع الصعب والمعقد لا يترك لهم من خيار إلا خيار الوقوف إلى جانب الملك في تدبيره لهذه اللحظات الصعبة والدقيقة، والتمترس خلفه، بتعبير الأستاذ عبد الإله بنكيران، إلى أن تنجلي الصورة وتضع ''الحرب'' أوزارها". 

وأضاف: "لا يحق للحزب ولأبنائه وبناته اليوم أن يقفزوا من السفينة في هذه اللحظات، وإن هم فعلوا فلا حق لهم بعد اليوم في أن يتحدثوا عن المساهمة في الإصلاح إلى جانب جلالة الملك، فليس الأمر لهو ولعب وزينة وتفاخر في المناصب والمسؤوليات، بل هو أمر جد إما يحمل جملة بما له وما عليه أو يترك مرة واحدة كما يترك الجمل بما حمل"، على حد تعبيره.

يذكر أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب "العدالة والتنمية" في المغرب، كان قد رفض، مطالب إقالة سعد الدين العثماني من منصبي رئيس الحكومة وأمين عام الحزب، غداة توقيعه "إعلانا مشتركا" مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

 

 



وفي كلمة له خلال بث مباشر على صفحته بـ"فيسبوك"، قال بنكيران: "أرفض مطالب إقالة العثماني بعد توقيع الإعلان المشترك مع إسرائيل، لأن حزب العدالة والتنمية حزب مؤسسات الذي يجتمع في أوقات محددة ويتخذ القرارات المناسبة".

وتابع: "العدالة والتنمية المغربي لا يمكن أن يخذل بلده بخصوص قراراته الأخيرة حيال الصحراء واستئناف العلاقات مع إسرائيل".

وأعلن المغرب، في 10 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، اعتزامه استئناف العلاقات الرسمية المجمدة مع إسرائيل منذ عام 2002.

وفي اليوم نفسه، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، المتنازع عليه بين الرباط وجبهة "البوليساريو".

وأثار قرار استئناف العلاقات مع إسرائيل غضبا بين عناصر داخل "العدالة والتنمية"، الذي يرفض، منذ تأسيسه عام 1967، أي تطبيع مع إسرائيل.

 

 

 



ووقع العثماني، الذي يترأس الحكومة منذ 2017، على "إعلان مشترك" بين كل من المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة، الثلاثاء، خلال زيارة وفد رسمي إسرائيلي أمريكي للرباط، التي وصلها، على متن أول رحلة طيران تجارية مباشرة من إسرائيل إلى المملكة.

واتفق المغرب وإسرائيل، بحسب الإعلان، على "مواصلة التعاون في عدة مجالات"، وأعلنا اعتزامهما "إعادة فتح مكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب"، و"الاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية الكاملة"، و"إقامة علاقات أخوية ودبلوماسية كاملة".

وأصبح المغرب الدولة المغاربية الوحيدة التي تقيم علاقات مع إسرائيل، وهو ما يعتبره مراقبون اختراقا إسرائيليا لافتا لمنطقة المغرب العربي، التي تضم أيضا الجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا.

كما أصبح رابع دولة عربية توافق على التطبيع مع إسرائيل، خلال 2020، بعد الإمارات والبحرين والسودان.

ومن قبل، ترتبط الأردن ومصر باتفاقيتي سلام مع إسرائيل، منذ 1994 و1979 على الترتيب.

 

 

اقرأ أيضا: الرباط تعلن قرب تسيير رحلات جوية مباشرة مع الاحتلال